23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

ميم المحامي تبدو أقوى الميمات الثلاث التي يوصى بها في بريطانيا، أنها أهم من ميم المعطف وأكثر حاجة من ميم المظلة، تلك الثلاث التي لا يمكن التخلي عنها في بريطانيا.

تبدو ميم المحامي أقوى الميمات الثلاث التي يوصى بها في بريطانيا، أنها أهم من ميم المعطف وأكثر حاجة من ميم المظلة، تلك الثلاث التي لا يمكن التخلي عنها في بريطانيا.

فرصة العربية كانت أجمل هذه المرة عندما جمعت الميم في الكلمات الثلاث، مما لا توفره الإنكليزية في المعادل اللغوي لنفس الكلمات: المحامي، المعطف، المظلة.

ولأن المحامي الأقوى فلا حاجة للتعريف بأهميته للحياة المعقدة هنا، وبرد بريطانيا لا ينفع معه غير المعطف، وطقسها الماطر بين دقيقة وأخرى يجعل من المظلة رفيقا دائما خصوصا للسيدات الحريصات على أناقتهن.

ما يهمني هنا هو السيد المحامي! فالفكرة الشائعة عن النجار والبنّاء في العالم العربي، يمكن أن تلصق بالمحامي في بريطانيا!

فمحاميّ الشخصي تعرفت عليه في مقهى المسرح المحلي الذي ارتاده أسبوعيا مع بعض الأصدقاء، رجل بدين لا يعتد بمظهره مطلقا، يتنقل بدراجته الهوائية من المكتب إلى المحكمة، المرة الوحيدة التي رأيته يرتدي ربطة عنق، كان فيها حاضرا لحفلة موسيقية خيرية أقيمت في أحدى الكنائس، لا أشك في براعته ومعرفته بقوانين أحوال العباد، لكنني لا أجرؤ على سؤاله عن سبب واحد يجعله مهملا لهندامه إلى هذه الدرجة.

أما محامي زوجتي، فذلك ما ينطبق عليه بامتياز المثل الذي يتحدث عن باب النجار المخلوع، مكتب صغير ورثّ، الملفات مكدّسة في صناديق متراصة، أما هو فيوحي بلحيته الكثة بأنه أحد الحدادين في سوق عربية عتيقة! المذهل في الأمر براعته! لم يخسر قضية واحدة ويقاتل من أجل مهامه بثقة مفرطة، يعرف زوايا القانون والثغرات فيه بدقة فائقة، ودود لا يتذمر، صبور، مستمع دقيق، أسئلته تنطلق من دون التباس، لذلك تراه يعمل في اليوم أكثر من اثنتي عشرة ساعة، ويجني من الأموال ما يجعله يحسب على درجة من درجات الأثرياء.

هذا المحامي المحبوب، يفترض أن يظهر على هندامه أنه يتقاضى مبالغ تقدر بالآلاف يوميا، لكنه ويا للخيبة لا يبدو عليه ذلك ولا على مكتبه، أما لماذا فذلك ما تفسره علاقة النجار بالباب المخلوع!

روى لي مرة أن ضابط الجوازات في المطار بلندن أراد أن يشاكسه أثناء عودته من أحدى سفراته، لسبب اعتقده أن الضابط رآه أشبه بالهامشي الرث بذقن غير حليق، فأصر على اصطحابه إلى منصة تفتيش الحقائب، قبل أن يسمح له بدخوله وطنه بريطانيا!

بالطبع لا يعرف ذلك الضابط أن هذا الرجل محاميا، لكنه بمجرد سماع رده الحاذق، تراجع، بعدما شعر بأنه سيدخل لعبة خاسرة مع هذا الرجل!
نقلا عن العرب