22 نوفمبر، 2024 11:39 ص
Search
Close this search box.

نافذة للخروج من دوامة الازمات والتحديات

نافذة للخروج من دوامة الازمات والتحديات

يعد الاصلاح السياسي مطلبا ضرورياً ملحاً في البلدان التي تشهد عدم استقرار على الصعيد السياسي وذلك لمعالجة الاخطاء التي تشكل عائقا امام التنمية السياسية والاقتصادية والعمرانية في تلك البلدان .
اما في العراق وعمليته السياسية التي ولدت في ظل وجود الاحتلال وتنامي الارهاب وتدخلات دول الجوار فأن الاصلاح السياسي كان على الدوام مفهوما غير قابل للتطبيق الحقيقي من قبل السياسيين نتيجة لأسباب عديدة يقف في مقدمتها الاستئثار الذي تميزت به زعماء السلطة والفساد الذين أغرقوا البلاد في دوامات رهيبة ومعاناة مريرة .
في الشهور والاسابيع الاخير شهدت البلاد موجات من المظاهرات الشعبية التي انطلقت للمطالبة بالإصلاح الشامل ، وسرعان ما تم ركوب الموجة من قبل الكتل السياسية المتنفذة كما هو دأبها ، وعلى الرغم من تصاعد الاصوات المطالبة بالإصلاح الا انها على كثرتها خلت من برنامج عملي يمثل حلاً جذرياً واقعياً للمشكلة السياسية في العراق بل ان الكثير من تلك الدعوات رافقتها مطالبات لا تخلوا من حسابات مصلحية ، وربما كانت الاطراف في الاعم الاغلب متورطة في التخبط والفشل الذي تعاني من مؤسسات الدولة وادارة ملفاتها بحكم مسؤوليتها ومشاركتها عبر تمثيلها البرلماني والحكومي المؤثر في صناعة القرار السياسي.
ووسط الحيرة والقلق الذي ينتاب الشارع العراقي وهيجان السياسيين الذين عجزوا عن أيجاد مخرج للمشكلة وحيثياتها وتطوراتها الملتهبة اصدرت المرجعية الرشيدة والمتمثلة بسماحة المرجع اليعقوبي بيانا حمل فيه رؤيتها للخروج من دوامة الاستئثار والجزع وكان على شكل برنامج يتضمن ثلاث خطوات يعبر عن مشروع اصلاح حقيقي وفاعل ، رؤية المرجعية الرشيدة للإصلاح بالتأكيد لم تكن الاولى والأخيرة ما دام الجميع عاجز عن ايجاد الحلول والعلاجات للمشاكل الكثيرة ، فسماحة المرجع وخلال الاعوام الثلاثة عشر الماضية والتي تلت سقوط حكومة البعث كان سباقاً في طرح الحلول للمشاكل الطارئة والمستعصية على السياسيين والتي أربكت ولا زالت مجمل الاوضاع على الساحة العراقية سواء على الصعيد السياسي او باقي الاصعدة والمستويات ، الاجتماعية، الامنية ،الاقتصادية .. الخ .
ففي بيان سابق للمرجع اليعقوبي صدر في ( 13/1/2016) وكان بعنوان (الاصلاح الجاد يتطلب ارادة وشجاعة وكفاءة) أشار سماحته على أن الكثير من الدعوات الاصلاحية التي يتسابق لإطلاقها اعلاميا السياسيون غير صادقة ولا تعدوا ان تكون وسيلة للتنفيس عن الضغوط التي تحاصرهم نتيجة الحراك الجماهيري الواسع ضد فشلهم في ادارة مؤسسات الدولة وفسادهم الذي نخر جسد الدولة حتى تعرض الى انهيار في جميع أنحاء مفاصل الدولة ، ورأى المرجع ان تلك التصريحات بالإصلاح لم تكن الا تماشيا مع سياسة ركوب موجة الاحتجاجات ولمزيد من الخداع والتضليل للمواطن العراقي .
مقترح المرجعية الرشيدة الاخير والذي صدر بتاريخ (13/3/2016) وكان بعنوان (رؤية المرجعية الرشيدة للإصلاح) جاء بدعوة ( لإجراء انتخابات مبكرة ) يستبقها اولاً : تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقيقية من مهنيين وطنيين موضوعيين، وثانياً : تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ ارادة الناخبين ، وبالنتيجة فأن مثل هذا البرنامج يضمن أن يقول الشعب حينئذٍ كلمته في من يدير شؤون البلاد بعيداً عن فرض الارادات بالقوة  .
أذن من خلال هذا الحل يصبح الجميع امام خيارين احدهما شرعي ودستوري وهو تقديم الانتخابات والمشروط بتشكيل مفوضية الانتخابات على أساس مهني ومستقل بعيداً عن هيمنة اللاعبين الكبار ، وهذا الخيار هو الحل السلمي للخروج من الازمة بشكل كلي وليس ترقيعي كما يحاول البعض اليوم عبر طرح حكومة انقاذ وطني او تغيير الكابينة الوزارية من نفس الكتل السياسية وغيرها من الحلول التي لا تغني ولا تسمن ، او خيار ثاني نسأل الله تعالى أن يجنب العراق والعراقيين شروره وهو الدخول في دوامة الفوضى والعنف  ..
أن من أهم افرازات تعديل قانون الانتخابات هو أنتاج خارطة سياسية جديدة للمشهد السياسي العراقي من خلال انهاء مسلسل هيمنة واحتكار السلطة من قبل مجموعة من الكتل السياسية المتنفذة والتي تصر على اعادة تكرار تصدير قياديها للمشهد السياسي بالرغم مما تمثله تلك الوجوه من مرأة للفشل والفساد والازمات ، واتاحة الفرصة للكثير من المرشحين الذين يحضون بثقة جماهيرية تفوق العشرات من المرشحين الصاعدين بقوة وأصوات كتلهم وليس على أساس الكفاءة والاستحقاق وهو ظلم وغبن كبير للناخب العراقي وللمرشحين المستقلين ، بالإضافة الى انهاء احدى اهم مظاهر العجز لدى السياسيين الا وهي الاستسلام والانقياد الاجباري الاعمى لخارطة مصالح احزابهم ومنظماتهم وتياراتهم السياسية على حساب المصلحة العامة ، فمن خلال اتاحة الفرصة للقوائم المستقلة او الصغيرة سوف يكون النواب قد تحرروا بصورة حيوية من سطوة وسلطة الاستبداد الكلتوي ، بالإضافة الى خلق فرصة للعمل السياسي الوطني بعيدا عن تأثيرات الخطاب والصراع الطائفي السياسي .
اما اشكالات البعض المتمثلة بالوضع الاقتصادي للبلد ومشكلة المحافظات المحتلة من قبل الدواعش وعرقلة الكتل السياسية لتغيير كادر المفوضية العليا للانتخابات واصدر قانون انتخابي جديد فأنها إشكالات منطقية ويمكن الاجابة عنها بأن الكتل السياسية التي تواجه ضغط جماهيري هائل للإصلاح مطالبة بقبول وتأييد هذا البرنامج الاصلاحي لأنه يمثل النافذة الوحيدة لهم للخروج من المأزق الذي وضعوا فيه العراق وشعبه ، اما بالنسبة للمحافظات التي يسيطر عليها كليا مرتزقة داعش فأنها تقتصر على الموصل ويمكن استثنائها وتأجيل الانتخابات فيها لحين طرد الظلاميين ، وتبقى قضية الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد والذي لا يشكل في الحقيقة عائقاً اما الانتخابات لأن الاموال التي تستنزف فيها غالباً ما تستخدم من قبل السياسيين لشراء الذمم وكسب الاصوات وليس على ادارة العملية الانتخابية .
أن الخروج من الازمة التي تعصف بالعراق لا يكون بالعودة الى نقطة الصفر باتجاه المصير المجهول ولا ببقاء الفاسدين وهيمنة الكتل المستبدة بمقدرات العراق الى ما لا نهاية كما عبر المرجع اليعقوبي في خطابه  ..
يجب ان نفهم ان حكومة الانقاذ او التكنوقراط نافذة تقودنا نحو متاهات جديدة ، وترحيل انهزامي للازمات..
فالحل الوحيد الجذري المعقول لمشاكل العراق السياسية اليوم بعد أن عجز الجميع عن أيجاده وبما يضمن استقرار ونمو البلاد هو الذي رسمت معالم خارطته المرجعية الرشيدة .. انتخابات مبكرة ومفوضية مستقلة ومهنية ونظام انتخابي جديد يتيح للقوائم المستقلة ان تمارس دورها في ادارة العملية السياسية في العراق بعيداً عن الاستبداد والهيمنة السياسية من قبل نفس الوجوه الفاسدة ..

أحدث المقالات