بتاريخ 5 تموز 2022 تم تعيين البريطاني ناظم الزهاوي، العراقي المولد لعائلة الزهاوي الكردية العراقية المعروفة، وزيراً للمالية في بريطانيا. و على أثرها بدأ العراقيون يتباهون به و هم يتداولون الخبر على مواقع التواصل الإجتماعي و هم يعلقون بأن السياسيين البريطانيين يهتمون بالكفاءات و ليس مثل السياسيين العراقيين يحاربون الكفاءات.
يتصور الشعب العراقي بأن السياسيين في بريطانيا يطرقون الأبواب بحثاً عن الكفاءات لتسليمهم السلطة، و كذلك يتصورون بأن ناظم الزهاوي تم توليته وزارة المالية لأنه كفاءة في إختصاص الشؤون المالية و أن لا علاقة له بعالم السياسة، و لكن هذا كله غير صحيح، حيث أن ناظم الزهاوي هو سياسي و عضو في حزب المحافظين و ليس كفاءة في إختصاص الشؤون المالية و كذلك هو الذي طرق أبواب السياسيين ليتولى وزارة المالية.
في عام 2010 رشح ناظم الزهاوي نفسه في إنتخابات البرلمان البريطاني عن دائرة “ستراتفورد أون آيفون” و إنتخبه البريطانيون ليصبح نائباً في البرلمان، و لا زال البريطانيون ينتخبوه في كل إنتخابات برلمانية لأداءه المتميز في عمله البرلماني. عندما أصبح ناظم الزهاوي عضو في البرلمان البريطاني إنفتح أمامه الباب واسعاً ليتولى المناصب الوزارية و منها وزارة المالية، حيث سبق للزهاوي أن تولّى وزارة شؤون الأطفال والأسر عام 2018، ثم وزارة الأعمال والصناعة عام 2019 ثم وزارة اللقاحات عام 2020، ثم وزارة التعليم عام 2021، مع العلم أن شهادته الدراسية هي في إختصاص الهندسة الكيمياوية و التي لا تمت بأي صلة لإختصاص أي وزارة تولّاها، حيث أن السياسي في بريطانيا يمكن أن يتولى أي وزارة بعيداً عن إختصاص شهادته الدراسية، فالوزير هو منصب سياسي و ليس إختصاصي.
إن ناظم الزهاوي لو لم يدخل عالم السياسة في حزب المحافظين البريطاني لما أصبح عضو في البرلمان البريطاني و لما تم تكليفه بالمناصب الوزارية، و أن الفاعل الحقيقي الذي فتح الباب أمام ناظم الزهاوي ليصبح عضو في البرلمان و ليتولى المناصب الوزارية هو الشعب البريطاني الذي إنتخبه لعضوية البرلمان و ليس السياسيون البريطانيين كما يتصور الشعب العراقي.
إن ناظم الزهاوي في حملاته الإنتخابية منذ عام 2010 و لغاية الآن لم يوزع البطانيات على الناس لينتخبوه نائباً في البرلمان بل كان يوزع البرامج الإنتخابية المكتوبة التي تبين أفكاره في إدارة شؤون بريطانيا من أجل حياة أفضل للبريطانيين.
لو أن ناظم الزهاوي رجع للعراق و رشح نفسه في الإنتخابات البرلمانية العراقية فإن الشعب العراقي سوف لن ينتخبه لأنه بكل بساطة لا يوزع البطانيات عليهم، أما البرامج الإنتخابية المكتوبة التي يوزعها التي تبين أفكاره في إدارة شؤون العراق من أجل حياة أفضل للعراقيين فسيكون مصيرها سلة المهملات، و سيقول له العراقيون “إنتوا كلكم حرامية” أو “شتكدر تسوي بين الحرامية” أو “إنت بس تصير بالبرلمان راح تصير حرامي مثلهم” أو .. أو .. إلخ.
سبب رخاء الدول المتقدمة هو أن شعوبهم تفهم ما تقرأ في البرامج الإنتخابية المكتوبة للمرشحين للإنتخابات البرلمانية و تعرف كيف تختار من يمثلهم في البرلمان، و أما سبب مصائبناً و تراجعنا هو أن الشعب العراقي لا يفهم ما يقرأ في البرامج الإنتخابية المكتوبة للمرشحين للإنتخابات البرلمانية و لا يفقه كيف يختار من يمثله في البرلمان.
و لكن المشهد السياسي العراقي لا يمكن أن يبقى مظلماً للأبد، فلقد بدأ يرى النور منذ إنتخابات 2021 البرلمانية حيث بادرت نخبة من الشعب و لو كانت قليلة إلى إنتخاب برلمانيين من خارج الطبقة السياسية التقليدية ممن يحملون رؤى و أفكاراً جديدة، و ستكون إن شاء اللّـــه نقطة إنطلاق للتغيير نحو الأفضل مصداقاً لقوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ (الرعد 11)” و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” (محمد 7).