15 أبريل، 2024 4:56 ص
Search
Close this search box.

ميلادي جوع أودمعة … بالأرقام 1/7

Facebook
Twitter
LinkedIn

مقطع من قصيدة سمعتها نقلا من الأستاذ محي الجنابي عن الشاعر الشعبي الأستاذ كامل الناصري الذي ألقاها في كلية الآداب- جامعة بغداد مطلع سبعينيات القرن الماضي ، مستلهما منه أن يكون مدخلا لما إختلط على السلطة التنفيذية فهمه ، لمعالجة حالة شك مؤقتة وليست دائمة ، ليوم وشهر في تأريخ ميلاد بعض الموظفين الموسوم بالرقم (1/7) من كل سنة ، والذين نحسبهم اليوم من المنقرضين وظيفيا ، ولكن التعامل به يجري حتى الآن ، بمنح البعض ما لم يمنح لزملائهم بسبب فارق تأريخ الميلاد بيوم واحد ؟!.

في نظام العطلات الرسمية المؤرخ في 2/3/1922(1) ، تقرر إعتبار يوم المولد النبوي الشريف ، ويوما عيد الميلاد ، عطلة رسمية ، ثم تقرر في قانون العطلات الرسمية رقم (72) لسنة 1931(2) ، إعتبار يوم ولادة الملك في 20 مايس عطلة كذلك ، مما يؤكد معرفة العراقيين بتأريخ الميلاد لذوي الشأن والإعتبار الديني أو السياسي أو الإجتماعي .

ولكننا فوجئنا بعدم معرفة آبائنا وأجدادنا بتأريخ ميلادهم باليوم والشهر ، وأحيانا بالسنة أيضا ، حين كانوا ينسبونها إلى أيام حروب وحوادث وكوارث طبيعية عديدة ومختلفة مثل ( سنة الفيضان وتتويج الملك ومقتل الملك غازي وأبو زوعة والرمد والفرهود ودكة الكيلاني … إلخ ) ، على الرغم من أن تأريخ الميلاد موثق في سجلات النفوس ، طبقا لأحكام قانون تسجيل النفوس رقم (54) لسنة 1927(3) ، إلا أنهم لا يبالون في التعبير عن عدم مبالاتهم وعدم حرصهم على إمتلاك الوثيقة الرسمية ( دفتر النفوس سابقا- هوية الأحوال المدنية حاليا ) التي يحتاجونها في يوم من الأيام ، بسبب الأمية وقلة الوعي والإدراك لما ينبغي النظر إليه بعين القادم من المتطلبات لهم ولأولادهم ، أو نتيجة إشتغالهم بمهن القطاع الخاص والأعمال الحرة التي لا تحتاج لتأريخ ميلادهم الحقيقي أو المتوقع والموثق رسميا ، أو بدافع التهرب من الإلتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية ، بإستثناء القلة القليلة من أبناء الميسورين منهم حالا ، ممن شغلهم التعليم والعمل في دوائر الحكومة الفتية .

وعندما بدأت إجراءات التعداد العام للسكان سنة 1947، حسب أحكام القانون رقم (30) في 14/7/1947(4) ، كانت الإجابة على السؤال الخاص بتحديد تأريخ الميلاد باليوم والشهر والسنة ، بما هو مقصود أو متوقع بعبارة ( لا أعرف ) أو ذكر أحدى الحوادث المذكورة آنفا ، وما كان من الموظف المختص حينها ، إلا تثبيت تأريخ (1/7) من السنة الحقيقية أو التقريبية للشخص المعني بالتعداد ، والذي نظمت له بعد ذلك وعلى أساس المثبت من المعلومات في سجلات التعداد ، هوية الأحوال المدنية أو دفتر الخدمة العسكرية أو أية وثيقة رسمية أخرى ، وهي تحمل وتتضمن تلك المعلومات بالصحيح منها أو بالخطأ ، وعلى جميع ذوي العلاقة قبولها شخصيا أو رسميا .

وبعد طغيان المتغيرات الجارية في تحديد المستحقات الوظيفية بالتأريخ الميلادي إداريا ، تبين أن تأريخ (1/7) يتقاطع مع تأريخ نيل بعض الموظفين لتلك الإستحقاقات عند الإحالة إلى التقاعد مثلا ، فصدرت العديد من التشريعات التي أتاحت لبعض الموظفين فرصة تأجيل إنفكاكهم من الوظيفة ، بتمديد مدة الخدمة الى تأريخ 31/12 من كل سنة ، ومن ثم استحقاقهم لما حجب عنهم بفعل يوم الشك الذي قدر لهم بسببه الحصول على ما لم يحصل عليه غيرهم من أقرانهم من مواليد الأيام التالية مباشرة (2/7 أو 3/7 إلى 31/12 من السنة ذاتها ) ، الذين تقرر بقاؤهم تحت وطأة النص الملزم بالانفكاك الحتمي من الوظيفة عند إحالتهم إلى التقاعد ، بسبب إكمالهم السن القانونية في حالة عدم التمديد .

لقد إبتعدت عن تثبيت أرقام وتواريخ وتفاصيل القوانين والقرارات والتعليمات الخاصة بالموضوع ، مكتفيا بالإشارة إليها في الهامش رقم (5) أدناه ، بغية إلغائها والعمل بما يحدده تأريخ الميلاد الحقيقي من الإستحقاقات ، ولعل فيما نص عليه كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المشار إليه في الهامش المذكور آنفا ، ما يؤكد على عدم تنفيذ دوائر الدولة لإلغاء العمل بالتمديد على أساس تأريخ الميلاد المحدد في 1/7 ، لأن التطبيق الصحيح والضامن لحقوق العاملين في دوائر الدولة والطلاب ، يستوجب الغاء جميع الأسانيد المذكورة ، لأن مفهوم عدم دقة تأريخ الولادة ، لا يستند إلى الحقيقة على إطلاقها ، لوجود من تتطابق مواليده الفعلية مع التأريخ المذكور ، أما حالة عدم التطابق الحقيقي ، فلا تعني شيئا بعد تثبيت تأريخ التولد رسميا وتوثيقه في سجلات الولادات ، ومنح المولود هوية الأحوال المدنية على أساس ذلك ، ومن ثم إعتمادها في جميع المعاملات الرسمية الخاصة به منذ الميلاد وإلى حين تقديمه للقبول في المعاهد أو الكليات أوعند الإحالة إلى التقاعد ، مما يجعل من السذاجة أن نكتشف بدوافع المنافع أو المضار ، خطأ يوم الميلاد بعد كل تلك الأعوام ، وذلك ما يدعو إلى إعتماد تأريخ التولد المثبت عند التعيين ، كأساس للبناء عليه عند الإحالة إلى التقاعد ، لأن المطلوب إستقرار الإجراءات ، بدلا من إستمرار البحث في فجوات التفسير والآليات ، عسى أن يلتقط البعض ما يحقق بعض الرغبات ، كما طلب من ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ، تدقيق كافة الحالات في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ، ومساءلة الموظف الإداري الذي لم يتخذ الإجراءات اللازمة بإنفكاك الموظف البالغ للسن القانوني ، وفي حالة ثبوت عدم تقصيره ، يتم محاسبة الرئيس الأعلى الذي أمر بعدم إصدار أمر إنفكاكه ، وتحميله كافة التبعات القانونية والمالية الناجمة عن عدم إلتزامه بالقانون ، وبالتنسيق فيما بين الدائرتين المذكورتين . حيث لم يعد لتأريخ الميلاد في 1/7 من أثر قانوني ، لأن تمديد مدة الخدمة أصبح قائما على ندرة الإختصاص ونوعية الوظيفة وحاجة الدائرة لخدماته فقط .

وعلى الرغم من كل ذلك ، إلا إن درجة الإلتزام لا تتناسب والمستوى المطلوب في التنفيذ الملزم لنصوص القانون ، بسبب تفشي مظاهر الفساد الإداري بين أركان إدارة الدولة وقواعدها ، إلى الحد الذي تتكرر فيه التوجيهات بشأن الموضوع الواحد ولأكثر من مرة ، كما تتعدد مصادرها وتتنوع إجتهاداتها وأساليبها ، المساعدة على تكرار مشاهد العصيان والتمرد ، بعدم الإنفكاك من الوظيفة ، الذي لم تألف الخدمة العامة مشاهد صورها منذ قيامها ، وكأن ملاك الحكومة بعد الإحتلال مصمم لإشغاله من قبل أشخاص لا يؤمنون بتداول مواقع السلطة والمسؤولية إلا حين توليها ، أما عند تركها ، فيصدق القول فيهم وفيها ( حلاوة رضاعها ، ومرارة فطامها ) ، وقد يكون لعلم النفس الاداري إستنتاجاته في هذا الموضوع ، لتفشـي كل أنواع الأمراض الوظيفية ، بين من يعتقد بأن الوجاهة الإجتماعية الممنوحة له من خلال هذا الموقع الوظيفي أو ذاك ، إمتياز عن إستحقاق وظيفي لم يعهد به لغيره سابقا ، أو أنها فرصة لا بد من إنتهازها وإستثمارها بغض النظر عن كيفية الحصول عليها ، إلى الحد الذي يكون فيه ترك الوظيفة موت مؤكد بالنسبة له ، حيث لا حياة بعدها إلا فيها ، أو لشعوره بالغبن الفاحش عند عدم تمديد مدة خدمته بعد بلوغه السن القانوني ، وتحقيق ذلك لغيره وهو الأجدر والأحق منه ، أو سيطرة أوهام تطلعاته وأمنياته ، بأنه وإن كان الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل .

واستنادا إلى كل ما تقدم ، لا نرى ما يسلب حقوق الموظف بعد تأريخ إنفكاكه من وظيفته بالإحالة إلى التقاعد عند إكماله السن القانوني أو بدونه ، لأن الإستناد الى هوية الأحوال المدنية المقدمة عند التعيين ، للتثبت من تأريخ الولادة الحقيقي الذي يؤسس لمعرفة بلوغ السن القانوني للموظف هو المعتمد ، وعلى دوائر الدولة أن تتخذ الاجراءات اللازمة لبراءة الذمة أو تمديد مدة الخدمة ، قبل حلول ذلك التأريخ بثلاثة أشهر في الأقل ، منعا من تبرير تأجيل الإنفكاك بدون سند قانوني ، وعلى أن لا يترك الممتنع عن تنفيذ الأوامر النهائية والملزمة قانونا ، من غير عقوبة جزائية ، تحفظ للدولة هيبتها ، وللوظيفة مكانتها ، وللموظف كرامته ، وتلك من مقومات نجاح الادارة وآليات تنفيذها ، لأن الخير فيمن شرفها … لا بمن فيها تشرفا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر النظام في مجموعة القوانين والأنظمة العراقية لسنة 1922 .

2- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 987 ) في 27/5/1931 .

3- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (553) في 16/6/1927 .

4- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2499) في 27/7/1947 .

5-أ- القـرار المرقم (1367) والمـؤرخ فـي 16/10/1978- المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2679) في 30/10/1978 .

ب- القرار المرقم (563) والمؤرخ في 29/6/1986- المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3106) في 14/7/1986 .

ج- القرار المرقم (20) والمؤرخ في 9/1/1988 – المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3185) في 18/1/1988 .

د- كتاب وزارة المالية / الدائرة القانونية المرقم 802/14/6025 في 21/8/2008 .

ه- لاحظ إعمامي الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرقمين ( ش ز/10/1/16599) في 4/1/2007 و ( ش ز /10/1/19847) في 2/12/2007 ، وكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرقم ق/2/5/27/11109 في 15/4/2009 – تاكيدا لاعمامها المرقم ق/2/5/27/21059 في 24/8/2008- المؤكد للكتاب المرقم م.ر.ن/س/8/3244 في 18/8/2008 ، المتضمن توجيه دولة رئيس الوزراء بشأن الموضوع ، وكتاب مكتب رئيس الوزراء المرقم م.ر.ن/س/8/3795 في 29/9/2008.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب