18 ديسمبر، 2024 9:32 م

مُلّة مصطفى البرزاني وعبد الكريم قاسم !

مُلّة مصطفى البرزاني وعبد الكريم قاسم !

ربما لا يعرف الكثيرون او القليلون من ابناء هذه الأجيال , وخصوصاً من بنات حوّاء , عن خلفية التمرد البرزاني ضدّ الدولة العراقية . ففي العهد الملكي كان المرحوم مُلّة مصطفى البرزاني منفيّاً او هارباً من العراق الى موسكو او الأتحاد السوفيتي السابق ,

وكانت تحدث آنذاك بعض من اعمال الشغب والتخريب من قبل زمر محدودة من الأكراد البرزانيين , بحيث كانت الشرطة لوحدها تطاردهم في الجبال والوديان دونما حاجةٍ لتدخّل الجيش او عموم صنوف القوات المسلحة , ولا شأن اطلاقاً للقوة الجوية الملكية بذلك .

لكنّه فور إسقاط النظام الملكي في العراق وتحوّله الى النظام الجمهوري , وانفراد الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم بدفّة الحكم , فأنه ما لبث أن اصدر عفواً على المُلّة البرزاني ودعاه للعودةِ الى العراق . وفور وصول المُلّه لبغداد ولقائه بقاسم , فقد خصصّ الأخير منزل نوري السعيد كمقرٍّ له , وخصص له وللمجموعة المرافقه له رواتباً باهضة لم يحظ بها أيٌ من مسؤولي النظام الجمهوري الجديد .! , لكنه لم تمضِ شهورٌ قلائل حتى ذهب” المُلّة ” الى شمال القطر وقادَ تمرّداً مسلّحاً شديداً ضدّ الدولة الجديدة , شعر الرئيس قاسم بعمق الطعنة من ألأمام ومن الخلف , ولم يبق له من خيارٍ سوى ارسال عدد من قطعات الجيش الى شمال العراق , لصد هجمات وتهجّمات البرزاني وميليشياته , ثم عاود قاسم بتعزيز قطعاته بأرسال وحدات عسكرية اخرى من مختلف صنوف الجيش .

وبدت الأمور وكأنّ العراق يخوض حرباً فعلية , واتضح للأستخبارات العسكرية العراقية أنّ كمياتٍ كبيرة من الأسلحة والذخائر والأمور اللوجستية الأخرى قد سبقت وصول البرزاني الى كردستان , وكانت مرسلة من ايران الشاه واسرائيل , ثمّ استمرّت المعارك بين الطرفين لسنواتٍ , حتى جرى القضاء على نظام قاسم في عام 1963 , واستمرّت بعدها إبّان حكم الرئيسين عبد السلام وعبدالرحمن عارف , وغدت صور شهداء الجيش العراقي تنشر على صفحات الجرائد , وكما معروفٌ فقد اشتدّت وتيرة الحرب في سنة 1968 بعد الإطاحة بنظام الرئيس عارف , حتى تمّ توقيع اتفاقية الجزائر في عام 1975 بين العراق وشاه ايران التي تخلّى الأخير بموجبها عن مصطفى البرزاني , وهرب الى امريكا ووارى الثرى هناك , وعلى اثر تلك الأتفاقية انهار التمرد الكردي المسلح في شمال العراق , وسلّم الآلاف من البيش مركة انفسهم الى القوات العراقية .

لكنّ هذا التمرّد عاد مرةً اخرى في ثمانينيات القرن الماضي اثناء الحرب العراقية – الأيرانية , وتعاون قوات حزب الأتحاد الوطني الكردستاني ” الطالباني ” مع الجيش الأيراني , وحدث ما حدث بعدها , حتى عام 2003 بتعاونٍ وتنسيقٍ كاملين بين بيشمركة مسعود البرزاني وبيشمركة جلال الطالباني مع قوات المارينز الأمريكية التي سهّلت لهم غزو العراق واحتلاله , وبموجبه تأسس الأقليم وحكومته , ونقل الأمريكان مليارات من الدولارات المخزونة في البنك المركزي الى كردستان .

لسنا هنا بصدد استعراض احداثٍ تأريخية , ولا ايضاح ما واضحٌ اصلاً عن وقوف الحزبين الكرديين ضد الأجنبي طوال عهود حكومات الدولة العراقية , انّما فقط نشير الى اننا لازلنا ندفع ثمن غلطة الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم الذي أعاد مصطفى البرزاني من منفاه .