18 ديسمبر، 2024 9:03 م

ميزان النجاح والفشل

ميزان النجاح والفشل

ربما نتفق على إن أي إنسان لا يريد الفشل – فهكذا هي الطبيعة البشرية – على الاقل ليس متعمدا.. لكن إسلوبه وطريقة تعامله مع الظروف والأحداث في مراحل حياته المختلفة، هي التي تحدد النتيجة ناجحا كان أو فاشلا، فربما هناك من ينجح في البداية لكنه يفشل في الخاتمة والعكس صحيح، فالأمور مرهونة بخواتيمها، هكذا قال أهل الحكمة.

تلك القاعدة عامة تنطبق على جميع أحوال الناس بمهامهم التي يتقلدونها، ومنهم رؤوساء الوزراء في العراق.. فبالتأكيد كلهم كانوا يفكرون في النجاح، مع إختلاف الإسلوب والإدارة وظروف المرحلة التي كانوا يحكمون فيها، فالسيد المالكي الذي حكم لدورتين نجح في مرحلة ما وفشل في أخرى، لكن النتائج على أرض الواقع بينت أنه بنى حزبا متحكما ودولة داخل الدولة، والأخيرة إنهارت في ثلاثة أيام وهو يتفرج.

السيد العبادي من جانبه نجح في إدارة معركة كبرى خرج منها العراق منتصرا ضد الإرهاب التكفيري، مستعينا بالظروف المحيطة به من فتوى مباركة ودعم دولي وإعلامي وتكاتف شعبي هيأت أسباب الانتصار، لكنه فشل في تحقيق النصر على العدو الآخر الذي ينهش بالدولة من الداخل، واليد التي كان يفترض أن تكون حديدية يضرب بها رؤوس الفساد، لم تكن حتى من ورق!

جاء بعده السيد عبد المهدي؛ في مرحلة كان يتوقع الجميع أن تكون وردية، تشهد التخلص من تراكمات المراحل السابقة أو محاولة ذلك على الأقل، وأن العراق سيسير على سكة الإصلاح والبناء كما كانت الشعارات قبيل الإنتخابات، وأنه سيكون نقطة إلتقاء للمصالحة وتسوية الملفات، لكنه أصبح ساحة صراع خارجي وداخلي، وأرضا للفوضي التي كادت تحرق الأخضر واليابس.

في خضم الهرج والمرج وصراع الأضداد واللعب على حافة الهاوية، التي كادت أن تودي بالبلاد الى نفق مظلم، وبعد تغير موازين القوى وإختلاف قوانين اللعبة، إتفق الغالبية على ترشيح الكاظمي وفي قرارة أنفسهم أهداف وغايات مختلفة.

بالتأكيد فان الكاظمي الذي رضي بالمهمة الصعبة التي قتلت من سبقه لا يرغب بالفشل، وأكيدا أيضا أنه سيستعين بأدوات وإمكانيات من نفس مرحلته، ويستغل ظروف النجاح المحيطة به كما فعلها غيره، لكن تبقى العبرة في تحقيق النتائج على أرض الواقع فهي مقياس النجاح والفشل.

بعد كل تلك التجارب؛ علينا أن نسأل أنفسنا عن ماهية دورنا نحن كجمهور متابع للشأن السياسي، هل نركض وراء أصحاب الأجندات والغايات، من الذين لا يتركون شاردة ولا واردة حتى يحصوها، ليستعينوا بها لتحقيق غاياتهم؟ أم ننتظر تحقيق النتائج لنحكم بعدها ؟

العقل والمنطق يقول: أنه يجب علينا التروي والهدوء والنظر الى عمل الرجل والأهداف التي يسعى لها، وهل ستعيد لنا الدولة المفقودة، وتحقق غايات وتطلعات الجماهير.. وعندها نحكم بنجاح أو فشل الكاظمي.