23 ديسمبر، 2024 5:01 ص

مَن يستحق جائزة نوبل في التأسيس للديكتاتورية ؟!

مَن يستحق جائزة نوبل في التأسيس للديكتاتورية ؟!

يمكن القول أن الديكتاتورية الفكرية أصل وأساس لكل أنواع الديكتاتورية والاستبداد، ذلك لأن الديكتاتور والمُستبد الذي يمارس الديكتاتورية على مختلف أنواعها، إنما يتخذ قراراته دون الرجوع إلى مَن هم تحته في المسؤولية فضلا عن الرعية، وهو يَقدِم على ذلك لأنه يرى آراءهم وأفكارهم لا قيمة لها، وأنه أوتي من الحكمة ما لم يؤت غيره وهو نهج فرعوني حكي عنه القرآن الكريم: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} سورة غافر:29،
فالديكتاتورية الفكرية وجدت أولا وبعدها ولدت بقية الأنواع الأخرى من الديكتاتوريات، لأن السلوك والمواقف والأعمال إنما هي نتيجة أفكار ورؤى موجودة في الذهن، ومع وجود الديكتاتورية الفكرية فان بقية أنواع الديكتاتوريات يمكن لها أن تنشا فيما لو توفرت أجوائها وظروفها، وعليه فان الديكتاتورية الفكرية لا تقل خطورة عن ديكتاتورية السلطة وغيرها إنْ لم تكن اخطر منها..
تؤكد المعطيات أن الفكر التكفيري المتطرف يشكل الأساس للديكتاتورية، لأنه فكرٌ لا يقبل الغير، بل يُكفِّره ويبيح دمه وماله وعرضه ومقدساته، وهذا ما دفع احد المحققين المعاصرين بالقول: يا دواعش أيها التيميون شيخكم يستحق جائزة نوبل في التأسيس للديكتاتورية!!!،
النزعة الدكتاتورية بكل تطبيقاتها ومظاهرها سواء كانت الديكتاتورية الفكرية أو الديكتاتورية الإدارية أو ديكتاتورية السلطة وديكتاتورية الرأي والحكم والقرار والموقف وغيرها، كانت ولا زالت هي السائدة والمسيطرة والمتحكمة، ولم تستطع حتى الثقافة الديمقراطية القادمة من وراء الحدود أن تستأصل هوس الديكتاتورية المتجذر في نفوس المتسلطين حتى عندما ركبوا أمواج الديمقراطية للوصول إلى السلطة وحينما تمكنوا واستمكنوا بادروا إلى التاسيس لديكتاتوريتهم على ركام أكذوبة الديمقراطية التي خدعوا الناس بها،
لم تنتهي المأساة عند هذا الحد بل وصلت ذروتها حينما مورست الديكتاتورية في العراق ومررت باسم الدين واكتسبت شرعيتها المزيفة منه فصار التمسك بالحكم الديكتاتوري يُعد نصرة للدين وحكومة الدين وشعائر الدين كما روج ويروج لذلك الديكتاتور وملحقاته ومن أمضى ديكتاتوريته من وعاظ الديكتاتورية الذين يتوارون خلف عناوين وشعارات براقة لاتصل حالا للخداع والتضليل، وكل هذا وغيره ما كان ليكون لو لا تفشي الجهل المطبق في المجتمع والانقياد الأعمى المذل للمتاجرين بالدين….
بقلم
أحمد الدراجي