22 نوفمبر، 2024 1:18 م
Search
Close this search box.

مَنْ سيتظاهر علينا؟؟

مَنْ سيتظاهر علينا؟؟

كتبتُ مقالاً قبل أيّام كانت مقدّمته: (للمرّةِ الثانيةِ على التوالي وخلالَ سنةٍ واحدة، استَطاعَ رجلٌ واحد دون سلاحٍ ولا صراخٍ، بلا تهديد ولا وعيد، أن يَقلِبَ الطاولةَ مرّتين، ويغيّرَ المُعادلةَ الخَبيثَةَ التي اجتَهدَ فيها عددٌ مِنَ الذين باعوا الضَمائِرَ وقرّروا أن يكونوا  ذيولاً لذئابٍ تَنهشُ لحمَ إخوتهم.

نعم.. بِكَلمتين أفشلَ كُلَّ المُخطّطات والمَساعي للنيلِ من أرضِ العراقِ وشعبه، وأحرجَ الكَثيرَ من الدولِ العُظمى التي طالما تَبَجَّحت بسيادتها وسياستها، وادّعت أنّها صاحبةُ القرارِ في العالمِ والمنطقة).

استوقفني أحدُ الإخوة من الذين قرأ المقال، وأبدى رأيه الشخصيّ وقد  كان مُقنِعاً.

قال: في المرّة الأولى، نعم.. غيّر الكثير من مجرى الأحداث وانتفض العراقيّون جميعهم، ولا يختلف فيها اثنان. أمّا في هذه المرحلة، نعم.. المرجعية دعمت المتظاهرين في المطالبة بحقوقهم، ودعت الحكومة إلى الضرب بيدٍ من حديد على المفسدين دون استثناء، لكن يبقى السؤال، متى التطبيق؟ وكم هي المدّة؟ وهل الحكومة قادرة على تنفيذ جميع المطالب؟ هل لها القدرة على المضيّ قُدُماً دون تسويفٍ وتقديم بعض الإصلاحات التي لا تلبّي الطموح؟ هل نحن قادرون فعلاً على أن نكون عند مستوى الطموح ونستمرّ بالمطالبة ونغيّر؟ ولا ننجرّ نحو تكتّلات طائفية أو حزبية أو فكرية؟

تساؤلاتُهُ المشروعة قادتني إلى أُفُقٍ أبعد من ذلك، وهو نحن –الشعب- من سيُصحّح مسارنا؟ الحكومةُ والمسؤولُ سارقٌ وكذّاب… إلخ، ولكن هل نحن شعب الفضلاء؟

إن نزلنا إلى الشارع وهتفنا بسقوط الأصنام، ومحاسبة السرّاق، هل بوقفتنا في ساحات التظاهر نكون قد كفّرنا عمّا اقترفنا؟؟!!!

مَنْ سيثور على الموظّف الذي يأتي إلى العمل بعد ساعةٍ من الوقت المقرّر ويخرج قبل أكثر من ساعة غير آبهٍ بشيء؟ أو على آخرين قد قسّموا أيام الأسبوع الخمسة فيما بينهم وأخذوا إجازاتٍ دون وجه حقّ، أو على المعلّم الذي لا يدرِّس طلّابه بضميرٍ حيّ ويُعطي دروساً خصوصية، أو على رجل أمنٍ يبتزّ المواطنين، أو على شرطي مرورٍ يأخذ رشوة، أو على قاضٍ يحكم بحُكْم الدينار، أو على رجل دينٍ يتكلّم على المنبر بكلام عليٍّ وأفعالُهُ أفعالُ معاوية، أو على عامل بناءٍ يُماطل بكلّ ما أوتي من قوّةٍ لكي يسرقَ الوقتَ ولا يُنجز عملَه، أو على سائق سيارة أجرةٍ يحتال على الناس، أو على بقّالٍ يغشّ المشترين، أو على إعلاميّ يزوِّر الحقائق ويُضلّل الرأي العام.

رأيتُ كلَّ هؤلاء في ساحات التظاهر يُطالبون بالتغيير المنشود, نعم.. هو حقّهم، ولكن مَنْ سيثور علينا نحن؟ ومَنْ سيُطالب بحقوقه منّا؟ إنْ رمينا الأوساخ في الشارع، إن خالفنا أنظمة السير، إن لم نطبّق آداب الطريق، إن تجاوزنا على الأملاك العامّة وأهملناها، إن بحثنا عن وساطة في الدائرة الفلانية، إن دفعنا رشوة لهذا أو ذاك, إن غششنا هذا أو ذاك, إن و إن و إن ……. من؟؟؟!!!

الإصلاح الحكوميّ والسياسيّ مطلبٌ شرعيّ وقانوني لكلّ الشعوب، وإصلاح الشعبِ لنفسه هو مطلبٌ أخلاقيّ, شرعيّ, عقليّ ومنطقيّ، لا يقلّ شرعيةً عن المطلب الأوّل, ونحن بتقديري بحاجةٍ ماسة جداً إلى التغيير والإصلاح قبل أن يخرج أحدٌ ما للتظاهر علينا، فإن صلحنا صلح كلّ شيءٍ معنا..

أحدث المقالات