23 ديسمبر، 2024 11:22 ص

ناصر طه شاعر ومثقف ومن تعساء العراق!!

ناصر طه شاعر ومثقف ومن تعساء العراق!!

تناول المحور الرابع من الحلقة الحوارية الإسبوعية المعنونة “7 أيام” في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 7/6/2014 – تناول نتائج الإستبيان الذي أجراه معهد “الغالوب بول” في (138) دولة في العالم وتصدر فيه العراقيون المرتبة الأولى في الشعور بالتعاسة.

أعلن السيد ناصر طه، مدير البرنامج المذكور، كونه من العراقيين التعساء وذلك أمام مُحاوره الدكتور أثير إدريس الأكاديمي والمحلل السياسي الذي، بالمناسبة، لم أشهد محللاً علمياً وموضوعياً وشجاعاً لا يبالي من قول كلمة الحق مثله في هذا البرنامج إلا القليلين جداً.

تأملتُ في إعلان السيد ناصر كونه من بين تعساء العراق خاصة بعد إستطلاع الرأي المحدود الذي أجرته مراسلة الفضائية المذكورة الآنسة صابرين كاظم في بغداد حول الموضوع ذاته أي: هل أنت سعيد أم تعيس ولماذا؟  تبين لي من ذلك الإستطلاع المحدود أن المستَطلَعة آراؤُهم كانوا بالفعل تعيسين ولكنهم حددوا السبب بكونه الخوف الناجم عن سوء الأوضاع الأمنية. إن هذه النتيجة التي أظهرها إستطلاع الآنسة صابرين قد أقنعتني شخصياً بإنسجام العراقيين البسطاء مع أنفسهم. فهم لم يناقضوا أنفسهم يوم أعلنوا قبل عامين في إستفتاء بريطاني بأنهم من بين الأكثر تفاؤلاً في العالم (والتفاؤل يحمل بعض السعادة ) كما أعلنوا يوم 30/4/2014 بأنهم قد إنتخبوا بكامل إرادتهم وبأغلبية كبيرة جداً من يُفترض أن يكون المسؤول عن تعاستهم وهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي.

الخوف من التفجيرات الإرهابية، إذاً، يفسر تعاسة إبن الشارع البغدادي. ولكن ما هو تفسير تعاسة الشاعر والمثقف السيد ناصر طه؟

تأملتُ وتذكرت قولاً أطلقه السيد ناصر في المحور الأول من هذه الحلقة الحوارية وتناول فيه الموضوع الأمني في البلد بعد الهجوم على سامراء. أطلق السيد ناصر قولاً خطيراً إذ قال:

“إن تسييس الجيش كما هو الحالٍ في العراق لهو أمر خطير.”

هنا حاكمت موضوع تعاسة السيد ناصر بإفتراضين محتملين هما:

1-  أما أن يكون السيد ناصر رجلاً ذا ضمير ووجدان

2-  وأما أن يكون فاقداً لكليهما.
فإن كان السيد ناصر يقع ضمن الإحتمال الأول فهو تعيس بكل تأكيد، لأنه شاعر مرهف الحس وصاحب ضمير ولكنه يجد نفسه في محنة حقيقية. إذ مقابل مغريات دنيوية يُضطر للإفتراء على وطنه ويطعنه بأخطر الطعنات بإتهام جيشه بالتسييس فهو بهذا يضرب في الصميم النظام السياسي الديمقراطي الذي يوجب أن يكون الجيش، في إطاره، مهنياً محايداً بعيداً عن التدخل في السياسة. فكيف بضمير السيد ناصر وقد إتهم الجيش بالتسييس، والإعداء وعلى رأسهم الإرهاب التكفيري والطغمويون، على أحر من الجمر لإلتقاط هكذا إتهامات، وخاصة من فضائية أمريكية ومن شاعر محترم، للتدليل على صحة بواعثهم لتمزيق أجساد الأبرياء بالمفخخات والعبوات الناسفة والكواتم بحجة عدم عدالة الدولة وتسييس جيشها كما شهد السيد ناصر على ذلك؟

بالطبع ما كان ليهمني أي شيء لو أن السيد ناصر نطق بأمر حقيقي. ولكن الأمر الذي تناوله هو بعيد عن الواقع. حتى الجيش الأمريكي يتمتع قادته بقدر كبير من الصلاحيات للإقتراب من تناول الأمور السياسية مقارنة بقادة الجيش العراقي الحالي. أما الإتهامات غير المسؤولة التي يطلقها “سفهاء الديمقراطية” فلا يجب الإلتفات إليها وإليهم. هل سلم جهاز من أجهزة الدولة العراقية من طعونهم: القضاء، المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، هيئة النزاهة، هيئة المسائلة والعدالة وغيرها وغيرها.
إذاً، فضمير الشاعر المرهف السيد ناصر قد جُرح بالعمق وهذا يسبب له التعاسة بطبيعة الحال.
أما إذا كان السيد ناصر منزوع الضمير فالتعاسة ستركبه بالضرورة مهما نسج من أبيات الشعر نظماً إنسانياً لكنه سيكون متكلفاً لا روح فيه ولا سعادة بل النفاق والتعاسة بعينها.
خلاصة فالسيد ناصر تعيس.
ولإنصاف السيد ناصر فهناك نفر من بين زملاءه في الفضائية من هو في حال أتعس من حاله؛ ومع هذا فذلك النفر سعيد وإبتسامته العريضة الدائمة تعلو على وجهه، كأنها إبتسامة عماد جاسم، رغم أن المهمة المكلف بها من أصحاب عمله في الفضائية (ومنهم وكالة الإستخبارات المركزية سي.آي.أي.) تقتضي أن تجعله في غاية التعاسة إذا كان ذا ضمير فيه بعض النبض. إنه مكلف بطمس الحقيقة وقلبها تماماً. الدولة الديمقراطية ذات الدستور المدني القائم على مبدأ المواطنة لا يمكن أن تكون طائفية؛ ولكن وللأسف هناك طائفية فعلاً غير أن مؤجِجِيها هم غير الذين يذكرهم السيد عماد.
الواقع هناك طائفية لكنها طائفية مضادة ضد الدولة والحكومة المنتخبة يثيرها الطغمويون* الذين ملأوا أرض العراق دماءً ومقابر جماعية ودموعاً . إنهم يريدون إسترجاع سلطتهم بأي ثمن وهذه من قوانين الجدل التي يريد السيد عماد أن يوهمنا بأنه ملتزم بها ولكنه يذهب عكسها، فماذا عساهم يقولون: هل يقولون أحيينا وقد قتلوا أو يقولون بنينا وقد هدموا أم يقولون زرعنا وقد جففوا أم يقولون عظّمنا الثروة وقد أفقروا، إذ أطاحوا بقيمة الدينار بمقدار عشرة آلاف مرة (=3.34× 3000) ؟
للتبسيط والتشويش والخداع يلعب الطغمويون على الوتر الطائفي فيقولون: النظام طائفي.
وشركات النفط وإسرائيل وحكام تركيا والسعودية وقطر واليمين الأمريكي بقيادة السناتور (جون ماكين)** تلقفوا هذه اللعبة وحولوها إلى سهام لطعن الحكومة ورئيسها المنتخبَين لأنهما إستعادا الإستقلال والسيادة الوطنية وحافظا على الثروات النفطية وطورا البلد بما لا يقبل الشك رغم ثقل التركة وهي الحقيقة التي لا ينكرها منصف ولا يذكرها عماد أو ناصر، ولأن الحكومة رفضت إفتعال حرب على إيران لضرب منشآتها النووية ورفضت الإنخراط في تدمير الجيش والدولة السورية وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية.
والسيد عماد يردد ويروّج لهم ذلك بكل سعادة … فيما يقتضي أن يكون تعيساً!!!

لا أعرف سر سعادته:

– هل أقنع زملاءه في شارع المتنبي بأنه وضع صاحب قناة (الحرة – عراق) الإمبريالي في جيبه لصالح الحركة؟ عندئذ حُلَّ اللغز الذي حير لينين فسأل: “من يضع من بجيب من؟”

– أم هل أنه يريح ضميره بإحتمال تبرعه بربع أو نصف أو حتى كل مرتبه للحركة، فالقناة ثرية وسخية لـ”المخلصين”؟

 هل نستغرب، إذاً، أن تسيطر داعش وأخواتها على الموصل وهي مبتسمة كبسمة عماد؟!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*: للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي”  بمفرداته:  “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

**:  كان السناتور جون ماكين على رأس المعرقلين لتزويد العراق بالطائرات بأنواعها وبأسلحة أخرى لأن العراق لم يمتثل لأوامره حين حضر إلى بغداد طالباً المساهمة في تدمير الدولة والجيش العربي السوري وتوتير العلاقات مع إيران. بينما ساهم مساهمة قوية في توفير السلاح للمعارضة السورية وعلى رأسها التنظيمات الإرهابية كداعش التي إحتلت الموصل.