على مدى السنين الاربع التي سبقت الانتخابات البرلمانية الاخيرة .. كان مزاج المواطن العراقي مشحونا بعدم الرضا والسُخط وباستنزال اللعنات في بعض الاحيان .. على سوء أداء البرلمان و الحكومة بمختلف الوان المشتركين فيها .. وبلغت درجة التذمُّر والسُخط عند عامة الناس الى مديات واسعة , مما أثارت قلق المرجعيات الدينية والنُخب الثقافية والمجتمعية المستقلة .. خوفا من عزوف واسع عن المشاركة في الانتخابات المُرتقبة وتم الاشتغال على ذلك اعلاميا والنجاح الى حد كبير في حث المواطنين باتجاه المشاركة في الانتخابات لغرض احداث التغيير الذي لا بد منه كمطلب جماهيري عام .. وكانت نتائج الانتخابات مُخيّبة للامال كما راينا , حيث لم يتغير من وجوه البرلمان السابق – المُعطّل لامرار مشاريع القوانين والمقترحات من الحكومة – الاّ بنسبة اقل من الرُبع , مع الابقاء على نفس الزعامات السابقة – أُسرية ودينية وعشائرية وطائفية – وبنرجسية الغالبية منها , وكأّن العراقي قد تشبّع وأُثخنَ جراحا ليصبح من النوع الذي لا تنفعُهُ الِعظَة وان بالغت في ايلامه .. ولتعود العملية السياسية الى نفس النفق المظلم الذي كانت فيه .. وبتنا اليوم نسمع نفس المعزوفات – النشاز -التي نفرت اسماعنا منها .. خلافات وصراعات ومناكفات لاتؤدي الا الى المزيد من الخيبات .. مع ارتفاع في سقف مطالب البعض ( حيث تجرأت اربيل على بيع النفط المستخرج لحسابها الخاص وبشكل علني وليس خفاءا كما في السابق ) لتقول الى حكومة المركز : طُز فيكم , وسوف نظُم كركوك وخانقين الى الاقليم , في تحد جديد امام حكومة بغداد المرتقبة , وبانتهازية مكشوفة .. وبسكوت غير متوقع لبقية اقطاب العملية السياسية , المساهمين في حكومة الشراكة سيئة الصيت .. ولكن حين لم يكن مستغربا الموقف السلبي من قوى برلمانية عطلّتْ إمرار قانون الموازنة والكثير من القوانين ذات المساس بحياة ابناء العراق – نكاية بالمالكي – ولكي لا يحسب ذلك انجازا في تاريخه , ان تقف الآن ضد مساعيه لتشكيل الحكومة .. ولكن المُستغرب حقا هو موقف قطبين مهمين من التحالف الوطني .. الاحرار التي بقيت عند خطها الاحمر لتولية المالكي من قبل اعلان نتائج الانتخابات .. وكذلك كيان المواطن المنادي بشراكة الاقوياء - التي لايُفهم منها سوى العودة الى حكومة الشراكة – ولكن برأس جديد , حتى وان كيان المالكي هو الحائز على اعلى عدد من المقاعد , وشخصه على اكبر عدد من الاصوات – بحجة غير مقبولة عقلا او في عرف الديمقراطية – بحجة انه غير مقبول من بقية الشركاء , وكأنما العراق ضيعة تعود ملكيتها الى هذه الزعامات التي ظهرت في غفلة من زمن وبقرار وصناعة اميركية .. واذا سالت , اذا لم تكن نتائج الانتخابات هي الفيصل في تشكيل الحكومة , فلم اجرائها اذن , ولم هذه المسرحية التي يُكلّف اخراجها انفاق المليارات من خزينة الدولة ؟! واسأل من ذا الذي يضرب على ايدي هؤلاء اللاهثون خلف المناصب والجاه والمال -الغير مبالين بمءالات هذا التعطيل والمماطلة في تشكيل حكومة تُخرج العراق من هذه الفوضى – التي هدرت وتهدر الكثير من الدماء الغالية جدا بفعل الارهاب , والتفرّغ لبناء العراق الجديد – ذو الموارد الكبيرة والقادة الصغار … فنحن نحتاج لحكومة يقودها الاحرار , وليس عبيد أذلاء للسلطة .. فقد قيل قديما : للعبيد قصص يرونها وللاحرار تاريخ يكتبونه ! لك الله ياعراق الخير .
ضمير مستتر : أحب الناس الى الله عزوجّل , أنفعهم للناس !