إشتغلت على مساحة ضيقة أمام تلفاز وطاولة خالية وكلينر سايرس ومنشفة رُميّت على أحد درجات سلم ،وأشتغلتُ على أن ليس هناك معجزة من أن يأتي الغراب وأُسطحَ العمقَ وأصنع نظاما بلابُنية أساسية وكان بعد ذلك أن أستعد لفكرة النفي قبل أن يطلب مني إيضاحا عن الشئ هل هو من نفسه أم خليقه ، شعرت بأن الأشياء تتصورني وبعض مني يتصور قيمة مامر حين تماثل الفراغ خارج مفهومه الحرفي وبدأت بالصمت الذي أكمل أول النص ثم بالدخان الذي شق الماء وكذا بموتى الأمراض الوراثية كانت رؤيتي أني لازلت في غيض عن وجودي الذي يفسر الحياة بالضغينة تجاه الوجود البدائي دون الإنتباه للأساس الفريد لِما جمعت تلك المراحل من الخصائص وكان كل شئ يحتاج الى إسناد ما ومجامعة أولية بين المخلوقات إن إشتهى فالنتين أندريه طي الصفحات الأخيرة من أعراس كرستيان أو أغفل غري جيفري دعوة العامة لزيارة متحف السحرة أو أراد أدونيس من الرمز إنتهاك المحارم،وشيئاً فشيئا وجدت نفسي تقترب من رُعب التاريخ ومن حركة الزمن ومن بينها تلك العصور الحديثة التي كان هَم الناس بها هو التصفيق ،أنست برؤيا قدح من الشاي عند مخيلة بعيدة وسمعت خرير مياه من تلاوة غير مفهومة وشاهدتُ نيرانا عند مذبح للأيائل ليصاحب الدم الذي يتنافرُ من الأعناق تراتيل أيضا غير مفهومة وهكذا بدأ لي أن موضوعي سيكون محدد المعالم ولكن عليَ أن لاأدركه إدراكا حسياً وهو الشرط الذي إشترطتُه وزميلة لي حين أبحرنا من ميناء بيريه بعد أن رفعنا أيدينا بالتوديع لجبل أتوس ، وما أن أديرت دفة القيادة حتى تخلص كلانا من تناقضاته سواء ما يتعلق بترتيبات الوعي واللغة والتصورات مقابل شعورنا من أن عالم الإنسان ينمو في سلسلة من عمليات إندماج الأضداد وهو قول قرأناه لهيغل وعلق عليه فيما بعد هربرت ماركوز ،إمتدت أذناي لكلمات الأمواج وصافرات البواخر والطيور التي ترافقنا وتنشد أناشيد هي الأخرى غير مفهومة وكانت زميلتي كلما لامس وجهها رذاذُ البحر بدأت في مناجاتي مناجاة مشوشة ليكتمل نصفُ النَص بعد أن كان الصمتُ قد أكمل بدايته ، في طريق عيني بين الأوراق التي حملتها معي مررت على اليهود الأحرار والآثار البليغة التي تخلقها الخلفيات الدينية والأشياء التي يحاول البعض تقديسها وهي باهتة الإهتمام ، داعبتُ يدي زميلتي التائهة في لانهايات البحر وسألتها عن ( التخارج – وما بعد التاريخي – المجاز المرسل- وعلاقة بلانشو برولان بارت .. ) وعند مداعبتها لأصابعي سألّت عن نصف القنينة التي تركتها على الشاطئ وعن خِمار المغربية والشكل الدرامي لكل وجود مسبق ، وجدت أن أسئلتها التي وجهت لي لن أستطع من خلالها أن أصنع نظاما بلا بُنية أساسية وأن فكرة النفي ستقتصر على تعريفها الوظيفي وستبدو الأشياء متطابقة في الغايات وهذا ماكنت أخشاه من التفسير الفيزيائي للوجود الإلهي ومن المطابقات اللاعقلانية التي أنتجت كَماً من قضايا الجدل وكما من الحقائق المعرفية ،،أيقنت أن الرؤية التي لاتريد زميلتي أن تتحدث عنها لأنها ترى من أن شيوعها سينظرُ اليه على أنه(مشروع خارج عن القانون ) حتى من الخلائق غير البشرية التي بدأت لحظتها بالجماع بعضها مع البعض أينما كانت تحل في اليابسة أو في المياه فالذين تعودوا التصفيق ينظرون الى الكون نظرة مصطنعة من خلال ما يُلبي من مصالحهم وآخرون بالضد منهم يأنفون الإستسلام والتسليم لما يشاع عن القدر وكيفية المصير ، تمنيت أن تدب بي تلك القوى الروحية والتي حلقت بـ ويتمان في (أنشودة نفسي ) وخصوصاً بعد أن إكتسى الليل أخر سواده وأتى الغرابُ يسألني عن نوع الخبز الذي فوق رأسي قبل أن نتبادلَ قُبلَ سلامة الوصول لجزيرة كريت،
[email protected]