23 ديسمبر، 2024 11:32 ص

ميناء الفاو الكبير بين خارطتين

ميناء الفاو الكبير بين خارطتين

ميناء الفاو الكبير منذ الموافقة على بناءه في عام 2005 والبناء فيه منذ عام 2010 أو الموافقة على احالة عروض بناءه على الشركات العالمية.. أو منذ وضع حجر الاساس له، وعلى الرغم من مضي عقد وهو لم يزل في طور البناء الذي لم يتقدم تقدما كبيرا، الا كاسر الامواج الشرقي الذي قامت الشركة الكورية بأكمل بناءه اما كاسر الامواج الغربي، فقد وصلت نسبة الانجاز فيه؛ 90%، يبقى كاسر الامواج الثالث.. السؤال هنا، ما الذي يجعل التقدم في بناء هذا الميناء الاستراتيجي؟ يراوح مكانه.. سؤال يظل بلا اجابة حقيقية او اجابة واقعية تلامس الحقيقة. هناك من يذهب الى ان تكلفته المالية هي السبب في توقف العمل فيه، علما بان العمل فيه تم في عام 2010 او ان احالته الى الشركات او تقرر احالته الى المناقصة امام الشركات العالمية، أو تم وضع حجر الاساس له في العام المذكور اي عام 2010، العام الذي، لم يكن العراق يعاني من شحة في الاموال على العكس تماما كان هناك فائضا من الاموال، عليه فان هذه الحجة باطلة وغير صحيحة ابدا. علما بان تكلفة بناءه وفق التصاميم العالمية التي تجعل منه ميناءا عالميا او العاشر من بين اكبر الموانىء في العالم؛ لا تتجاوز6،4مليار يورو او 6مليار دولار حسب تقدير خبراء الاختصاص، ويذهب اخرون في تقدير التكلفة ب 10مليار دولار. لذا يظهر لنا السؤال المهم؛ لماذا تم تعطيل العمل به؟ لا نملك الاجابة على هذا السؤال، لكن وفي الوقت ذاته، ومن سياق الاحداث؛ ان هناك عامل خارجي له القدرة على تعطيل العمل به.. ميناء الفاو الكبير اذا ما تم بناءه وفق تصاميمه الاساسية؛ سيجعل من العراق نافذه للعالم او جسر بين أوربا واسيا بما يؤثر على الجانب الكويتي او تحييد ميناء مبارك الكبير، ويؤثر حتى على الجانب الايراني بحسب خبراء هذا الشأن. في هذه الآونة؛ ظهرت على السطح؛ اعتراضات كثيرة من عدد من النواب وعلى رأس هؤلاء النواب، النائب عالية نصيف، على تقليص حجم الميناء وسعته وعمق قناته الملاحية، حتى انها ذهبت الى اتهام المسؤولين العراقيين الذي تفاوضوا مع الجانب الكويتي بالخيانة. الميناء في تصميمه الاساسي؛ يجب ان تكون القناة الملاحية له بعمق يتراوح بين 25و19مترا حتى يكون في قدرته استقبال البواخر العملاقة، هذا العمق وبحسب الخبراء لا توفره قناة خور عبد الله في الجانب العراقي منها، فقد صار الجانب العميق من خور عبد الله للكويت حسب الترسيم الاخير للحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت، فقد قضى القرار الدولي رقم 833 ان تكون اعمق نقطة في خور عبد الله هي خط الحدود البحرية بين الدولتين، لتكون الجهة غير العميقة للعراق. الكويت قامت لاحقا؛ ببناء ميناء مبارك الكبير وهو الآن، في طور مراحله النهائية، في مكان يخنق فيه ميناء الفاو الكبير. للتغلب على هذه المشكلة، في رؤية مستقبلية لأهميته الاستراتيجية، هذا اولا وثانيا، لنوايا الجانبين الكويتي والايراني؛ جرى تصميم الميناء بالشكل الذي يتخلص فيه من سيطرة الجانب الكويتي والايراني على حد سواء. ببناء جزيرة صخرية بمساحة350كم2، تمتد الى عرض مياه الخليج العربي بمسافة 250كم2، بهذه الطريقة يتكون للعراق منفذه البحري المستقل بتكلفة لا تتجاوز ال 6مليار دولار أو 10مليار دولار بحسب خبراء الاختصاص. المعلومات المتوفرة عن حجم وسعة الميناء؛ تشير الى ان هناك من المسؤولين العراقيين من قام بأجراء تغيرات على اصل المخطط الاساس للميناء بالشكل الذي يفضي او ينتج عنه؛ تقليل حجم وسعة الميناء اي ان القناة الملاحية لا يتجاوز عمقها اكثر من 14مترا، بهذه الطريقة وحتى لو اكمل بناء الميناء يفقد صفته العالمية ويصبح ميناء صغيراً لا يفي حتى بحاجة العراق، وفي المستقبل ربما ينتهي دوره كميناء بالإضافة الى الموانيء العراقية الاخرى التي ينتهي هي الاخرى دورها بفعل عوامل الترسبات والطمي والطمر.. بحسب خبراء الاختصاص، اي ان العراق يفقد منفذه الوحيد على البحار، لاحقا، في المستقبل ربما غير البعيد من الآن. الاسئلة التي تفرض علينا من خلال مجريات الواقع على الارض؛ هل ان هناك عامل خارجي؟!.. يضغط باتجاه جعل العراق تابعا اقتصاديا وتجاريا للكويت وايران او احداهما حسب ماتمليه المصالح الاستراتيجية لموجهات هذا العامل الخارجي؛ سواء كان ايرانيا او امريكيا. وهل له علاقة في الربط السككي بين الكيان الصهيوني، ومصر والاردن والجزيرة العربية وممالك الخليج العربي الذي سربت مخططها الصحف العبرية قبل اكثر من اربعة سنوات، ولم يجرِ تكذيبها من قبل مسؤولي تلك الدول؟!..ليس لدينا او في حوزتنا اجابات محددة لهذه الاسئلة، لكنها موجودة في سياق الاحداث، شكا في الذي يجري امام اعيننا في الواقع الذي يجعلنا نقرأه على الشكل التالي؛ جعل العراق حلقة مرور لهذا المخطط بلا ارادة فاعلة في المشهد، اي تابعا ومنفذا، وحرمانه من فوائد موقعه الاستراتيجي على صعيد المستقبل.. أما الحديث عن رشى قدمت الى اثنين من الوفد العراقي المفاوض على شكل هدايا من المرحوم امير الكويت الراحل، على الرغم من انها صحيحة، باعتراف احد هذان المسؤولان؛ السيد هوشيار زيباري، في التوقيع على خرائط ترسيم الحدود البحرية والبرية بين العراق والكويت مما اثر على منفذ العراق في خور عبد الله؛ لكن هذه الحجة لا تصمد امام حقائق الواقع، وامام القراءة العميقة لحركة هذا الواقع على ارض العراق، او على اراضي الجوار العربي او الجوار الاسلامي؛ الحقيقة هي ليست الرشى من جعل الوفد العراقي يوقع على تلك الخرائط؛ هو الضغط الامريكي، والرضا الضمني الايراني، والأخيرة، لأسباب تتعلق بالحساب المستقبلي لعلاقة العراق مع ايران في حقلي التجارة والاقتصاد وما له علاقة بالاثنين، التجارة والاقتصاد. ان ما يجري من خطط هو، اولا واخيرا؛ لحرمان العراق من اطلالته على بحار العالم؟! وبالتالي، له علاقة بجعل العراق المستقبلي تابعا اقتصاديا وتجاريا لدول الجوار سواء الجوار العربي، وما يرتبط بهذا الجوار العربي من مخطط امريكي صهيوني، او الايراني لتقييد أو استدامة تابعية ارادته السياسية مهما كان شكل حكومة العراق المستقبلية، ومهما كان شكل حكومات الجوارين. ان حرف عملية بناء ميناء الفاو الكبير عن اصل تصميه الاساسي اذا صحت المعلومات المتواردة عنه، لهو جريمة بحق العراق، وشعب العراق لأجيال قادمة. ان من مسؤولية (الحكومة الحالية؟!..) والقوى السياسية سواء المشاركة في الحكومة او في العملية السياسية بصورة عامة او تلك التي لا تشارك لا في الحكومة ولا في العملية السياسية، لكن، لها وجود في البيئة السياسية على صعيد الخطاب والفعل والحركة في الاعلام وبين الشعب، تأثيرا، وتوجيها توعويا؛ التصدي وبقوة لعملية حرف بناء ميناء الفاو الكبير عن اساس خرائطه الاولية؛ والعمل الجدي والحاسم والفعال والمنتج؛ لإعادة البناء فيه الى تلك الخرائط..