سؤال كان يُطرح …ولكن على حياء… ومن أول ساعات ترشيح العبادي … خاصة مع الترحيب الدولي الذي حضي به العبادي لتشكيل الكابينة الوزارية الجديدة … ولعل دعما أكبر ( زاد من حياء السؤال ! ) كان من قبل الكتل السياسية العراقية المُتناحرة !!! … والتي رحبت بالعبادي بينما لم ترحب بمستقبل آمن للعراق من قبل !!! … ولكن وبعد الأخبار الأخيرة عن إنهيار المفاوضات ( الشيعية – السُنية ) بين التحالف الوطني وإتحاد القوى الوطنية في تشكيل الحكومة الموعودة … صار لهذا السؤال رواج في الساحة … وطعم خاص في جلسات ومنتديات العراقيين … وقوة في الطرح تجاوزت الحياء … وتعدت الخجل ! .
لا أريد أن أطيل في التقديم … بل سأدخل في ضجيج إجابات الشارع العراقي مع إختلاف مشاربه … وتعدد مذاهبه … وتنوع مآربه … عن هذا السؤال الخطير … لأستخلص أهم ما يطرح في الساحة العراقية من إجابات عن صاحب المصلحة الحقيقية في إفشال العبادي في تشكيل الحكومة :
أولا: المالكي … ومن خلال بعض زبانيته سواء كانوا داخل التحالف الوطني … أو في لجنة التفاوض مع بقية الكتل … حيث يرفضوا تحقيق المطالب أو الحقوق المشروعة لممثلي المكون العربي السني … ويشاكسون أعضاء لجنة التفاوض … بل وينفّرونهم … ويُلجؤونهم إلى المُقاطعة … حتى تنتهي المدة الدستورية المحددة للعبادي لتشكيل الوزارة …ومن دون أن تتشكل ! … فيحصلوا على فرصة ثانية لترشيح المالكي ومن خلال عودة المطالبة بحكومة الأغلبية السياسية ( بحجة عدم القدرة على تشكيل حكومة الشراكة ! ) … والتي لن يستغرق تشكيلها سوى أيام ! … والتعويل على تشكيلها بهذه السرعة … مبني على العدد الكبير من سنة المالكي في البرلمان العراقي اليوم أولا … وإمكانية إغراء الكرد وإستمالتهم للمشاركة من خلال حصولهم على مكتسبات مالية وجغرافية … ثانيا .
وهو طرح واقعي … يتوافق مع طبيعة المالكي الدكتاتورية ونفسه الإنتقامي الطويل … ولكنه سيصطدم مع الإرادة الدولية وعلى رأسها أميركا ودول خليجية وأوربية … والعازمة على عزل المالكي … بل وحرمانه من أي منصب قيادي في الحكومة القادمة … بعد أن سببت جرائمه ما سببت من عار ودمار.
ثانيا: إتحاد قوى التحالف … حيث تعتمد الكتل السنية على رفع المطالب (الحقوق المُغتصبة ) وهي تعول في هذا على الولايات المتحدة التي صرحت بضرورة إستعادة المكون السُني لحقوقه … بل وإرجاء دعمها للعراق ضد الإرهاب إلى ما بعد بتشكيل حكومة وطنية تشمل الجميع … ومرضي عنها من قبل الجميع … وبالتالي فان السنة العرب هم بيضة القبان التي لن تكون هناك حكومة ترى النور اليوم من دونهم … وسط التحديات الأمنية والداعشية التي تعصف بالبلاد .
وهو طرح وارد … فاوباما صار يتغزل في خطاباته بذكر السنّة وتهميشهم من قبل حكومات المالكي … ولكن مثل هذا الطرح يصطدم بما عهدناه من غدر أميركي …وعدم التزام الولايات المتحدة بوعودها … وتركها للمظلومين من أهل السنة في مُنتصف الطريق … ولنا في أحداث العراقوسوريا الكثير من الدروس والعبر .
ثالثا: الولايات المُتحدة … وهي ترغب بضربة تأديبية أخرى للتحالف الوطني … بعدما أدبت من لا يعرب معنى الأدب فيه ! … وقد عرفت فيهم فشل القيادة وغدر الوعود … وجل الكتل السياسية العراقية قد تكون أدواتها بهذا السيناريو … فتخلط الأوراق … وقد تثير من الفوضى والتدهور الأمني ما تثير … مما يعطيها العذر بل والدعم من الكونغرس وربما العالم للتدخل وحسم الأمر من خلال حكومة إنقاذ وطني تُعينها لتدارك الوضع … وليس غريبا أن يكون على رأسها أياد علاوي … أو … سلطان هاشم !!! .
وهو طرح صعب … خاصة مع سخونة الأوضاع في المنطقة … وصعوبة المراهنة على تحقيق مثل هذا السيناريو لغاياته مع كثرة المؤثرات في الساحة العراقية … ولكنها أميركا ! .
رابعا: إيران … وهي على ما يبدوا غير راضية عن العبادي … وقبلته على مضض … بل تجرعته … كما تجرع خميني سم إيقاف الحرب العراقية – الإيرانية ! … وهي لم تستح من ذكر ذلك علنا في إعلامها … ولكنها تراجعت بعد ذلك عن توجهها وانحنت أمام الترحيب الدولي بالعبادي … ليس من باب إقراره ! … ولكن من باب كسب الوقت الذي يمكنها من أن تلعب لعبتها الخبيثة … لتسقطه من خلال فشله في تشكيل الحكومة …والإتيان بمرشحها وخادم مشروعها المُطيع … وعلى نار هادئة ! .
وهو طرح مُخيف … وقد يكون عملائها الخُلّص داخل التحالف الوطني هم أدواته ! … ولإيران ولات وجولات بمثل هذه المُخططات الخبيثة .
أعود وأقول … إن الترحيب الدولي … وتفاؤل الكتل السياسية … والأمل الجماهيري … كل هذه غير كافية لضمان مستقبل آمن للعراقيين … يُبعد عنهم نار الويلات … وعيش الآهات … ولكن هناك أمل بعد الله تعالى … بضغط جماهيري فاعل … أو إصرار سياسي متواصل … من أجل عدم السماح بالعب بمستقبل العراق والعراققين … اللهم آمين .