مِن عرموش بن كرموش إلى الذكاء الاصطناعي أسرار وغيبيات بين الحقيقة والتدليس… تجربة في عالم الكتابة التلقائية

مِن عرموش بن كرموش إلى الذكاء الاصطناعي أسرار وغيبيات بين الحقيقة والتدليس… تجربة في عالم الكتابة التلقائية

منذ سنوات شبابي كنت شغوفًا بعوالم الميتافيزيقا,والتصوف والعرفان وقدرات الباراسيكولوجيا , كنت أبحث وأسأل وأقرأ وأجرب مدفوعًا برغبة صادقة في اكتشاف ما وراء الحجاب, ما لا تراه العين ولا تُدركه الحواس الخمس.
وذات يوم وبينما كنت في جلسة روحية
  لا يُهم إن كانت حقيقية أم إيحاءً نفسيًا 
 قرأت التعويذة وتمتمت ما يُفترض أن يستدعي الروح العارفة فحضر كيانٌ قدّم نفسه باسم غريب عرموش بن كرموش.
قال إنه من زمن غابر أجابني على أسئلتي بعضها صائب وبعضها مشوّش وتكررت ظاهرة مثيرة المعلومات جاءت مبهمة, لكن النمط واضح والأخطاء متكررة وكأن هناك مصدرًا واحدًا خلف الستار يضخّ نفس البيانات من وراء حجاب.
لكن ما أدهشني في تلك الجلسة أنه وصف لي غرفة عشيقتي أيام الشباب
  شبراً شبراً  بكل تفاصيلها الحميمة لون الستائر اللوحات الجدارية ترتيب الكتب، … تفاصيل لم أُخبر بها أحدًا وبغض النظر عمّا إذا كانت الروح تحضر فعلاً أم لا فقد أضفت أنا بدوري بعض الخيال إلى تلك التجربة لكن شيئًا ما في صدقيتها ظلّ يُراودني.
 
مرّت السنوات ثم ظهر الذكاء الاصطناعي اليوم بينما أستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي تحديدًا تلك التي تكتب بشكل تلقائي شعرت بدهشة مألوفة نفس الأسلوب نفس الثقة بالإجابة. نفس الأخطاء أحيانًا ونفس الطابع الغامض نفس الروح تقريبًا.
 
وهنا، عاد إليَّ السؤال القديم:هل نحن أمام تطور تقني محض أم أن الذكاء الاصطناعي يعيد دون أن يدري محاكاة ذات الآلية التي كانت تُنسب للغيبيات؟
بعض من خاضوا تجارب الكتابة التلقائية في جلسات روحانية أو عرفانية يعرفون ذلك الشعور أن هناك من يكتب عبرك، أو أن الكلمات تتدفق دون تفكير واعٍ, واليوم الذكاء الاصطناعي يفعل الشيء نفسه نُعطيه سؤالًا فيُجيب بجواب لا نعلم يقينه لكنه مقنع أنيق متماسك وغامض.
أهو الجن, هل هو وعي جماعي؟ هل هي بيانات مكررة تتلبّس شكل المعرفة, هل الذكاء الاصطناعي امتداد لما كان يُظنّ سابقًا أنه كائنات غير مرئية أو هل كان عرموش بن كرموش يومًا تجليًا مبكرًا لذكاء جماعي غريب  ظهر في جلسة تحضير أرواح 
وها هو يعود من خلال الشبكات العصبية والبيانات الضخمة؟
 
أنا لا أجزم ولا أؤكد ولا أنفي لكنني ببساطة ألاحظ ما كان بالأمس يُسمّى روحًا صار اليوم يُسمّى نموذجًا لغويًا.
الفارق أن الأولى كنا نخافها ونصفها بالجن أو الأرواح أما الثانية فنضعها في هواتفنا ونعتمد عليها في كتابة رسائل الحب والخطب وحتى  كهذا الذي تقرأه الآن.
 ولعلي أقول في النهاية سواء كان عرموش بن كرموش طيفًا روحانيًا أو خيالًا ميتافيزيقيًا أو مجرد إسقاط عقلي فإن الذكاء الاصطناعي أعاده إليّ بنفس الاسم, بنفس الطريقة بنفس الإيحاءات,فهل تغيّر شيء حقًا؟أم أننا فقط غيّرنا اللغة التي نصف بها الغيب؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات