23 ديسمبر، 2024 10:38 م

ناقل الكفر و”صانعه”

ناقل الكفر و”صانعه”

ضجت مؤخرأ مواقع التواصل الإجتماعي وعدد من وسائل الأعلام التي يفترض أن لا تأخذ الأخبار الإ  من مصادرها بخبر “وفاة” السياسي العراقي المخضرم عدنان الباجه جي. خبر الوفاة  بدا وكإنه طبيعي جدا مما حمل إحدى الكتل السياسية البارزة الى إصدار بيان نعي للفقيد الحي “بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره”!!. المصداقية التي بدا عليها ظاهر الخبر المتواتر من عدة جهات شككت فيه وزارة الخارجية التي إكتفت بالقول  إنها “تتحري خبر وفاة الباجه جي”  مما يعني إنها  وجدت في مضمون الخبر “الصحيح” ظاهرا ما لايستدعي التسرع في بيان موقفها قبل قطع الشك باليقين.
 بدأت أنباء النفي ترد متواترة هي الأخرى  من إمارة دبي ومن إبنته تحديدا مع التأكيد أن الرجل “92 عاما” يتمتع بصحة جيدة. لم يعد حتى جهينة الذي يفترض عنده الخبر اليقين مصدرا موثوقا لإقناع مواقع التواصل الإجتماعي ووكالات الأنباء بأن الباجه جي  لايزال على قيد الحياة وبصحة جيدة. أخيرأ أضطر الرجل الى الظهور بشحمه ولحمه من على قناة “الشرقية” نافيأ بنفسه الخبر. مالفت نظري أن الباجه جي بدا ملما بكل ما يجري داخل البلاد من التظاهرات حتى حزم الإصلاحات داعيأ جميع العراقيين الى التوحد لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
هذا الخبر وسواه من أخبار مماثلة سواء تلك التي تتعلق بإعلان وفاة أناس أو حوادث أخرى دون التأكد من مصدر المعلومة تستدعي في الواقع وقفة جادة حيال هذا النمط من القابلية الإعلامية على تسويق أخبار ومعلومات غير صحيحة وربما تسبب إرباكأ لهذا الطرف أو ذاك وتخلط الأوراق على وسائل الإعلام التي بقيت تبحث عن المصداقية التامة وهو ما يحرمها في حالات معينة من السبق الصحفي ولو على طريقة “يفوتك من الكذاب صدق كثير”.  
بين “ناقل الكفر ليس بكافر” و”ما آفة الأخبار الأ رواتها” تتعدد مستويات التعبير والتوصيل بين الحقيقة والخديعة. بين صانع الخبر وناقله. التركيز في الحالتين على ناقل الخبر حتى لو كان كفرا الذي هو  “آفة” مرة بسبب عدم المصداقية وبرئ من اخطر تهمة وهي الكفر لأنه مجرد ناقل بصرف النظر عن محتوى ما ينقله. الأهم من ذلك أن موروثنا الإجتماعي يميل الى تصديق صناعة الخبر اهم من المحتوى فـ   “الكذب المصفط أحسن من الصدق المخربط”.
إن ما نحتاج اليه هو تفكيك هذه المنظومة القيمية الكلامية بين نقل الخبر بصرف النظر عن الدوافع وبين محتواه. هذا يعني إننا نعاني أزمة مصداقية تصل حد التناقض غير المفهوم. ففيما نميل الى تصديق شتى المرويات حتى لو كانت مجرد “كذب مصفط” بينما نرفض ما لايعجبنا لأنه من قبيل “حكي جرايد”  حتى لو كان من قبيل “الصدق المصفط “, هذه المرة لا ” الكذب المخربط” والذي  لاتستسيغه ذائقتنا  لمجرد إننا “تحارشنا” بالهرم الإجتماعي لا الإعلامي المعروف, فوضعنا الكذب مكان الصدق بصرف النظر إن كان .. “مخربطأ أم مصفطأ”.