17 نوفمبر، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

ميزان الاصلاح بين أكف العدل والقضاء

ميزان الاصلاح بين أكف العدل والقضاء

العدل أساس الملك وينبوع الحق وإن جميع الشرائع السماوية والحضارات نادت بإقامة العدل عبر مر العصور حيث جاء في القرآن الكريم : (( إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )), وفي اية اخرى : (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) وجاء في الحديث الشريف : (( عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة )) , اما القضاء فهو جهاز يعمل فيه القاضي للنطق بالحكمِ العادل بل النطقِ بالعدل في كلمة واحدة جامعة. ولا قضاء سليما بدون عدل صحيح حقيقي. فالقضاء الذي لا يحقق العدل ويضر ويؤذي فهو ما يستعيذ منه المؤمن ويتوجه إلى ربه بشأنه بهذا الدعاء:(( اللهم اجعل في قضائك لطفا)).

فالعالم العربي والاسلامي بأمس الحاجة الى المؤسسات القضائية ومؤسسات العدل من كل وقت مضى لان العدل هو الانصاف ,وكذلك الى الحاجة الاكثر اهمية هي  حكم القاضي النزيه المنصف , ولاسيما في بلد مثل العراق تتحكم به دول خارجية ومليشيات وقوى داخلية تتنازع على السلطة ففي مثل هذا الحال يكون من الصعب أن نحصل على قضاء مستقل وعادل غير مسيس ولا يتأثر بالضغوط الطائفية والشخصية , ولا يقبل الشك باننا  نعلم بان الغالبية ممن وصل إلى مركز القرار قد تأمر على هذا البلد وبسب تعارض مصالحهم , فيفضح احدهم الأخر لتتقطع سلسلة الشر وتتهاوى قيود الظلم من حول حلقة احاطت بالشعب وقيدت حرياتهم وحقوقهم المشروعة .

لذا فان ثورة الشارع العراقي اليوم لإصلاح القضاء وصوت شعبه بات واضحا وحاسما يفوق في دويه بقية المطالبات ، لان البلد يحتاج الى مكافحة الفساد بكل اشكاله والفساد لا يمكن السيطرة عليه الا من خلال قضاء نزيه ومستقل وقوي كونه يشكل ركنا مهما لاستكمال حزم الاصلاح ولا يمكن ان يتم الإصلاح الحقيقي دونه , فالمطالبة بإقالة مدحت المحمود،  باعتباره الكفيل بإجراء الإصلاحات المطلوبة داخل السلطة القضائية يعتبر من التغييرات الاساسية والجوهرية المطالب بإقرارها كونه غير كفوء ولا يمثل مرحلة الاصلاح بتاتا والقضاء مرهون بأيدي هذا الرجل الذي صار تغييره أمراً واجبا , والاخذ بعين الاعتبار وجود شخصيات نزيهة قادرة على معالجة كافة ملفات الفساد السياسية والادارية وبعيدة عن التطرفات الاخرى ولم تلوث ايديهم بالرشوة ولا تأخذهم بالحق لومة لائم.

ومن المعروف منذ فجر الاسلام ان القاضي  يستقل بسلطته عن سائر السلط  وأن يستلهم حكمه من ضميره الحر، وأن يراقب اللّه وهو ينطق بالعدل طبقاً لما أمره به , ويكون حكمه للقوانين عن طريق ادلة وبراهين اعتمدت البحث العميق عن مقاصدها، واستحضار مقاصد السلطة المعهودة والحكيمة المناط إليه بتطبيقها ، وليختار من بين هذه الأحكام على ضوء ذلك كله أعدلها أو أقلها قسوة.

فعليه يجب على القضاء اليوم أن يأخذ سلطته الواسعة التي خولها له القانون الحضاري المعاصر ويكون مدرسة لتأهيل المجتمع لممارسة الفضيلة الديمقراطية ويتبنى واجبه تجاهه بحماية حقوق أنصار الديمقراطية من خصومه ، ويوفر له المناخ القانوني للعمل في ظل القانون واحكامه القضائية العادلة ليكون الميزان القضائي منصفا بين اكف القضاء والعدل.

أحدث المقالات