23 ديسمبر، 2024 3:23 م

ميكافيلي العراق

ميكافيلي العراق

ما بين الانباء التي تحدثت عن «الموت السريري» للرئيس العراقي جلال طالباني وبين تحسن حالته الصحية ونقله لعلاج اعمق واشمل في مشفاه الالماني، تمتد مسيرة مام جلال الاسم المحبب لطالباني وهو «العم جلال» على طول عمره الذي امتد في العمل السياسي منذ ان كان عمره 18 وحتى عمر 83 عاما، في محافل متباينة وظروف شتى، تؤكد ان طالباني يمكن ان يوصف بكونه «ميكافيلي العراق» وهذا الوصف ايجابي بكل ما في مضمونه من تعاليم جاء بها ميكافيلي في كتابه «الأمير» وطبقها طالباني بفنون افضل ربما من ذلك الامير الذي كان ميكافيلي معلمه.
المعروف عن طالباني اتفاق خصومه على شخصيته المحببة، التي لا يمكن لهم كرهها، كذلك عدم قدرة اصدقائه على تحمل صراحته حتى مع اقرب المقربين اليه، فيما يتذكر محاوره من كبار القادة والشخصيات الدولية، نوادره وقفشاته التي يوظفها عادة لاغراض الحصول على مكتسبات غير مسبوقة في المحادثات الرسمية.
كل ما ينتظر مام جلال من نتائج مرضه الاخير، مع الامنيات له بالعمر المديد، فان الحديث عن نتائج فراغ دستور تبدو بعيدة عن الواقع العراقي، لكن غيابه عن العمل السياسي يترك فراغا، لرجل يتفق على الحوار معه الفرقاء العراقيين بمختلف ميولهم واتجاهاتهم، هذا الرجل الذي رد يوما على صحافي ساله لماذا توافقون على اخذ المساعدات من اطرف مختلفة سياسيا، بقوله «القضية الكردية تحتاج الى معاونة الجميع وكل من يرمي قرشا في الطاسة علينا شكره وليس رفضه لاسباب عقائدية».
وهو القائل بان طموح الكرد بدولة كردستانية اقرب الى المستحيل، لان السياسة فن الممكن والبيئة المحيطة بالاكراد تكون عدائية بظهور هذه الدولة، وهو الوسيط المحترم بين حليفه الاستراتيجي مسعود برزاني وحليفه الرسمي رئيس الوزراء نوري المالكي، في وقت اراد الاكراد ان يكون معهم ضد المالكي، وطالبه برلمانيون عراقيون بان يكون مع الدستور ضد برزاني فرفض، متعللاً بكلمته «مسك العصا من الوسط» ويحتاج العراقيون بكردهم وعربهم ومختلف اطيافهم الدينية والقومية، اعادة قراءة سيرة مام جلال مرة واخرى، لعلهم يفهمون الفارق ما بين رجل الحزب السياسي ورجل الدولة.