23 ديسمبر، 2024 1:50 ص

أثارت قضية اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالارهاب وإحالته إلى القضاء بتهمة (4إرهاب)، الرأي العام العالمي والعربي والاسلامي، قبل ان يستهجن الرأي العراقي هذه التهم التي عبر عنها أكثر من محلل سياسي ومراقب بأنها عبارة عن (تسقيط سياسي لا أكثر)، في وقت تشهد العملية السياسية برمتها إنهيارا كاملا قبيل انتهاء انسحاب قوات الاحتلال الامريكي المزعوم من العراق بأيام قلائل، وكنا في مقال سابق عنوناه بأن هذه الحكومة هي حكومة أزمة وليس حكومة أزمات، إذ ان الأزمات تتوالد على ألسنة أطراف الحكومة وأحزابها الطائفية المتنفذة، فمن أزمة الحكومة مع أقليم كردستان حول قانون النفط والغاز وتصدير النفط وشركة اكسن موبيل، إلى حملة الاعتقالات الكبرى ضد ما يسمى قيادات البعث وإنقلابهم المزعوم، إلى أزمات إقامة الأقاليم في صلاح الدين وديالى والأنبار وأزمة حادثة النخيب ومقتل العشرات من الزوار إلى أزمة ديالى الأخيرة ونزول الميليشيات إلى الشوارع وحرق بيت المحافظ واعتقال اعضاء مجلس المحافظة وهروب قسم منهم من المحافظة وسقوط المحافظة بأيدي الميليشيات بتواطؤ الأجهزة الأمنية والجيش هناك وغيرها من الأزمات السياسية والبرلمانية.. حتى تنفجر أزمة من العيار الثقيل جدا ألا وهي.. توجيه تهمة الإرهاب إلى نائب رئيس الجمهورية، وعرض اعترافات حمايته على شاشة الفضائيات، إذن هي حكومة أزمة تفتعل الأزمات بتنظيم وإشراف وتخطيط أطراف لها أجندة ومصالح مباشرة لملئ الفراغ الأمني وإحكام السيطرة على العراق بعد رحيل الإميركان من العراق، من التفرد بالحكم والسلطة وإقصاء أطراف تعرقل تنفيذ خططها ومخططاتها وأهدافها الشريرة في العراق، وقضية (الهاشمي) بوابة هذا العمل مثلما هو إقصاء المطلك وإقالته لتتجه السلطة إلى حكومة الأغلبية كما أعلن عنها رئيس الوزراء نفسه أمس، بمعنى التفرد بالسلطة والتوجه نحو الديكتاتورية بكل ثقة، لذلك فقد جاءت إتهامات الهاشمي مباشرة وصاعقة وقد رافق هذا الإتهام الذي لم يعلن القضاء عنه وهو من صلاحيته فقط، ولكن الإعلان كان لسان أطراف حكومية تنتمي لدولة القانون حصرا، وتبعها رئيس الوزراء وصاحبها مظاهرات غاضبة في ديالى تطالب بإعدام طارق الهاشمي الإرهابي.. قبل ان يقدم للمحاكمة وقبل ان يقول القضاء كلمته وقبل وقبل.. إذن هو تسقيط سياسي بإمتياز أهدافه مخطط لها من قبل ونتائجها معروفة.. هذه الضجة الرئاسية أقلقت البيت الأبيض وأزعجته فدخل على الخط نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس المخابرات ديفيد بترايوس والسفير الأمريكي في بغداد جيمس جيفري وطالبوا الحكومة (بتسوية خلافاتهم عبر الحوار)، ووصفوا الوضع العراقي بالخطير، وهكذا كان موقف جلال الطالباني والبرزاني، وموقف منظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وموقف التيار الصدري وأطراف عراقية وعربية ودولية أخرى، لتطويق هذه الأزمة التي تشير كل الدلائل أن لا نهاية لها بسبب التصعيد السياسي الخطير الذي تطالب به حكومة المالكي وأحزابها بضرورة تقديم الهاشمي إلى المحاكمة وأصرارها على تسليم نفسه لسلطة بغداد حصرا لمحاكمته سياسيا، إذن التهمة سياسية قبل ان تكون قضائية من واجب القضاء العراقي متابعتها والإعلان عنها، بعيدا عن نزعة التسقيط السياسي والأهداف السياسية المبطنة التي لها رؤوس متعددة الأطراف والغايات وإن تهريب الهاشمي من كردستان وعدم تسليمه إلى سلطة بغداد يعد (جريمة كبرى) وهكذا فنائب الرئيس إرهابي ويجب محاكمته في بغداد لا غيرها، في وقت ترى إدارة أوباما ان الإتهامات ضد الهاشمي (ليس لها أساس بتاتا)، وعلى حكومة المالكي ان (تطوق الأزمة قبل ان تتفاقم وتخرج من السيطرة)، فيما أعلن المالكي أنه (يمتلك ملفات الاعترافات ومصدقة) لشخصيات كبيرة في الحكومة لم يعرفها لحد الآن.. ومن حقنا أن نسأل لماذا لم تعلن وتقدم للقضاء قبل هذا الوقت علما بأن السكوت عليها يعني المشاركة في حيثياتها، والقصد منها ترحيب الآخرين للحصول على مكاسب سياسية عند الطلب.. قضية الهاشمي مرشحة للتصعيد الطائفي الخطير الذي سيجر البلاد إلى هاوية الصراع الطائفي والصراع السياسي معا، وهذا ما يخشاه العراقيون في هذا الوقت.. فهل نصدق ان نائب الرئيس إرهابي..؟! الإنهيار السياسي حتمي للعملية السياسية وان قضية الهاشمي مدخل لهذا الإنهيار..