بغضّ النظر عن القصة الحقيقية وراء هذا المثل ((وعند جهينة الخبر اليقين)) والتي لسنا بصدد ذكرها وإن تعددت إلا أن ثمة حكمة وراءه تدفعنا لضربه لاسيما بعد أن تختلط الأفكار والأخبار وتلتبس الحقائق بدافع التضليل وتحقيق أهداف بعضها مشروعة وأخرى غير مشروعة وغير خافٍ على الجميع أن المعرفة المسبقة بحجم الضرر الذي يصيب الآخرين نتيجة لعمل ما يدفع المسبب إلى خلط الأوراق والتضليل لتمرير هذا العمل وحشد التأييد له , ميناء مبارك الكويتي هذا الميناء الذي حامت حوله الشبهات لم يكن ميناء كباقي الموانئ أو مرسى للسفن والبواخر على اختلاف أحجامها وتعدد أنواع حمولتها ومنشأها بل كان يحمل في طياته أهدافا سياسية الغرض منها إيقاع الأذى بالعراق وشعبه من خلال غلق المنافذ البحرية عليه وهذا بحدّ ذاته مبرر للريبة والخشية الرسمية والشعبية التي أثيرت مع بدء الكويت ببناء هذا الميناء رغم إصرار الكويت على عدم صدقية هذا الادعاء وتهديدها باللجوء إلى المحاكم الدولية والأمم المتحدة كون تنفيذ المشروع على أرضها وهو أمر داخلي و(سيادي) متناسية أن المنضمات الدولية لا تسمح للكويت بأن تتحكم بالمنافذ البحرية الدولية ولو سمحت بذلك فإنها تسمح بغلق مضيق هرمز مثلا ً مع العلم أن غلق المنافذ البحرية على العراق ذو أهمية كبرى إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن هذا الممر يؤدي إلى ربط أوربا من خلال العراق بدول أسيا منها الصين واليابان والهند وغيرها من الدول الصناعية الكبرى وقد يكون هذا الضغط هو السبب الحقيقي وراء تراجع الكويت غير المؤكد عن تنفيذ المرحلة الرابعة من الميناء والتي يصل عدد المراسي فيها إلى أكثر من ستين مرسى وتتضمن أيضاً إنشاء جزيرة اصطناعية بها تكون المنافذ البحرية قد أغلقت تماما عن العراق , إن توقيت بناء ميناء مبارك من حيث الزمان والمكان ذو غايات سياسية أكثر من أي هدف آخر ولا تقف وراءه الكويت وحدها بل هناك دول خليجية أخرى مثل السعودية وقطر تدفع بقوة من اجل إيذاء العراق وإلحاق الضرر به وبقائه متأخراً لاسيما بعد أن أيقنت أن الحال لا يمكن له البقاء هكذا ولا يمكن تجاهل دور ومكانة العراق في العالم من حيث الموقع الجغرافي وإمكاناته البشرية والمادية والاحتياطي النفطي الكبير الذي يضعه في المرتبة الثانية عالميا إن لم تكن الأولى إضافة الى تعدد ثرواته الطبيعية الأخرى والتجربة أثبتت أن هذه الدول لا تترك فرصة إلا واستغلتها في سبيل بقاء العراق متأخراً ومشغولا عن القيام بدوره فهي التي عملت على بث الفرقة بين مكونات المجتمع العراقي ولم تدخر جهدا في سبيل ذلك وكانت منابع لتوريد الإرهاب و الإرهابيين الذين تسببوا في تدمير العراق وقتل أبنائه وعملوا وما زالوا على التدخل السلبي في العملية السياسية ساعدهم في ذلك غياب الحكمة والمصلحة الضيقة والتابعية لبعض السياسيين في العراق , وبكل الأحوال فان تراجع الكويت عن بناء المرحلة الرابعة من ميناء مبارك اذا كان جاداً لا يعني انه نابع من حسن نية بقدر ما كانت وراءه أسباب و ضغوطات دولية لا تقوى الكويت والسعودية على مواجهتها , ولو كان الأمر كذلك لما عملت الكويت وبقوة على بقاء العراق يرزح تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة والكل يعلم أن قرارات مجلس الأمن قد وهبت للكويت ما لم تملك إذ كان من الأراضي العراقية التي اقتطعت بترسيم الحدود او التعويضات التي لم يسبق لها مثيل بالتاريخ لذا فالمسؤولية جمة وتاريخية تقع على عاتق السياسيين العراقيين في جعل العراق يأخذ موقعه ودوره الطبيعي عندها سوف لا يجرؤ احد على المساس بأمن ووحدة العراق أرضا وشعبا ولعل أهم الخطوات تكمن في الإسراع والمباشرة ببناء ميناء الفاو الكبير هذا الميناء الذي لو قدر له أن يُنجَز لحقق للعراق والمنطقة نقلة نوعية ولأعاد كافة الحسابات التي يعرفها المغرضون أكثر مما يعرفها سياسيو العراق .
[email protected]