أرسل لي أحد الأخوة الزملاء مستفسرا عن ظاهرة متفشية في المجتمع , ولخصها كما جاء في رسالته:
” أريد أن أطرح عليكم موضوعا بدأ ينمو وبشكل ملفت , وهو غش الطالب في الإمتحان , ويبدو أن هناك ظروف موضوعية وذاتية تسرّع من الإنتشار , فالحالات التي لاحظتها:
1- الطالب يبدو على علم بطبيعة الظرف الحالي , وهو خوف المراقب الإمتحاني من الإبلاغ تحوطا من المشاكل والتهديد.
2- وجدت نوعا من الشخصيات الطلابية الجديدة والتي بطبيعتها تتحدى النظام والأعراف وغالبا ما تكون من المقبولين بدون معدلات وتم نقلهم من الكليات المناضرة (سوريا , أوكرانيا , أذربيجان).
3- قوانين تصدر سنويا بإعادة المفصولين إلى مقاعد الدراسة.
4- الجيل الجديد من المعلمين والمدرسين والمعيدين , غالبا ما يتغاضون بحجة التعاطف.
5- هناك إنقسام على أساس التعصب وليس المهنية بين المدرسين هذا الطالب من ملتهم فيتغاضى عنه.
6- وجدت نوعا من المراقبين هو الذي يساعد الطالب على الغش , نتيجة التعصب.
أريد أن أعرف مدى وجود هذه الظاهرة في الدول الأخرى ( أمريكا أو أي دولة لكم معرفة بها) , ومصير الطالب الغاش والقانون الجامعي كيف يتعامل مع هذه الظاهرة؟”
إنتهت الرسالة!!
قلت لزميلي على الفور ” وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا”
وتذكرت قول الرسول الكريم ” مَن غشنا فليس منا”
و”طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”
و ” إنما بُعِثت لأتمم مكارم الأخلاق”
و” إذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقِم عليهم مأتما وعويلا”
وكذلك قول محمد عبده عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 ” ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين , ولمّا عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاما”.
الإسلام حيٌّ في الغرب وميت في بلاد المسلمين!!
يا زميلي العزيز , الغش والكذب والمحسوبية والتعصب والرشوة جرائم لا تغتفر في أمريكا , وتحمّل المجتمع لها يساوي صفرا , فهي من المحرمات والخطوط الحمراء والخطايا الأخلاقية المروعة , التي تترتب عليها عواقب مريرة وقاسية!!
فإذا غش الطالب , سيوصم بالغش ما دام حيا وسيؤثر ذلك على مستقبله , لأنه سيُقال عنه قد غش في يوم ما ومن الممكن أن يكرر ذلك , أما الكذب فتلك لعنة ما بعدها لعنة.
فالكذب لا يُطاق أبدا!!
وبخصوص النقاط التي أشرت إليها , فأنها تُعد جرائم مخلة بالقيم والأخلاق والمواد الدستورية , وتترتب عليها عقوبات صارمة , ومحاكمات عارمة , ولو حصل هذا في مدرسة فأن أبناء المنطقة سينتفضون ولا يترددون في كشف كل صغيرة أو كبيرة , ولتحول المعلم أو المدرس إلى مجرم مخل بشرف المهنة والمواطنة , وبأنه يربي التلاميذ على السوء , ويساهم في تدمير المستقبل , ويُطرَد من عمله فورا ولن يتمكن من الحصول على عمل مستقبلا.
إنها جرائم كبرى لا يمكنها أن تمر من غير حساب عسير , ودراسات ومراجعات سلوكية , وتداخلات لتصويب التفاعل ما بين التلاميذ والهيئة التعليمية في المدرسة أو المعهد والكلية.
فالتعليم يخضع لضوابط صارمة , ومعايير حازمة , وإختبارات جازمة , لا يمكن لأي شخص أن يحيد عنها.
فلكل نشاط مهما كان نوعه , أخلاقياته المهنية والحرفية , ولا يمكن أن ينجح أي عمل من غير ضوابط أخلاقية مُحكمة “أثِكسْ” , ترسم خارطة السلوك الصالح للنجاح والتقدم!!
فما جاء في رسالتك , يا زميلي العزيز , يصعب وجوده في المجتمع الأمريكي , وإن تحققت واحدة من الجرائم التي ذكرتها , فإن الدنيا ستقوم ولا تقعد في المكان الذي حصلت فيه , وستجد وسائل الإعلام قد تحفزت وحللت وتدارست العلة من جميع جوانبها , وحوّلت الفاعلين إلى مَثلٍ للإعتبار وعدم تكرار هذه الفعلة الشنيعة.
وفقدان الأمانة الأكاديمية خطيئة أخلاقية عظيمة , ومن أكبر الكبائر السلوكية في المدرسة والمعهد والكلية , أما عقوبة الغش فتصل إلى الرسوب بالمادة ويُخضع الطالب لإختبارات صارمة وفي أغلب الأحيان يتم طرده من المدرسة.
فالخطايا الستة التي ذكرتها , إنما تعني أن المستقبل عقيم , والتعليم خسران أليم , والعقل آثم أثيم!!
فويل لنا من سوء أخلاقنا!!