23 ديسمبر، 2024 12:35 م

هناك حكمة أتذكّر أنني كتبتها يوماً في هذه الزاوية خلاصتها إنّ كلّ الأسماء تتشابه لكنّ الأفعال هي مَن تميِّز الناس عن بعضهم ، لماذا أتذكّرها الآن؟ لأنني أجد نفسي صباح كلّ يوم مع موقف جديد للسيد حيدر العبادي لايختلف بالشكل والمضمون عن المواقف التي كان يتخذها سلفه السيد السيد نوري المالكي ، وأحيلكم إلى تحالف النصر .
في المسرح بشكل خاص، ثمّة نوع يُدعى فنّ السخرية، كأن تقول مثلاً إنّ نواب البرلمان يرحّبون بقرار إلغاء رواتبهم التقاعديّة ، لكنهم سيلجأون إلى المحكمة الاتحادية حفاظاً على هيبة الدستور، أو إنّ عالية نصيف هددت بكشف المستور إذا لم يلحقها العبادي بقائمته فوراً .
وفي الصحافة ، ثمّة شيء يدعى الكتابة الساخرة . كأن تقول مثلاً إنّ السياسيين الذين فشلوا في السنوات الماضية سيعتزلون السياسة ، أو إنّ القادة العسكريين الذين تسببوا بكارثة الموصل سيقدّمون إلى القضاء .
هذا النوع من الصحافة الساخرة ميزته إنه يبالغ في طرح الموضوعات من أجل أن يثير اهتمام القرّاء ، أنا من جانبي اخترتُ أن أتفرّج على الساسة وهم يسخرون منّا ، وكنتُ أحرص على أن أُخصّص لهم مكاناً في هذه الزاوية المتواضعة ، فهذا من باب إشاعة الابتسامة ، خصوصاً ونحن نعيش في ظلّ أيام الكآبة العراقيّة التي لايريد لها أحد أن تنتهي ، وأقرّ لكم بأنّ الإعجاب بساستنا الأفاضل ليس تلقائيّاً وإنما هو بسبب تبحّرهم في علوم الخطابة ، وتفضّل جنابك قاوم سحر أحاديثهم ، من دون أن تقع على ظهرك من الضحك ، وأتحدّاك أن تقاوم.
لقد وقع نظري قبل أيام على خبر ينتمي إلى مسرح اللامعقول . الخبر يقول إنّ السيد العبادي منزعج جداً من سيطرة الأحزاب على الهيئات المستقلّة ، هنا اسمحوا لي أن أقول إنّ السخرية ضاعت ، فهل يمكن أن يخطر في بال مواطن أن يسأل لماذا لاتزال جميع الهيئات المستقلّة تدار بالوكالة من قبل أعضاء في حزب الدعوة حصرا ؟
ولاتنتهي السخرية عند هذا الحدّ فالسيد العبادي يخبرنا أنه يبحث عن مرشحين لقائمته التي سيخوض فيها الانتخابات المقبلة، ولهذا فهو قد أطلق نافذة إلكترونية تتيح لمن يرغب في الترشّح ضمن ائتلافه الانتخابي، التقديم بشكل مباشر في إطار شروط عدّة، أبرزها أن يكون المرشح حاصلاً على تأييد 500 شخص من الناخبين في مدينته
ليس هناك ما هو أقسى أن ترهن البلاد تحت رحمة الخطب الساخرة ، أيّها السادة فرصتنا الأخيرة ، ليست في قائمة ” إنترنيتيّة ” ، بل بسياسيين أكفاء ونزيهين ، من دون خطب إصلاحيّة ، ومن دون نوافذ العبادي الإلكترونيّة !