لا شك أن ولادة طفل خديج للأسرة يشكل عبئاً نفسياً واقتصادياً على الأبوين، بالإضافة الى معاناة الأم أثناء أشهر الحمل والولادة سواء المبكرة أو مضاعفات الولادة بالنسبة لها وللوليد، فعلى الأبوين أن يضعا نصب أعينهما كل الاحتمالات ، ويكونا مستعدَّين نفسيًا وعاطفيًا لاستقبال طفل في ظروف غير طبيعية، وقد يترتب على هذا الأمر أعباء اقتصادية ، والأكثر صعوبة هي الأعباء الصحية التي قد تصاحب مولودهم الجديد، وكما يقول المثل “الوقاية خيرٌ من العلاج”، فعلى الوالدين أن لا يتهاونا أمام حالة طفلهما، إلى أن يصل الى مرحلة الاكتمال الطبيعي .
تعريف : الخديج (infant mini)هو الوليد الحي الذي ولد قبل الأسبوع أو أكثر من موعد الولادة الطبيعية ، وذلك بغض النظر عن وزن الولادة ، ولو أنه أحيانا يستخدم تعبير الخديج للإشارة الى عدم نضج الطفل حديث الولادة،عُرف الخداج سابقاً بأنه وزن الولادة البالغ 2500غ أو أقل، لكن قياس الوزن وتعريفه يعتمد على المعلومات المتجانسة وراثياً وبيئياً قدر الإمكان، ولا يمكن تحديد وزن معيّن ، فالمسألة الأهم هي اكتمال المولود وعدم تعرضه الى أي نوعٍ من الأمراض والأضرار الناتجة عن الولادة المبكرة.
المسببات الرئيسية للحالة :
1/ الأم : عندما تتعرض الأم لضغط الدم أو تسمم الحمل أو مرض القلب أو مرض السكري أو الأنيميا (فقر الدم) أو الضغوط النفسية والجسدية ، مثل الإرهاق في الأعمال ، سواء المنزلية أو المكتبية ، أو حدوث نزف أثناء الحمل ، كذلك التعرض للسقطات والضربات في منطقة البطن أو حوادث الطرق، إضافة الى إدمان الأم على الكحول أو كثرة التدخين والتغذية غير الصحيّة .
2/ الطفل :عندما يتعرض الطفل لعيوب خلقية تسبب ولادة مبكرة ، مثل عيوب في الرئة أو حدوث نزيف في الدماغ، أيضًا حدوث ولادة توائم متعددة ، وهنالك أسباب متعلقة بالمشيمة، مثل انفصال المشيمة أو ضعف عملها، الأمر الذي قد ينتج عنه نزيف يوجِب تدخل الطبيب جراحيًا لإنهاء الحمل ، وجميع هذه العيوب قد تصل مضاعفاتها الى حد الوفاة عند الطفل.
3/ الرحم: نتيجة التشوهات الخلقية أو الضعف في عنق رحم الأم ، أو توسعه نتيجة تعدد الأجنة.
معلومات عامة عن الطفل قبل الولادة :
تنضج الرئة وتصبح قادرة على الأداء الطبيعي لوظيفتها في التنفس في حوالي 34 أسبوعاً من الحمل ،وإذا حدثت الولادة قبل هذا الوقت يحتاج الطفل حديث الولادة إلى عناية مركزة في الحاضنة ، ووضعه على جهاز التنفس الاصطناعي، وهناك حالات لا تكون فيها الرئة مكتملة عند إنهاء 35 أسبوعاً من الحمل، وفي حالات أخرى تكون فيها الرئة مكتملة النمو ووزن الطفل ملائم، إلا أنه تحدث مشاكل دخول سوائل على الرئة، هنا يحتاج الطفل إلى العناية المركزة وإجراءات طبية لإعادة التنفس الطبيعي له.
تؤكد معظم الإحصائيات الطبية إلى أن طفلاً من بين ثلاثة أطفال حديثي الولادة قد يظهر عليه الاصفرار الفيزيولوجي (أبو اصفار) ويُضطر معه الأطباء لوضع الأطفال في الحاضنة تحت الأشعة فوق البنفسجية لمدة يوم أو يومين، وهناك حالات أخرى يصاب الطفل باصفرار يسمى اصفرار حليب الأم يظهر خلال الأسبوع الأول من ولادة الطفل نتيجة الرضاعة الطبيعية وعادة ما يوقف الطبيب الرضاعة الطبيعية من الأم لمدة 24 ساعة إلى 48 ساعة بالإضافة إلى العلاج بالأشعة فوق البنفسجية حسب نسبة الاصفرار بالدم.
غالباً ما تتم معالجة الأطفال الخدّج في وقت متأخر، وهذا يجعلهم أكثر عرضة لمضاعفات طبية كثيرة ، مثل مشاكل الجهاز التنفسي، وانخفاض حرارة الجسم، وانخفاض نسبة السكر في الدم، والتغذية السيئة، وقد كشفت استعراض المخططات الطبية للرضع في مستشفى جامعة لويولا في وقت متأخر، من أن الأطفال الخدّج أكثر الأطفال ذهاباً لغرفة الطوارئ في أول شهر من ولادته، وقد أظهرت النتائج أيضاً أن أطفال الخدّج في حاجة إلى الرعاية المتخصصة، فهناك ارتباط وثيق بين رصد هؤلاء الأطفال وبين تحديد المضاعفات المحتملة في وقت مبكر، وربّما منع عودة الطفل إلى المستشفى مرة أخرى قريباً، لذلك لا بد من أن يتم هذا الرصد في أقل من 48 ساعة بعد الولادة، ووضع الطفل في الغرفة المركزة أو دار حضانة حديثي الولادة.
ونتيجة لهذا أعلن مركز الولادة بمستشفى جامعة لويولا برتوكول للإدارة ورعاية أطفال الخدّج، وجميع الأطفال الذين يولدون، ويتم رصد الحمل أقل من 35 أسبوعاً، ويتم قبول الأطفال حديثي الولادة، ووضعهم في الحضانة، حيث إنها تراقب ضيق التنفس وانخفاض حرارة الجسم وانخفاض نسبة السكر في الدم وصعوبات التغذية وقد نص البروتوكول على ما يلي:ــ
1ـ فحص العلامات الحيوية للطفل كل ساعتين بعد الولادة مباشرة،وكل أربع ساعات لمدة 24 ساعة الأولى من حياته.
2ـ مراقبة حجم ومدة الرضاعة،وذلك من خلال رصد الأمهات الذين يرغبون في الرضاعة الطبيعية،ويتم أخذ وزن الرضيع يومياً للمساعدة في متابعة تغييرات التغذية التي تظهر عليه، وإذا كان فقدان الوزن هو أكبر من 7% من وزن الطفل عند الولادة تكون المشكلة في التغذية.
3ـ تنظيم درجة الحرارة جيداً، واستقرار لنسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى متابعة التغذية الكافية لمدة 24 ساعة.
4ـ يتم تحديد موعد للمتابعة مع طبيب لمدة 24 إلى 48 ساعة بعد خروج الرضيع من المستشفى.
الحالة هذه ؛ والطفل الحديث الولادة في المستشفيات العراقية الحكومية والأهلية يعاني من المظالم الآتية : ـ
1/ عدم توفر حاضنات نموذجية تسد الحاجة اليومية للولادات الخديجة في المستشفيات ، مما يجعل إدارة المستشفيات الحكومية والأهلية تتحايل على هذا المخلوق العراقي البريء ، لأجل تقصير مدة رعايته المطلوبة، وإخلاء الحاضنات المشغولة بالخدّج المرحّلين إلى القيامة لأجل القادمين الجدد الذين سيرحّلون بعدهم .
2/ عدم توفر كادر متكامل طبي وتمريضي كفوء يلبي صراخات الأطفال الخدّج بعد ولادتهم ، وتململ القائمين على رعاية الخديج وإهمال المتابعة الدقيقة والأوكسجين الثقيل التغيير والماء المضاف إلى قارورة الإنعاش ،
مما يجعل هذا الوليد العراقي المنتظر ضحية جهل طبي وتمريضي، فيفارق الحياة مظلوماً بوطنه .
3/ عدم توفر وعي صحي أسري لتلافي الوقوع بحالة الولادة الخديجة ، حيث تجهل الكثير من العوائل العراقية مسؤوليتها عن عدم تكرار الخطأ الإنجابي لولادات سيكتب لها الهلاك سلفاً، نتيجة الأســـــباب الفسيولوجية والوراثية لدى الأبوين.
4/ عدم محاسبة الطبيب أو الممرض أو المستشفى عن التقصير المسبب لوفاة الطفل الخديج ، كالاستعجال الطبي بإجراء الولادة قبل موعدها الصحيح، والتخاذل التمريضي تجاه الأم والطفل الخديج وعدم المطاولة، فالملاحظ؛ أن الكثير من الطبيبات يلجأن إلى إجراء عملية الولادة القيصرية قسرياً قبل أوانها الصحيح، مما يجعل سلبية هذا الإجراء الغير مسؤول ينعكس على حياة الوليد الخديج .
4/ عدم احترام الحكومات العراقية المتعاقبة للإنسان العراقي .. منذ الولادة وحتى الوفاة . فلو كانت الحكومات العراقية المتعاقبة تحترم الإنسان العراقي لاحترمت مجيأه إلى دنيا الوطن .. الوطن الذي أكتنز الخيرات والثروات والمناجم التي تستطيع أية حكومة وطنية مخلصة لشعبها بها من أن تجعل هذا الشعب محترماً وليداً بأن ترعى قدومه ، ومحترماً ميتاً بأن ترعى خلفه من بعده !!!
((مصادر بحثية معتمدة))