بعد فترة من إهمال وتجاهل الاوضاع في اليمن والدور الذي يقوم به الحوثيون هناك والاحداث والتطورات التي نجمت عنه، يبدو إن هناك ميلا أمريکيا ـ أوربيا للإلتفات لهذه الاوضاع وتناول الدور الحوثي هناك، وهو مايمکن لمسه في التصريحات المختلفة الصادرة عن ساسة أمريکيين وأوربيين.
دفع النظام الايراني للنأي بنفسه عن دعم الحوثيين والتدخل في الاوضاع في اليمن، أو السعي من أجل حث الحوثيين على الابتعاد عن طهران وفك إرتباطهم الوثيق بها وإيجاد حل وسط للمشکلة اليمنية بعيدا عن طهران، يشکل کما يبدو مسار الخط السياسي العام للرٶية الامريکية ـ الاوربية لهذه المشکلة ولاغرو فإن بلدان المنطقة وخصوصا السعودية ترحب بهذا المسار وتدعمه بقوة.
الدور الايراني في بلدان المنطقة وبصورة عامة، هو دور سلبي مشبوه مثير للمشاکل والازمات ويعمق الخلافات في هذه البلدان وسعى ويسعى من أجل الاصطياد في المياه العکرة، ولعل ماقد جاء على لسان السفير الامريکي لدى اليمن”ماثيو تويلر”، قد شرح هذا الامر بوضوح عندما قال: “أينما نرى عدم الاستقرار هنا في المنطقة، وأنا لا أقول إن إيران هي مصدر كل عدم الاستقرار، لكننا نرى ذلك في انتهازيتهم للأوضاع، فهم يستغلون الاختلافات الدينية السياسية والفقر، ويصبون الغاز على النار في منطقة من العالم مهمة جدا لنا جميعا”، فهذا هو ديدن النظام الايراني واسلوبه ونهجه في التعامل والتعاطي مع الاوضاع في بلدان المنطقة فهو ليس يعمل من أجل أن يساهم في حل المشاکل والازمات القائمة کما يدعي وإنما يساهم في تعميقها ويقوم بتسييسها بما يخدم مصالحه وأهدافه وغاياته.
الدور الايراني في اليمن والذي يعمل وفق مبدأ صب المزيد من الزيت على النار أو إعادة فتح الجراح وليس معالجتها، هو واحد من أهم وأقوى الاسباب التي عملت وتعمل على إستمرار الاوضاع المأساوية في اليمن وعلى زيادة معاناة الشعب اليمني عاما بعد عام، وإن السماح ببقاء هذا الدور يعني السماح بإستمرار تلك الاوضاع المأساوية وإبقاء المجال مفتوحا للدور الايراني في اليمن لکي يسرح ويمرح کيفما تشاء مصالحه ومقتضيات أوضاعه، ولاشك إن تطبيق العقوبات الامريکية بدفعتيها ضد طهران الى جانب إضطراب الاوضاع الداخلية وتصاعد الاحتجاجات سوف يٶثران کثيرا على تقويض هذا الدور ودفعه بإتجاه التهميش خصوصا إذا کان هناك تحرك دولي جدي بشأنه کما توحي المواقف والتصريحات المعلنة.
ويبدو إن المسار الذي أشرنا إليه أعلاه، أشبه بما يمکن وصفه بالنار الهادئة تحت التدخل الايراني في اليمن، ولاريب من إن سخونتها ستزداد مع رفع درجة سخونة الاوضاع في إيران والتي قد نشهد فيها تطورات نوعية في الاشهر القادمة بما يکون عاملا ودافعا مشجعا للتأثير السلبي على التدخلات الايرانية في المنطقة عموما واليمن خصوصا.