العلم مفخرة و له قدسيته وشرف تعشقه القلوب والذي يعتز به كل شعوب الدنيا واي اساءة للعلم الوطني هو مؤشر خطير لتدهور الاوضاع ، وانزلاق نحو المواجهات الغير سليمة والتي لاتحمد عقابها لما يمثل ذلك من شعور معنوي لكل ابناء الوطن والمساس به لا يدل عن التعايش الاخوي التاريخي الذي يربط مكوناته .ولايخدم إلا العدو المشترك .
يُجمع العالم على أهمية التعايش السلمي ونبذ الصراع وتأكيد الحوار و التخلى عن الاسلوب العسكري في حل القضايا فهو لن يؤدي الى نتائج إيجابية ولا ينهي المشاكل انما يعقد الامور، اضافة الى التدمير وخلق الاحقاد ويعمق جذورها ويطبع آثاره على المستقبل،
يتطلب التفكير الجدي لايجاد فضاء رحب للقاء الافكار على اسس اهداف انسانية كبرى، وسط عالم يسوده العنف وتزعزع الثقة بالاخر وسوء التفاهم الديني، وتسييس التعاليم الدينية لتبرير ممارسات بعيدة عن جوهر وروحية الاديان، ان احترام الرأي الآخر، باب لابراز المشتركات في العقيدة والجوانب الأخلاقية والثقافية والتاريخ المشترك بين المكونات، وهي من الامور العاجلة لتذويب الفواصل و بناء عقائد توليفية جديدة بل للبحث الصادق عن قواسم مشتركة قائمة على الايمان بحق كل انسان ان يعيش معتقده بحرية وكرامة، وحقه في العيش الكريم. إن مواجهة تلك التحديات تستدعي وحدة الجميع وتقوية اواصر الثقة والاخوة البشرية لمستقبل اجيال.
ومن هنا ان تعرض أي بقعة من أرض العراق الى مشكلة ومن أي طرف كان، هو أمر يخص الوطن والمواطنين جميعاً، لذلك فأن الموقف منه يجب ان يكون وطنياً وشاملاً وتشارك جميع القوى والاطياف العراقية في معالجته انطلاقاً من نظرة شاملة تلتزم بوحدة أراضي العراق والمسؤولية الجماعية عن حمايتها والدفاع عنها، ووضع الحلول العملية للأزمات انطلاقاً من المصلحة المشتركة التي تجمع المواطنين في حماية الوطن الواحد والدفاع عنه.
من المؤكد على اهمية تطوير التعايش السلمي بين ابناء الشعوب والابتعاد عن اجواء التشنج والتوتر في هذه الظروف المهمة التي يمر بالعالم وهو عبئ بلا شك تقع مسؤوليتها على جميع الاطراف والمكونات. والتأكيد على الالتزام بالقانون كما يجب ان يُتفق على وجود قيم مشتركة تحدد مسار السلوك اليومي للأفراد على الرغم من اختلاف التوجهات والأفكار، انه هدف وروح المجتمعات المتحضرة التي تعمل على ممارسة مفاهيم وثقافة المواطنة الصالحة. ولعل المستفيد الأهم هم الشعوب أنفسهم نساءاً ورجالاً شيباً و شباباً الذين يبحثون عن الأمن والأمان من اجل تربية أفضل.
التعايش يعني العيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر. اي هوية العلاقة مع الآخر، فعندما تكون العلاقات إيجابية وعلى قدم المساواة معه، فإن ذلك سوف يعزز الكرامة والحرية والاستقلال، وعندما تكون العلاقات سلبية ومدمرة فإن ذلك سيقوّض الكرامة الإنسانية وقيمتنا الذاتية. وهذا ينطبق على الفرد والجماعة والعلاقات بين الدول، ،
التعايش هو مصطلح يستخدم بشكل مختلف و مترادف في سياقات عدة، كما استخدم بوصفه عبارة رئيسية في ظهور عدد كبير من الحركات الاجتماعية والسياسية، والسمة الرئيسية في تعريف كلمة «التعايش» هو علاقتها بكلمة «الآخرين» والاعتراف بأن « الآخرين» موجودون.
ان التحولات التي تمر بالمنطقة تركت العديد من الآثار السلبية في مختلف النواحي الحياتية وفرضت آثارها السلبية على التربية والتعليم والاعلام وعليه يجب على أصحاب القرار اعادة النظر في الخطط والسياسات العامة وعلى مجمل السياسات وخاصة التربوية حيث ان التعليم هو مفتاح التكوين الفكري للمواطن والتعليم المدرسي هو أداة لانتاج وتنمية المواطنة واكساب الطلبة قيم الولاء والانتماء.فالطلبة بحاجة الى اعادة النظر في محتوى المناهج الدراسية وتطوير أساليب التدريس وادخال مسارات تعليم جديدة ذات جودة عالية تواكب الاحتياجات والمستجدات الحالية والاحتياجات المستقبلية عملاً .
التعايش يعطي للفعل الانساني الاولوية ، و لا اهمية للانتماءات والعصبيات بل الاهمية القصوى للاعتراف بحقوق الاخر وتحاشي الاضرار بالامن والنظام العام ، والمجتمعات التي تقبل بلغة الاعتداء وتحتضن الجماعات الاستعدائية فلتستعد للمزيد من مظاهر العدائية التي يكمن في داخلها وحوش التطرف والعنف والارهاب وازدراء افكار الاخرين ، في عالم التعايش السلمي ينمو الدين وحب المعتقد بشكل حقيقي لان اعلاء كلمة الله في هذا العالم ليست دعائية وانما عبارة عن رغبة حقيقية لاظهار المفاهيم الانسانية التي اراد الرب ان يوصلها للبشر ، والمجتمعات التي تقتل من اجل الله وتتقبل الابادة الجماعية والجينوسايدات على اساس طائفي فلتستعد لانواع مختلفة من البلاءات ، في عالم التعايش السلمي هناك رب واحد يوصي الجميع باعلان انسانيتهم والدعوة لحقيقته بالحسنى لا بالقهر والتعنت.
التسامح والتعايش والحوار في الاسلام من صلب العقيدة ، ولذلك جعله شعاره في تحيته ( السلام) ، حيث إن المسلم حينما يلقى أحداً يعرفه أو لا يعرفه ينبغي أن يحييه بهذه التحية ، ومعناها : أي أنه ألقي إليه سلام الله ورحمته ، وبالتالي فقد التزم بأن يكون الآخر في سلام يَسلَمُ من يده ولسانه ، بل أكثر من ذلك فإن المسلم حينما يدخل في أعظم عبادة وهي الصلاة يختمها بمنح السلام والرحمة والالتزام بهما لكل من كان على يمينه ويساره من الإنسان وحتى بقية المخلوقات إلاّ في حالة العدوان .
الحوار يجب أن ينطلق من الثوابت المشتركة وبالحسنى ولذلك أمرالله تعالى بعد قوله تعالى : ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أمر : (وَقُولُو ا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فهذه من الثوابت المشتركة التي يجب ان تكون بين ابناء الوطن الواحد بكل اطيافهم ودياناتهم ولغاتهم , وان لا يختلف فيها اثنان لينطلق إلى واقع ملزِمٍ بالحوار وقيم التسامح. لتحريك المشاعر وتوجيه العواطف نحو الاحساس بالقرب ليتم الحوار في ظل الأجواء الطيبة التي توفر له النجاح .
ولا يكتفي الاسلام بما ذكر بل يضع الانسان أمام مجموعة من المبادئ والأسس العامة للتحاور الجاد ولتحقيق قيم التسامح ،(( سوره مبارکه النحل آیه ۱۲۵ ادعُ إِلىٰ سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ۖ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ ))
لحماية هوية المجتمعات التعددية وتنوعه العرقي والديني والثقافي والذي يعتبر مصدر اثراء للاجيال القادمة، ورعاية حقوق الانسان ، ويعمل على ترسيخ هذه المبادئ ، والقبول بالآخر ، بل لتحقيق التعاون البناء على الخير والعدل ، والإحسان.علينا ان نكون متفائلين دائماً ، فالتفاؤل يزيد من الإيمان و بقدرات الإنسان ومقدرته على حل المشكلات بل وعمل المعجزات. و أنّ صوت العقل هو الذي يلهم إبداع الإنسان. إنّه الصوت الذي يحثك دائماً للوصول إلى الأفضل.
ونذكرك أخيرًا بقول الشاعراحمد شوقي:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا