في مجلس الاعيان العراقي في ثلاثينات القرن الماضي وكان النواب آنذاك يتمتعون بصفاة اوجدتها المملكة التي لا تغيب عنها الشمس من الغنى وأصحاب الاعيان والاطيان يجلس هؤلاء الشيوخ في أحدى المقاهي وسط مدينة بغداد ويعرف البغداديين آنذاك تلك المقهى ومن يرتادها ومدى رفاهية هؤلاء وسطوتهم وغناهم يشربون الشاي ويتسامرون في فترات مختلفة ,,كان هؤلاء جالسون ليدخل احد خوشية بغداد ويدعي أنه البطل الهمام ومجندل الابطال وقاهر العبيد والأحرار ليمسك بياقة أحد النواب من مدينة بابل ويهزها بعنف شديد أمام الجالسين والجميع مستغرب من هذا التصرف وهذا
العمل بحق هذا النائب ,,
انتفض خدم النائب وحارسه ليتصدوا لهذا الهمام اشار لهم النائب الممسوك من ياقته بالسكون والهدوء وعدم التصرف ليلتفت له وهو جالس على كرسيه مستفسرا منه عما يريد ,,اجابه انه اقترض منه مبلغ مقداره عانة عراقية (اربع فلوس) ولم يعيدها وقد مر وقت السداد وعليه ارجاع الدين والا فأنه سيعمل معه مالا يحمد عقباه .
اكد النائب انه فعلا اقترض منه العانة وانه نسي اعادتها له وهو يعتذر منه كثيرا وها هي العانة بعينها ..
سلم الرجل عانة الى ذالك ال(عصابجي) وعاد الى الحديث مع زملائه والجميع مذهول من هذا الوضع وهل يعقل أن نائب بهذا المقدار من الهيبة والثراء يستقرض عانه من هذا الخوشي البغدادي توالت الاسئلة وأشرئبت الاعناق تستفسر منه عن هذا العمل ..
اجاب الجميع ,,انه لم يرى هذا الشخص في حياته ولم يعرفه ولم يلتقي به قط ولم يقترض منه اي شيء لا عانة ولا خمسة فلوس ..
حسنا لكنك أكدت ذالك وناولته مبلغ العانة قفز سؤال الجالسين الى النائب ..
اخبرهم هذا صحيح فأنا ابتعت كرامتي وصحتي ووضعي كنائب بعانة من هذا الرجل الذي لاهم له الا المشاكل والعراك وأعطائه عانة افضل من الامساك به والصراع معه والقتال وترك حراسه وخدمه في حيص بيص مع هذا الخوشي البغدادي الذي قيمته لا تتجاوز العانة من الفلوس (اربع فلوس).
هذا الحدث المعروف والمتداول ذكرني بما حدث لأحد لنواب السابقين للبرلمان العراقي الموقر في أحد نوادي بيروت وقد تغير وجهه من الضرب بسبب العراك والشجار مع احد رجال العصابات او احد القوادين اللبنانيين ليخرج على الملأ بهيئته الجديدة وقد شج وجهه وعبثت قبضات ذالك القواد بمعالم النائب العراقي وما زاد الطين بلة أن التأويلات والتفسيرات ومواقع التواصل الاجتماعي لم تألوا جهدا وهي تعرض صورة النائب على الملأ وتمطره بشتى التعليقات والسخريات والتندرات .
للاسف الشديد ان مثل هكذا شخصيات يجب الحفاظ على سمعتهم على الاقل بعد ما اصبح شخصية عامة ينظر لها المجتمع والناس نظرة اخرى وان جرى له مثل ذالك فهي حياته الخاصة يعمل ويتصرف كما يشاء لكن يجب ان تكون مثل هذه الاحداث سرية جدا ولا يطلع عليها الملأ ويصبح في هذا الحال المزري الذي لايسر عدوا ولا صديق وهو يعرض نفسه على الكاميرات وفي المستشفى وعلى سرير المرض ملفوف الرأس ..
شتان بين هذا النائب الجاهل وهو يعيش في العام 2015 وبين احد نواب مجلس العيان في ثلاثينات القرن الماضي والعراق وقتها محتل ولا لوم عليه ان تصرف بأي تصرف ..
النائب اليوم حتى وان انتهت ولايته يبقى الواجهة الطيبة لبلده وينظر له كشخص له مكانة غير مكانته العادية وتصرفاته الشخصية ملك له سرية خالصة ولكن عليه واجبات يجب ان يصونها ويحترمها ويقدرها ولا يمكن ان يتشاجر في البارات والأندية المشبوهة ويتعارك كأنه شاب مراهق .
Kathom [email protected]