عجزت كلماتي وخزين معلوماتي عن تقديم وصف لكارثة اليوم الأسود يوم الثلاثاء الدامي الذي انضم الى قافلة الايام السوداء في العراق الجريح ، فسلسلة الانفجارات الإجرامية الممنهجة التي اجتاحت مدينة بغداد ومحافظات عراقية اخرى صنعة صورة مأساوية تحمل صبغة الدم المستباح بلا ذنب وسوى انهم عراقيون لا غير ، لذلك وقفت اتأمل كثيراً حتى تذكرت ولا ادري هل يحق لي ذلك في ان استشهد بوصف ما حدث اليوم بكلمات لقصيدة حسينية للشاعر احمد العلياوي قرأها الرادود “باسم الكربلائي” تقول ( نار في كل مكان … نار ودخان ودماء … اطفال فرت ونساء … والصرخه في كل مكان).
نعم انها النار التي استعرت في قلب العراق وحرقت قلوب كل العراقيين الذين يعتصرون حزناً على بلدهم وأبناءهم الذين يغادروننا يومياً بقوافل تعرج بهم الى السماء شاكين الى ربهم ونبيهم وإمامهم ظلم حكامهم وممثليهم وأبناء جلدتهم ممن ينتظرون ان ينصفوهم لكنهم تخلوا عنهم وأنصفوا جلاديهم وقاتليهم .
وفي صخب الفاجعة وما نعيشه من مشاعر ملتهبة نحتاج الى الوقوف والتأمل والانتباه الى ما يحيط بنا وما هي الرسائل التي تحمله هذه التفجيرات ومسبباتها الواقعية التي أدت بالوضع الأمني الى التراجع ، فالمحيط الاقليمي والتجاذبات السياسية التي تتماوج تداعياتها في بحر هائج لا ينظر له استقرار بالوقت القريب يرتد بكل قوته على شواطئ العراق فيظهر تارة بشكل اغتيالات منظمة واستهداف لمؤسسات سيادية وأمنية وأخرى تفجيرات إجرامية لطائفة معينة من الشعب في محاولة لجرهم الى الانتقام من الطائفة المقابلة وصولاً للاقتتال المذهبي وأدخال الوضع في دوامة الحرب الأهلية وحصد نتائجها الكارثية بتقسيم العراق وإنشاء أقاليم و”كونفدراليات” متخندقة ضعيفة لا تقدر على بناء نفسها وخدمة أبناءها ويتحول العراق الى دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة ويخرج من معادلة القوى الدولية الفاعلة والمهمة بعدما نجح بشكل جيد في استعادة دوره والانفتاح على العالم وتصحيح جزء من مساراته التي تقطعت بفعل السياسات الرعناء للنظام البائد.
كما يحاول الارهاب ومن يقف وراءه ويدعمه الى زعزعة ثقة المواطن بالمسيرة الديمقراطية والعملية السياسية والفاعلية الامنية للقوات العراقية وهذا لو تحقق “لا سامح الله” فأنه نصر استراتيجي مهم وفاعل للارهابيين لخلق قاعة واسعة تعارض النظام السياسي والامني في العراق.
أن كل ما تقدم لا يعفي الحكومة والجهاز الامني بكل مفاصله من المسؤولية ، فالفساد المستشري في المؤسسة الامنية والمحسوبية والمحاباة لا يختلف عليه اثنان وتغلغل القيادات البعثية السابقة ممن تلطخت ايديهم بدماء الابرياء في النظام السابق ممن شملوا بقرارات الاجتثاث وحصلوا على استثناءات خاصة من رئاسة الوزراء لهم الدور والمسؤولية في ما حصل ويحصل في الشارع العراقي وسفك دماء الأبرياء.
من يتصدى اليوم للمسؤولية ويقدم نفسه حامل لواء البناء والاعمار والعز ومختار العصر الذي لا يظلم احد في دولته ، يحتاج ان يراجع نفسه ويقف على تشخيص أخطاءه وما وصل اليه وكيف يدير الامور ويعترف ان الفشل الامني الذي وصل اليه ودماء الابرياء التي تسفك كل يوم هي بمسؤوليته وتقصيره وأنه حان الوقت لترك المكان لمن يقدر على حل الامور وفك العقد وأعادة العربة الى مسارها الصحيح .
فشعب مثل العراق يعيش به اكثر من “35” مليون انسان لم يعد محتاج الى قائد ضرورة أوحد اذا قال هو قال الشعب بل هناك في العراق قادة محنكين يمتلكون الشجاعة والمقدرة على سحق التحديات والنهوض بالعراق .
اللهم ارحم شهداءنا وتقبلهم في جنانك ياالله … اللهم لا تسلط علينا من لا يرحمنا … اللهم اننا جوار ال بيت رسولك نعيش فمن علينا بنعمة الامن والامان يارب الرحمة والغفران.