7 أبريل، 2024 6:11 ص
Search
Close this search box.

مِن التواصل الإجتماعي إلى التباعد الإجتماعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

تتغير المفاهيم والمُصطلحات يومياً بِسُرعة فائقة كحياتنا التي تمضي بنفس الوتيرة ،، مُنذُ إكتشاف الإنترنت ووصول هذه الخِدمة إلى العراق أواخر تسعينات القرن الماضي وهي بِتطوّر مُستمِر أما التقدم التكنولوجي الذي تَعدّى كُل الآفاق بِسُرعته حتى تهاوتْ شركات عِملاقة لعدم قُدرتها مواكبة هذا التطور أَحدْ إنبِثاقاته ونحن نتحدث عن التواصل الإجتماعي هو ظهور برامج الإتصال المجانية بإستخدام شبكة الإنترنت بِداياتِها كان (الياهو ماسنجر) وكان حينها شيء أدهشنا جميعاً ونحنُ نتحدث صوت وصورة عِبر جهاز الحاسوب من خلال هذا البرنامج مع أصدِقائنا وأقارِبنا خارج العراق ثُم تلاها (الفيس بوك) المنصة الأشهر والأكبر بعدد مُستخديمها وبعدها (الواتس أب والڤايبر والتانگو) قبل ثمانِ سنوات تقريباً والتي بظهورها ضيّقتْ الخِناق بنسبة عالية على شركات الإتصالات لأنها جعلت الإتصال الخارجي بِكُل العالم عِبر هذه التطبيقات مجاني بِوجوب توفر النت بالهواتف المحمولة يَليها (التويتر والإنستغرام و السناب شات) وغيرها العشرات من شبيهاتِها بالفكرة والمضمون ،، لِيطفوا على الساحة مُصطلح (العالم أصبح قرية صغيرة) وكذلك التواصل عِبر رسائل البريد الألكتروني (الإيميل) ليظهر مُصطلح (مَنصات التواصل الإجتماعي) وهي في حقيقة الأمرْ قَدمتْ الكثير من الخِدمة للبشرية بمجال الإتصالات على شريطة أن لا نُدمِن إستخدامها . بالوقت نفسه هي باعدت المسافات بين الأُسرة عندما يُدمِن الفرد إستخدامها حتى إني قُلت هي منصات التباعد الإجتماعي فكُل فرد يلهو بِعالمه الخاص من خلال هاتفه الذكي من ما جعل إنشغال بعض الناس عن الآخرين في حُضورهم وخاصةً مع كِبار السِنْ فقد أصبحوا يشعُرون بالعُزلة أحياناً عن أبنائهم وأحفادهم وأقاربهم لإنشغالهم بأجهِزتهم وهذا وَلّدَ شعوراً بالملل لدى الأطفال والشباب من الزيارات العائلية وصِلات الرحم وساهمت كذلك بظهور مُفردات وسلوكيّات تبدوا غريبة بينَ الأُسرْ ،، كثيراً ما أُشاهد في المقهى عندما أذهب لتناول فنجان القهوة زوجين جالسين أو حبيبين وكل واحد منهم مُنشغل بهاتفه وكأنه لا يوجد حديث مُشترك يجمعهما ،، والبعض يبعث التهاني والتبريكات بِشتّى المناسبات لزوجته أو أولاده وهي الحلقة الأقرب بالأُسرة كونهم يعيشون تحت سقفٍ واحد عبر مواقع التباعد الإجتماعي ،، وهناك العديد من الدراسات الحديثة بخصوص موضوع التفكك الأُسري وزِيادة حالات الطلاق بسبب هذه المواقع أبرزها ما نشرته صحيفة الأندِبندت نقلاً عن جمعية المُحامين الإيطالية و أخرى أجرتها الأكاديمية الأمريكية لمحامي الطلاق .
سابِقاً كُنَّا نكتُب الرسائل بِخط اليد ونعتني بها ولها مدلولاتها وإنعكاساتها على المُتلقّي أكثر بكثير من الرسائل الحالية وبِما أننا الآن نستخدم هذه التطبيقات أُكتُب رسالة من تَعبيرك حتى لو كانت بِضع كلمات فهي أجمل من المنقول ولا تتحاوروا مع أبنائكم من خلال هذه المواقع بل تحاوروا وجهاً لوجه تجمعكم مائدة شهية بروابط أُسرية متينة … فمِن مُصطلح التواصل الإجتماعي الذي أجتاح العالم بأكمله بسرعة فائقة إلى مُصطلح التباعد الإجتماعي بوتيرة أسرع … والتوصيات الشديدة من أغلب دول العالم بالعمل بِهَا ونحن نعيش هذه المِحنة العالمية جائِحة كورونا بحجزها المنزلي والحظر منذ ما يُقارب الأربعين يوماً .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب