23 ديسمبر، 2024 9:03 ص

مَن دخلَ دار أبو أسراء فهو آمِـن

مَن دخلَ دار أبو أسراء فهو آمِـن

بدأت المفوضية العليا للانتخابات تحضيراتها لاجراء الانتخابات العامة لمجالس المحافظات، وعملت ابتداءا بالمصادقة على الكيانات السياسية التي ستخوض غمار الانتخابات المحلية في محافظات العراق، والتعريف بها وبرؤسائها للجمهور العراقي.
وكعادة كل فترة انتخابية تظهر لنا كيانات وليدة جديدة، او كيانات منشقة عن احزاب او كتل شاركتها سابقا في الانتخابات الماضية، مع احتفاظ بعض الاحزاب والكتل بعناوينها ورموزها كما كانت بداياتها في المشاركة السياسية.
وفي هذا الخصوص قرات خبرا مفاده ان المفوضية العليا للانتخابات صادقت على كيان سياسي يحمل اسم جبهة الانصاف، بزعامة النائب السابق في البرلمان مشعان الجبوري.
وليس غريبا قراءة او سماع أي خبر اليوم في العراق، مهما شعرت بكونه عجيبا او خارقا او غريبا، وذلك في ظل المزايدات والتنافس السياسي والضحك على الذقون الذي تمارسه البعض من القوى السياسية مع شديد الاسف مع جمهورها، متجهالة بمثل هكذا افعال، المهنية والموضوعية، قافزة بذلك على الثوابت الدينية والوطنية.
وللتذكير فقط، لمن نسي او تناسى، او غض الطرف متعمدا، فان المحكمة الجنائية المركزية كانت قد اصدرت حكما بالسجن بحق النائب السابق مشعان الجبوري لمدة 15 سنه بتهم الفساد الاداري والمالي لتورطه بالاستيلاء على مبالغ إطعام أفواج حماية المنشآت النفطية التابعة لوزارة الدفاع بين عامي 2004 و2005 وتأسيسه لهذا الغرض شركة وهمية للأطعمة مع نجله (يزن)، اضافة الى اتهامه بعمليات دعم المجاميع المسلحة المتورطة بالدم العراقي، وقد حكم عليه وفق المادة 4 ارهاب على اثر ذلك.
وكلنا يعرف هذا النائب جيدا، كيف كان بالامس القريب يزمر ويطبل على التشيع ويصفهم بالصفويين ليل نهار، حتى ان دولة الرئيس اتهم الجارة سوريا وحكومتها في ذلك الوقت بدعم الارهاب وتصديره للعراق، وذلك من خلال ما تعرضه القناة الفضائية التي يملكها النائب الجبوري والمسماة بـ (قناة الرأي) كل يوم للمشاهدين عن كيفية تصنيع واستعمال المتفجرات.
الا انه يمكن ان نجد العذر للحزب الحاكم ورئيسه، وذلك لضرورات المرحلة الراهنة، والقاضية بايجاد جبهات جديدة تسانده وتقف معه في وجه خصومه السياسيين، لذا فهم حين بحثوا لم يجدوا افضل من النائب مشعان الجبوري ليوكلوا له مثل هكذا مهمة رخيصة في الوقت الحالي، لتوافر كل الشروط المناسبة فيه، فهو انسان بلا مبدا، ومشهور بالفساد والسرقة وارتياد دور المجون والمراقص والملاهي، اضافة الى انه يملك وسيلة اعلامية ستكون المدفع الذي يوجه نيران الحزب الحاكم للخصوم، من خلف الكواليس.
وللعلم ايضا فانه قد اوكلت مهام تبرات النائب الجبوري وترتيب اوراقه واعادته الى ارض الوطن بريئا من كل التهم الموجهة اليه، الى احد النواب المقيمين في لبنان، والذي هو على شاكلة الجبوري، ليقوم باجراء كل الترتيبات اللازمة المتعلقة بتبراته وارجاعه الى الساحة السياسية باسرع وقت ممكن.
وفعلا لم تدم محاكمة النائب الجبوري سوى 11 دقيقة و34 ثانية، حتى اعلنت نفس المحكمة التي وجهت له كيل التهم بالامس عن براءته اليوم من كل التهم الموجهة اليه، وسمحت له بممارسة كل نشاطاته على مختلف الاصعدة.
وهذا ليس بالشيء الجديد على قضائنا الذي اصبح السلاح الفعال في كل الاوقات الضائعة التي يقع فيها الحزب الحاكم في مطبات ومشاكل وازمات، فينجده باسرع ما يمكن، وما موضوع تفسير الكتلة النيابية الاكبر الا واحدة من العديد من اطواق النجاة التي خلصت عنق الرئيس واصحابه.
الا ان الجيد في الموضوع هو ان من يعرف الحزب الحاكم، لن يتفاجأ مما يسمعه او يقراه او يشاهده، لانه فهم سياسته في التعاطي مع الاوضاع، والقائمة على اسلوب ضرب الخصوم فيما بينهم والسعي الى تشتيت قوائمهم، ومن ثم اضعافهم والسيطرة عليهم، وهذا ما فعلوه مع المجلس الاعلى ومنظمة بدر، ومن ثم مع القائمة العراقية والقائمة البيضاء، وبعدها مع القوائم الكردية وحركة التغيير، اضافة الى سعيهم الحثيث والكبير في العمل على شق الصف الصدري واضعافه، وذلك من خلال القاء الطعم الرخيص للبعض من الشخصيات، سواء التي كانت تعمل سابقا في زمن السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره، او التي عملت لاحقا مع سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر اعزه الله.
وفعلا، قد نجحوا في كسب البعض من هؤلاء، واشتروا ذممهم بدراهم بخس معدودة، لا تغني ولا تسمن من جوع. وهنا بدوري اقول للحزب الحاكم ورئيسه لسنا منزعجين مما تفعلونه، بل شكرا لكم ومن صميم قلبي، وبالنيابة عن كل فرد في التيار الصدري على تخليصكم ايانا من هذه الترسبات التي لو بقيت اكثر بيننا فستنخر التيار بأكسدتها وعفونتها لا العكس من ذلك كما تظنون وتخططون.