نار الفساد وراء تجاهل العراق بالمحافل الدولية … والنار تخبر عماجرى بالدار

نار الفساد وراء تجاهل العراق بالمحافل الدولية … والنار تخبر عماجرى بالدار

لعل من التكرار ان نروي قصة نشأة الفساد الإداري والسياسي الذي تميّز  في بلدنا العزيز منذ عام السقوط 2003  بثلة شكلتبالمحاصصة نواة الحكومة الأولى التي ستقود العملية السياسية في البلاد وكانت بتركيبة سياسية طائفية وتوافقية متنوعة وثلة ثانية قفزت اليها برغبة التخريب والهيمنة على الوسط السياسي ,   وثلة ثالثة انجذبت الى ادارة المشاريع لتسرق الأموال لبناء امبراطوريات عقارية ومصرفية , وثلة رابعة تناوبت على الإعلام بعد ان اغتنت من تجارب خلفيتها المنافقة قبل السقوط وسارت مع القافلة الجديدة على وفق مبدأ التجديد والتحديث مع المنجذبين اليهم من الثلل الأربعة ,

للعمل على صياغات اخرى جديدة في بعض هياكل العمل الإعلامي المقيِّد لعرض الحقيقة بكاملها والمشوّش عليها  بمزج الوهم  الذي لايتيح للبعض من فهم مايجري على الأرض رغم اعتماد تلك الحقيقة على الثوابت الأخلاقية التي اخترقتها  الثلل الأربعة مجتمعة في إدارة البلاد . وبهذه الثلل الثابتة والمتعاقبة وغير الوديّة تميّز العمل السياسي والإداري بالفساد الظاهر والباطن , بل وتجاوز الى الإهتمام بالتعيين وفقآ للكم وليس  وفقآ للمهارة والشهادة والخبرة المهنية والعلمية , وهذا بدوره صنع مبدأ الخروج عن استيحاء التقاليد التي عملت بها الدولة العراقية ردحآ من الزمن .

ومن أثر هذه الثلل وفسادها الصرّار في مفاصل الدولة انصرفت السياسية  العراقية الى طريق آخر وبشكل مخيف عن الطريق الذي وعدوا به الى اعادة الأوضاع  لمواجهة العالم  بوجه جديد للعراق العظيم صاحب الثمان حضارات والتواصل معه بكل اثقاله وإرثه الحضاري المجيد وخاصة في الشؤون الدولية وتحولاتها الساخنة الخاصة بقضيته  فلسطين المركزية من ناحية  ,  وفي الشؤونالأخرى الخاصة بتغيير نمط الحياة الإجتماعية للشعب العراقي بكل مايتصل بمفاصل الحياة اليومية التي حُرم من متطلباتها عقودآ طويلة , خاصة اثناء الحصار الإقتصادي الذي جرى بسبب غزو الكويت  ,  

وجراء موجة الأمراض  النفسية والجسدية التي تعرض اليها  والحرمان من التعليم  بسبب  الحروب العبثية  وارتفاع تكاليف الحياة من ناحية اخرى ,  لينصرفوا الى طريق آخر تشكلت بهاعداد كبيرة ممن مارسوا الفساد بعملهم في مؤسسات الدولة قبل السقوط  وبقوا في وظائفهم بعد  عام 2003  ومنهم من ترقّى الى مناصب عليا ,  لأسباب كثيرة  منها  ان البعض من السياسيين انشغلوا بفسادهم والبعض الآخر جعل من هؤلاء جسرآ ليعبروا فوقهم الى الثراء والنفوذ كونهم بعيدين عن مناطق السياسة والنفوذ ولايهمهم  سوى البقاء بالمنصب الذي يبتزون به المواطنين الضعفاء , ومن هنا تجسدت شريحة فاسدة من الموظفين ,

لينطلق الفساد من بين ايديها بدلآ من تغيير نمط حياتهم من ناحية  , وبدلآ من ردعهم للرجوع الى ثوابتهم الأخلاقية من خلال تطبيق نماذجآ من برامج نشر الوعي الأخلاقي وتطبيق العمل النزيه والسلوك السوي امامهم ليثار فيهم عامل النزاهة والأمانة والإبداع في العمل  , بل على العكس فقد قاموا بتوظيف الفساد اسوة بالسياسيين الكبار , للوصول الى الثروة مثلهم ومن ثم الى النفوذ وتشكيل الأحزاب والدخول في عملية  الإنتخابات الديمقراطية بأسلوب بيع وشراء البطاقات الإنتخابية واحيانآ بلا كشف لسجلات حقائقهم التأريخية  المزورة , لتمتد هذه الممارسات فترات طويلة بلا رادع او محاسب قانوني يحاسب ,

وهذا الأمر مهّد الطريق الى انتشار الفساد كالنار بالهشيم , حيث تدنّت سمعة البلاد امام  دول العالم والدول المجاورة بسبب الفضائح التي انكشفت امام الرأي العام ومنها التغافل عن الحشود العسكرية التي قامت بها المجاميع الإرهابية على الحدود عام 2014 والإتهامات بالتواطؤ التي طالت العديد من السياسيين والعسكريين الذين  طالتهم عجلة الفساد , فضلآ عن سرقة القرن وحوادث التجسس في مكتب السيد رئيس الوزراء وحادثة تلف المليارات من الدنانير داخل مصرف الرافدين الحكومي , وحادثة بيع خور عبد الله وحوادث انهيار الجسور من جراء الفساد .  

ومثلما لم نأت بجديد في هذه المقالة , فإن العديد من السنوات التي مضت بعد السقوط  لم تأت الحكومات بجديد في السياسة الداخلية وخاصة من اقطابها الكبار وعلى اختلاف مدارسهم , بل جاءت بالقلق والحزن والإنفعال للناس شأنهم في ذلك شأن الصغار في الوظائف الحكومية من خريجي المدارس الإبتدائية والثانوية الذين ماتجاوزوا وبشكل متعمد سذاجة الإداء والتخلف عن الرؤى التي تلامس جذور الوطنية وتهتم بإصلاح تربة الواقع الذي يعيشون به .والآن وبعد انتشار نار الفساد في الرأس والأطراف من الغابرين المتباعدين والمجاورين القريبين ودخول الأمطار في قلوب البنوك وشحة المياه في دجلة والفرات والاهوار ,

وعزف الطيور المهاجرة عن الإرباض فوق المساحات الخضراء  وفوق اعمدة الكهرباء  , هل يلام  الرئيس المتكبر ترامب على تجاسره رغم بغيه وفساده على  إغفال العراق وتجاهله لحجمه التأريخي في تبوّء مقعده في المحافل الدولية مثلما كان في ايام التقاليد السياسية الملكية  والقاسمية وهو يرى الفساد نارآ والنار تخبر عما جرى بالدار ؟