جاء خطاب مقتدى الصدر الأخير للتأكيد على ثلاث نقاط هي: الأولىأنه الوارث الوحيد لآل الصدر ، والثانية أن الحكومة قادمة من وراء الحدود ، والثالثة أن مقتدى الصدر يقف على مسافة واحدة من الجميع.. وتجسد هذه المحاور الغاية من الخطاب كله…!
النقطة الأولى: يروم إشعار السياسين الآخرينمن خلالها وخصوصا حزب الدعوة بقيادة المالكي أنهم لايمثلون نهج آل الصدر سيما الشهيد محمد باقر الصدر بل أساؤوا إليهم وهذا ليس من حق المالكي أو حزبه ، فمقتدى الوريث الوحيد لآل الصدر وهو الذي يمثل النهج الأسلامي القويم الذي تبناه آل الصدر ودعوا إليه ، كما يريد تنبيه الشعب العراقي الى أن حزب الدعوة حزب منحرف وصادر تضحيات آل الصدر ودمائهم التي سفكت من أجل الشعب العراقي بجميع مكوناته وبهذا فهو (أي مقتدى) صاحب الفضل الأول على هذا الشعب.
النقطة الثانية: الحكومة الحالية غريبة طارئة على العراق لأنها قادمة من خلف الحدود ، وهذا إتهام لحكومة المالكي وحزبه إنهم عملاء لدول خارجية لا يحبون الوطن بل يتآمرون عليه وينهبون ثرواته ويكرهون أبنائه ويعتقلونهم ويقتلونهم ، ويعتبرهذا تحريض ضمني للشعب العراقي ضد الحكومة وبنفس الوقت محاولة مغازلة الشعب وإقناعه أن مقتدى هو الجهة الوطنية الوحيدة التي تنتمي فعلا الى الشعب العراقي والجهات الأخرى هي دخيلة ومرتبطة بجهات خارجية جاءت لتنفيذ مخططاتها.
النقطة الثالثة: يقف مقتدى الصدر على مسافة واحدة من الجميع..! وبهذا فهو الأبوالقائد والمرجع الأعلى والمرشد العاموعلى الجميع الدخول تحت لوائه ، فهو يروم القول أن حل المعضلات والمشكلات بكل أنواعها السياسية والشرعية عندي ويجري حلها على يدي…! وبهذا فهو منافس حقيقي للمرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني.
هذه النقاط الثلاث يجب التوقف عندها كثيرا ، فليس من الذكاء أن يمر هذا الخطاب بشكل عابر دون النظر الى مراميه بدقة أو يسود لدينا إعتقاد أن مقتدى سوف يعتزل العمل السياسي..! كلا أبدا لأن هذا التصور لاينسجم مع شخصية مقتدى الصدر الطموح لقيادة العراق والوصول الى السلطة فهو طالب للسلطان بشكل جامح لا يلوي على شئ يقف في طريق تحقيق أهدافه إلا حطمه.
ولكي لا نذهب بعيدا علينا مراجعة مواقف مقتدى الصدر خلال فترة الأربع سنوات الماضية فقط وما رافقها من مناكفات سنعثر على كثير من الخيوط التي تقودنا الى نتيجة مفادها أن هذه الخطوة التي قام بها الصدر هي مقدمة لخطوات قادمة أعدت بإحكام سوف يَعلن في نهايتها نفسه مرجعا دينيا أعلى ووليا لأمور المسلمين وقائدا وطنيا إسلاميا أوحدا للشيعة والسنة وعلى الجميع إتباع فتواه وتنفيذ توجيهاته…!
بذلت حكومة آل سعود أموالا طائلة ولازالت تبذل جهودا مضنية لإزاحة الشيعة عن سدة الحكم واليوم ترسل الأسلحة والإرهابين من أجل أن يبقَ العراق يعيش حالة الإرباك السياسي والتخلف الأقتصادي ولتبق السعودية الأول في تصدير النفط والدولة الأقوى إقتصاديا في المنطقة ، لكنها لحد الآن لم تحقق نجاحات كبيرة ترقى الى مستوى طموحاتها لهذا عطفت الى إتباع اسلوب آخر لغرض تدمير العقبة الكبرى في العراق وهم الأغلبية الشيعية وإمساكها برئاسة الحكومة وعليه لابد من تفتيت هذه الأغلبية وتمزيقها وبأسلوب الضد النوعي ومن هنا أصغت السعودية الى نصائح أصدقائها العراقين الذين لهم خبرة طويلة في التخطيط وإعداد الطبخات السياسية لتنفيذ هذا المشروع واستدراج مقتدى الصدر لما يتمتع به من سذاجة وطموح فاضح للرئاسة والأتفاق معه ومنحه الدعم المالي والسياسي الكامل.
أصدقاء مقتدى الصدر وحلفائه هم من أكابر خصوم الشيعة أولهم النجيفي والهاشمي ورافع العيساوي وأياد علاوي والعدو المخضرم للشيعة القومي حسن العلوي ، تصريحات هؤلاء جميعا تؤكد أن هناك طبخة ما أعدت بشكل هادئ في مطابخ الرياض…بيان أو تصريح حسن العلوي الأخير الذي جاء بعد خطاب مقتدى الصدر يؤكد أن السعودية وقطر ودول الخليج تقدم الدعم الكبير لأن يكون مقتدى الصدر المرجع الديني الأعلى لشيعة العراق والقائد الأوحد والزعيم الموحد لكافة أطياف الشعب العراقي ، لأن حسن العلوي هو أحد أعضاء المطبخ في الرياض وهو صاحب الأفكار والإقتراحات لتدمير شيعة العراق ، ولا يتصور أحد أن حسن العلوي يتمتع بحدس سياسي عال أو يتنبأ بما يجري بقادم الأيام بقدر ما هو مطلع بشكل تام على ما يجري في الرياض ومشاركته في هذه الطبخة..! حسن العلوي يؤكد في كثير من تصريحاته أن التيار الصدري سوف يكون له مستقبلا سياسيا مشرقا وهو التيار الوطني الحريص على وحدة العراق ومن هنا صرح حسن العلوي أنه سوف يرشح للإنتخابات القادمة ضمن قائمة التيار الصدري..!
سيتم قريبا إعلان مقتدى الصدر مجتهدا ومرجعا دينيا أعلى بفضل المال السعودي وتوزيعه على الوكلاء والمعممين والإنتهازين والوصولين الذين سيقفون وبإزدحام شديدعلى بابه لإستلام مخصصاتهم للإسراع في الترويج لمرجعيته..! سوف تزورنتائج الإنتخابات القادمة لصالح التيار الصدري لغرض فوزه بالكتلة الأكبر ليتسلم رئاسة الحكومة وستكون بيده قيادة القوات المسلحة والداخلية وقوى الأمن والأستيلاء على كافة مقدرات البلاد وتصفية خصومه السياسين وأولهم المالكي ورموز حزب الدعوة والحكيم ومجلسه الأعلى وتسفير وطرد كافة مراجع الدين والعلماء من غير العراقين والعرب من النجف الى خارج العراق وتأسيس حوزات دينية تحت عنوان العرب والعروبة..! كما لايفوتنا أن نذكر أن مقتدى الصدر قد يوكل قيادة الخط السياسي للتيار الصدري الى جعفر محمد باقر الصدر مستغلا إرث أبيه وتاريخه وتضحيته لإستداج المغفلين وكسبهم الى قاعدته الشعبية بل قد يرشح بديلا عن المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة ، ولاعجب اذا قلنا أن هذه الطبخة تمت بموافقة الأدارة الأمريكية…!
يبقى شيئا مهما ينبغي علينا قوله وهو أن إيران هي المسؤول الأول والأخير عن إعلاء شأن مقتدى وإعادة الروح إليه ودعمه بعد صولة الفرسان التي كادت أن تنهي وجوده في العراق ، فهي التي سهلت وخططت له ليحتل هذا العدد من المقاعد في مجلس النواب ، ومن هنا يتوجب على القيادات الإيرانية الدينية منها والرسمية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة وتسارع الى تصحيح أخطائها بإتخاذ كافة الأجراءات والإحتياطات لتحجيم دور مقتدى الصدر في العراق وكبح جماحه ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ومنعه من تنفيذ مخطط آل سعود..وإلا فسيكون مقتدى الصدر دكتاتورا مخيفا يجثم على صدر العراق.
[email protected]