22 ديسمبر، 2024 2:17 م

يسود القلق مجتمعنا العراقي عامة وبغداد خاصة لتدهورالواقع الأمني في بغداد و الحلة وكربلاء والرمادي وتكريت وديالى, بعد النكسة المريرة في الموصل وتكريت والرمادي.وإنسحب هذا الواقع الأمني على الإقتصاد . فتراجع وكسدت الأسواق وتضاءل مدخول الفرد العراقي. وتفشت الباطلة فشملت شرائح عمرية مختلفة. فكيف لا والمواطن العراقي يحسب ألف حساب لمفاجئات المستقبل. فلا يفكر بمشروع ولاينفق مالاً فقد يحتاجه إن هُجِّرَ أو نسف منزله أو إستشهد معيله أو أصيب إصابة بليغة تعيقه عن العمل. وداعش تهدده بجدية و موجودة في كل أرض عراقية فهم ليس الوهابيين فقط بل هم كل مساند ومحرض وسارق للمال العام وفاسد ومسؤول متخاذل.

لم يقتصر ضرر التدهور الأمني على الأقتصاد حسب ,بل شمل العلم والتعليم. فلم يعد الطالب مقتدراً على إستيعاب العلم ً. فهو يرتجف هلعاً من التفجيرات ومن عصابات الجريمة المنظمة التي نشطت في الأيام الأخيرة .ولا يمتكن الإستاذ من الأبداع والتواصل العلمي مع الجديد من العلوم. فهو مضطرب البال كل يوم وكل ساعة. يمر عليه يومه وهو مشتت الذهن خائف من المجهول ومن جور الزمن. فالأرهاب والفساد المصاحب له أفسدا كل شيء ودمرا كل مفاصل البلد ومصادرثروته وبناه التحتية.

كنا ننتظر بعد التغير السياسي وتبادل السلطة أن يجري تقييمٌ الواقع الأمني. ووضع حلول جذرية لبناء قوات مسلحة مهنية وطنية.وإجراء محاكمة عادلة وعلنية لمن تسبب في نكسة حزيران العراقية.ليَعْلمَ العسكري إن هناك عقاباً للخيانة وثواباً لمن يدافع عن الأرض والعرض بأمانة. ولكننا جوبهنا بمعالجات وهمية وعقوبات دلالٍ لمن خان وفرط بشرف الوطن بإحالتهم على التقاعد.. إنتظر العراقيون حلولاً سريعة لأستعادة الأرض والمدن التي إستولت عليها داعش.وهذا وحده الذي يعيد لهم كرامتهم ويسعد الشهداء في قبورهم ويثلج صدور المهجرين .ولكنه أُحبِط وأصابه الياس والأحباط.

لن يكفنا إستعادة جرف الصخر من يد الأرهاب . نريد ضربة نوعية قاصمة له. وإستعادة الفلوجة أو الموصل أو تكريت. ضربة ترفع من معنويات أهل بغداد وتعزز صمودهم وبسالتهم وتأمنهم من خوف .

يظهر لنا كل يوم مسؤول عراقي يصرح بأن بغداد آمنة. ولا خطر عليها من داعش والواقع يقول إن داعش وخلاياها وقواها المسلحة موجودة في بغداد تفجر وتقتل وتخطف .إن غالبية العراقيين يعتقدون إن داعش موجودة من رأس الهرم الى قاعدته وفي مجلس الوزراء ومجلس النواب وفي المنطقة الخضراء و كل مفاصل الدولة والمجتمع. وتُثبِّت وجودها كل يوم في بغداد وكربلاء والأنبار والحلة والبصرة والموصل وتكريت لا بل في كل أرضٍ عراقية .فقد بات لها جيشٌ بسلاحٍ متطور قوي و أذرع وممولين وداعمين بالسر والعلن. وهم كل من يسهل لها ويأمن عملياتها من سياسيين ومسؤولين مرتبطين بمن يدفع لهم ويحرضهم وتجار وسراق للمال العام وكل مرتشٍ ومفسد . فكل هؤلاء أعمدة للأرهاب وعناوين له. فكيف يصدق العراقي بعد اليوم ساسة قرارهم ليس عراقياً بلّ مأخوذاً ممن يريد بالعراق شراً وكيف يصدق البغداديون إنَ بغداد آمنة وما يجري عكس ذلك .فهم في رعبٍ وهلعٍ وخوف مستمر. ويتوقعون أن يحلَّ بهم

ما حل بالموصليين. والكل يفكر أين سيذهب والى أينَ يلجأ؟ فمحيطهم يحقد عليهم لا لذنبٍ إرتكبوه. بل لسياسات فاشلة لساسة جهلة ضلّوا الطريق بعد أعمَتْ بصيرتهم السلطة والمال.

وبالمقابل تحدث وزير الدفاع الأمريكي وصرح بأن داعش تبعد 20كم فقط عن مطار بغداد وهو بوابتها.وصرح قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط : لولا الأباشي لسقط مطار بغداد. وكل يوم نسمع من قياداتنا إن قواتنا المسلحة صدت هجوماً على مصفى بيجي وعامرية الفلوجة وهيت وجلولاء أو أماكن أخرى . ولكنَّ داعش تهاجم كل يوم. قواتنا تتصرف بردود أفعال لا بأفعال. كمن يضع يديه على رأسه ليحميه من ضربات خصمه .ولا يرفعها مهاجماً هذا الخصم. والتجارب والسياقات العسكرية فيها الهجوم الأستباقي والدفاعي . ولكن هذا محرمٌ علينا لأمرٍ في نفس يعقوب؟ فمَنْ خطط لهذا؟ ومنْ أسس له وجعله مذهباً و مبدأً وفعلاً, ولماذا؟ داعش إستباحت بغداد بتفجيراتها كل يوم .ونحن عاجزون عن إستعادة تكريت أو الفلوجة أو الموصل .ومع هذا لا يمتلك ساستنا الشجاعة للأفصاح عن العجز وعدم المقدرة .وطلب الأسناد البري لسحق داعش و الخلاص منها. أو أنْ يسألوا الشعب بإستفتاء حرٍّ مباشرعن رأيه .أو أن يتركوا القرار لكل محافظة .فأهل مكة أدرى بشعابها. الشعب العراقي بأجمعه ساخطٌ على الأرهاب ومن يدعمه.ويتمنى سحقه بأسرع وقت .ويتشوقون لتحرير الفلوجة والموصل وتكريت من دنس الأرهاب وإجرامه.ولكن ليس بيده شيء.

نحن نفتخر بجيشنا الباسل وقواتنا المسلحة ولا نود أنْ نوهن منها أو نقلل من شأنها. ولكن الفساد الذي إعتراها والمناصب التي بيعت أو إسندت لأشخاص وفق مبدأ الطائفية والمحاصصة والعلاقات والولاءات ,هو ما جعلها غير قادرة على القيام بمهامها المطلوبة .وهي بحاجة الى وقت طويل لأعادة هيكلتها وتشكيلاتها وتسليحها وتدريبها حتى تتمكن من ردع البغاة داعش وأعوانها.وهذا الوقت الطويل سيكون بصالح داعش والأرهابيين المتحدين معها .وفي هذا خطر كبير على بغداد.

أهلنا في بغداد يستعدون للكارثة التي ستحل بهم إن بقيت الأمور على ما هيَ. وكما قال الأولون :مَنْ حُلِقَتْ لحيةُ جارٍ له فليسكب الماء على لحيته. وقد باشروا بنقع اللحى تحسباً لكل شيء بعد يأسهم وفقدان أملهم وخيبتهم.

حل الشتاء والنازحون في خيام مهلهلة فهل يستطيع ساستنا إعادتهم الى ديارهم أم إنَّ ما جرى سيكون واقع حال. ونصيبهم المخيمات والذل كإخوتنا الفلسطينيين والسوريين .

فهل نصدقكم سادتي المسؤولين؟ أم نصدق واقع الحال ونسكب الماء على اللحى؟