الجميع يتذكر الحملة التزويقية التي انبرى لها السائرون في فلك إيران حول الرئيس الروسي بوتين، حينما تم إنشاء التحالف الرباعي وأعلن عن التدخل الروسي العسكري في سوريا من أجل إنقاد الطاغية بشار، فبين ليلة وضحاها تحول بوتين إلى مُلا بوتين ورجل شيعي من أصل عراقي وراحت الأطروحات تنهال على هذه الشخصية، وتحليل اسم بوتين على أن أبيه اسمه عبد الأمير، وكان يبيع التين ويعرف بعبد الأمير أبو التين ولما سافر إلى روسيا صار بوتين للاختصار والتخفيف!!!، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث سوقت أطروحة أن بوتين هو المسيح الذي ينصر المنتظر، فهو ناصر المذهب ومنقذ المذهب وغيرها من التفسيرات والأطروحات والقصص التي تم إعدادها في دهاليز الكهنوت ومصانع تصدير المنتجات التضليلية التي تشرف عليها إيران وأدواتها، من أجل تكريس وتعميق حالة استقطاب وشد الشارع العراقي خصوصاً نحو القطب الإيراني وإرادته وأجنداته التي لا تخدم إلا مشروعه الإمبراطوري الشعوبي…فها هو ناصر المذهب والمُخلِّص والمسيح وقاهر النواصب كما يسميه حلفاء إيران، يُولي الدبر ويقرر الانسحاب من سوريا تاركاً بشار( الطاغية) الذي أيضاً أضفيت عليه ألقاب كناصر المذهب وممثل المذهب وحامي المقدسات وعباس العصر (حامي زينب) وغيرها من الألقاب، بعد أن كان الشيعة الصفويون وساستهم يعتبرون بشار بعثياً وداعم البعثيين والإرهابيين وحاضنهم، وإن سوريا مصدر الإرهاب والتفجيرات التي طالت العراقيين، ترى ماذا سيقول الآن أدوات إيران وحلفاؤها ومن سار بركبها عن بوتين فهل سيصبح من الخوارج أو النواصب أو بعثياً أو قطرياً أو سعودياً أو داعشياً أو…؟!!!،السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى متى يبقى العراق وشعبه يُدار من قبل أدوات إيران السياسية والدينية والمليشياوية، التي استخفت به وبدمائه ومقدساته وسوقت له من الأساطير والخرافات والشماعات ما لا تنطلي حتى على السذج؟!!، إلى متى يبقى العراق قابعاً خاضعاً لسلطة وإرادة المحتل الإيراني الأخطر الأشرس الذي أهلك الحرث والنسل؟!!، إلى متى يبقى العراق وشعبه بعيداً ومنعزلاً عن محيطة وانتمائه وعمقه العربي، وهو أمر عملت ولازالت تعمل على تكريسه إيران وحلفاؤها في العراق لكي تنفرد في ابتلاعها لهذا البلد وقدراته، ماذا جنا العراق وشعبه من إيران وأدواتها غير الخسران والويل والثبور ومن سيء إلى أسوأ؟!!،أما آن الآوان لكي تأخذ الأصوات والكفاءات المهنية والحلول والمشاريع العراقية الصادقة الناجعة دورها وتُطبَّق على أرض الواقع وفي طليعتها تلك التي طرحها المرجع العراقي العربي الصرخي الذي شخَّص الداء، وحدَّد الدواء وحذَّر من الخطر الإيراني ومشروعه الإمبراطوري التوسعي، وقاومه ووقف ضده جهاراً بالقول والمواقف الثابتة الصريحة الجريئة، وحذَّر من المراهنة على إيران لأنها رهان خاسر، وطرح إستراتيجية متكاملة شاملة تتمثل في مشروع خلاص لإنقاذ العراق، بل والمنطقة من الأزمات التي تعاني منها والأخطار التي تداهمها، وأبرزها الخطر الإيراني وإفرازاته السرطانية، واعتبر أن مفتاح الخلاص يبدأ من إخراج إيران من اللعبة العراقية والذي يستلزم إخراج أدواتها وأذرعها، لأن أي مشروع وطني صادق سيكون مصيره الفشل مادامت إيران هي المحتل والمتحكم والمقرر في العراق، ثم هل تتدارك الدول العربية أخطاءها وتخرج من الفخ الذي دفعتهم فيه إيران حينما ترك العرب العراق فريسة تنهشها مخالب المحتل الإيراني وأدواته فصار الخطر يداهم تلك الدول وشعوبها وأمنها واستقرارها ؟!!، كما أشار إلى ذلك المرجع العربي الصرخي في نصيحته التي جاءت في سياق جواب له على استفتاء رفع إليه حيث قال ما نصه: (( ثانيًا ــ هنا يقال: هل يمكن تدارك ما فات؟!! وهل يمكن تصحيح المسار؟!! وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو اختارت المواجهة سابقًاً وقبل الاتفاق النووي؟!! فالدول الآن في وضع خطير لا تُحسَد عليه!!! فبعد الاتفاق النووي اكتسبت إيران قوةً وزخمًا وانفلاتًا تجاه تلك الدول!! وصار نظر إيران شاخصًا إليها ومركَّزًا عليها!! فهل ستختار الدول المواجهة؟!! وهل هي قادرة عليها والصمود فيها إلى الآخِر؟!!)).كل ما بُني ويُبنى على الوهم والخرافة وأساطير مُلا بوتين وغيرها التي مُرِّرَت بإسم الدين والمذهب (وهما منها براء)، والتبعية والانقياد المذل والولاء لغير العراق فنتائجه الفشل والخسران المبين، وكل ما يُطرح من مشاريع إعلامية انتهازية تسوقها أدوات إيران قد بان زيفها وخداعها، وكل المراهنات التي سوقت لها إيران وأدواتها ثبت وبالتجربة أنها رهانات خاسرة لا تخدم إلا المشروع الإيراني ومصالحها الشخصية، فبالأمس تحجم المرجعية الكهنوتية وصمام الأمان عن التدخل بالسياسة بعد أن أقحمت العراق وشعبه في نفق مظلم ومستنقع الفساد ومحرقة الطائفية تنتظر صاحب الكفة العليا لكي تنبطح له، واليوم بوتين والحبل على الجرار…، والخاسر الوحيد هو العراق وشعبه وهذا ما ينعكس سلباً على العرب ودول المنطقة إذا لم تتدارك الأمر.