23 ديسمبر، 2024 9:15 ص

نادية مراد و تلعفر المجني عليها

نادية مراد و تلعفر المجني عليها

على مدى الايام الماضية تابعت نشاط الشابة اليزيدية التي كانت داعش قد اخذتها سبية مع العشرات من فتيات قريتها كوجو بعد اجتياح داعش لسنجار في بداية اب 2014، مما لاشك به ان قصتها مؤلمة و تستوجب مساندتها و لكن هناك امر مهم لاحظته في سردها لقصتها لابد من الانتباه اليها..قرأت قصتها لاول مرة في تشرين الثاني 2014 و كانت على ما يبدو قد وصلت الى المانيا التي تعهدت برعاية العراقيات من الاقليات الدينية اللواتي تعرضن للسبي بعد سيطرة داعش على محافظة نينوى ( المركز و الاطراف ) ، و نجحن في الهروب. في قصتها الاولى التي نشرتها مجلة دير شبيغل الالمانية، تحدثت نادية عن ساكني قريتها من اليزيديين و مقتل والدتها و اخوتها و مقتل الاخرين و كيفية اخذها و حوالي 60 شابة الى الموصل و كيف تم اغتصابها على مدى الأيام التي بقيت لسيرة فيها وبعدها تمكنت من الهروب.لا توجد أي تفاصيل كيف تمكنت من الوصول الى منطقة امنة بعد هروبها ليلا، و كيف وجدت منظمات تساعدها؟ و ساعود الى هذا السؤال فيما بعدقبل اسبوعين تقريبا، استمع مجلس الامن الى نادية مراد بطلب امريكي، قرأت قصتها و بدت و كأنها لم تحفظ القصة جيدا و كانت تعود الى الورقة التي وضعت امامها.. هناك من صاغ لها القصة، و هذه نقطة ليست ضدها، و لكن يبدو واضحا ان هناك جهة قوية تسند نادية مراد و تمكنت من تحويلها الى قضية اممية و خلال اقل من اسبوعين تمكنت من القاء كلمة امام مجلس الامن و استقبلها رئيس مصر و رئيس الازهر و استضافتها جامعة القاهرة و هناك جدول مزدحم امامها يتضمن زيارة عدة دول و اللقاء بالرؤساء. و اتمنى ان لا تقوم الجهة التي تسندها باستغلال مأساتها الانسانية الكبيرة.. كان واضحا من كلمتها امام مجلس ان من يسندها طالب بتحرير ال 40% من سنجار التي لم تحرر لحد الان و طالبت باعمار مناطقها تحت وصاية دولية!! يعني ببحث غير متعب، فأن الجهة التي تستغل هذه الشابة الجريئة حقا في طرح قضيتها الانسانية تريد التوصل الى التسليح و التمويل في غير اطار العراق، أي انها جهة غير مهم عندها الوسيلة للوصول الى الغاية، و ربما الضحية نادية مراد لا تعرف هذه الحقيقة الاستغلالية. لم تأتي الضحية نادية مراد بقومية او جنسية من اغتصبوها في مجلس الامن، و لكن استمعت الى حوار معها على فضائية مصرية مع مقدم البرامج عمرو اديب قالت فيه ان الذين اغتصبوها لم يكونوا عرب و كانوا كلهم من تلعفر!! مرة اخرى اشارة واضحة الى الجهة التي تستغلها..  “من تلعفر؟ “و كأن لا يكفي تلعفر مأساتها و شاباتها التي اصبحن سبايا لدى داعش، عدا المئات الذين تم قتلهم  و هناك من تقتلهم داعش يوميا من تلعفر و حولها نساء و رجال و بذرائع شتى.المعروف ان بين داعش عناصر من الاكراد و العرب و اخرى من جنسيات عديدة عربية و اوربية و من امريكا.. السؤال: كيف عرفت ان من اغتصبوها من تلعفر؟ و لماذا لم تشير الى هذه الحقيقة قبل سنة من الان او في مجلس الامن؟ان تلعفر مجني عليها، تماما كما تم التجني على نادية مراد.. مجني عليها قبل 2003 ، حين اصر كتاب تاريح العراق الحديث ان تكون توراته قومية و ليست عراقية و تم الفاء دور تلعفر باشعال شرارة ثورة العشرين حين هاجم تركمانها قلعتها و انزلوا العلم البريطاني المحتل في بداية حزيران 1920 و تم التجني عليها بحملة التعريب الظالمة و في اغماض العين الرسمية عن التطرف الديني الذي بدأ بها بشكل ممنهج بعد حرب 1991 و كأن الحكومة كانت تقصدها لزرع الفتنة بين اهلها التركمان و مجني عليها بشكل اكبر بعد 2003 ، لقد اصر قوات الاحتلال الامريكي و المتعاونين معها على تدمير تلعفر انسانيا و اقتصاديا و تم زرع الفتنة بين اهلها الذين كانوا على مر الزمان لا يعرفون التفرقة المذهبية و تم احداث جروح بينهم من الصعوبة ان تلتئم بسهولة.. و ياتي من يستغل قضية الضحية نادية مراد ليزيد جروح تلعفر جرحا اخر و يزيد ممن يتربصون بها للانتقام.و اعود الى سؤالي (لا توجد أي تفاصيل كيف تمكنت من الوصول الى منطقة امنة بعد هروبها ليلا، و كيف وجدت منظمات تساعدها؟ )قطعا هناك من ساعدها، و كان هذا مسلم سواء من تلعفر او الموصل، لماذا لا توجد اشارة في كلمتها و حواراتها الى من ساعدها و اوصلها الى منطقة الامان، من المستحيل ان تكون وصلت وحدها و هي متعبة من اغتصاب استمر طوال الايام التي اسرت بها.اتمنى ان لا تتحول الضحية نادية مراد الى ان تكون ضحية للمرة الثانية من خلال استغلالها..