23 ديسمبر، 2024 1:31 م

ميزانية 2015…ربما  

ميزانية 2015…ربما  

حديثنا عن البطالة سيتناول الشق الأهم منها والذي تفاقم بشكل مرعب واستفحل كداء عضال يصعب علاجه، تاركين الحديث عن الشق الثاني المتمثل بالبطالة المقنعة لوقت آخر كون أبطال هذه الشريحة يتناولون مرتبات شهرية مضمونة تسد جزءا من مصاريف واحتياجات ضرورية فيما يسدون الأجزاء الاخرى بما يحصلون عليه من أعمال حرة وفرها لهم الفراغ الحاصل من توقف منشآتهم ومؤسساتهم ومصانعهم عن العمل بسبب عدم الجدية والإهمال والقصور في إعادة تلك المنشآت للعمل والإنتاج ولذا انسحب مردود هذه البطالة على الناتج القومي للعراق وأصاب اقتصاده بما يشبه الشلل التام. ومن هنا أثرنا الحديث عن البطالة الحقيقية والذي سيجرنا الى بدايات نشوء هذه الطبقة نتيجة توقف المشاريع الصناعية والاستثمارية والتوجه الى عسكرة الشعب بطبقاته المتعلمة والوسطية والحرفية والتي انتهت بها الأمور الى افتراش الشارع ومزاولة الأعمال الحرة البسيطة بسبب الركود الاقتصادي وتداعيات الحروب المستمرة والحصار الاقتصادي، لتأتي مرحلة التغيير وما أعقبها وما نتج عنها من ركود مركب زاده تدهور الأوضاع الأمنية سوءا وتعقيدا وفاقة لتضيف جحافل جرارة من العاطلين الجدد فتشكل فيالق بائسة ثكناتها الشوارع والساحات والأرصفة وتجهيزاتها “المعاول والبسطيات” وأسلحتها “النرجيلة والمبايل  والسجائر” وعلى حد سواء خريجهم وحرفيهم وملاكاتهم الوسطية والذين صاروا هدفا سهلا للإرهاب. صحيح ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد ساهمت بتخفيف بعض العبء عن أعداد من العاطلين من خلال برنامج الرعاية الاجتماعية بتقديم دفعات الإعانة الشهرية لكن ذلك الإجراء لا يمثل إلا جزءا يسيرا من الحل المطلوب، ولا يشكل إلا معالجة وقتية محدودة، ومع ظهور الأرقام النهائية للموازنة العمومية للعام 2014 والتي جاوزت 145مائة وخمسة واربعين مليارو500 وخمسمائة مليون دولار هذا فضلا عن أرصدة العراق في البنوك العربية والفرنسية “المكشوف عنها فقط” والمتبقي من تخصيصات مبالغ ميزانية عام 2013 والتي لم تتمكن بعض المحافظات والوزارات من استثمارها لأسباب كثيرة تشكل الأوضاع الأمنية وعزوف بعض الشركات والمقاولين عن العمل في مثل هذه الأوضاع الجزء الأهم منها ما أدى الى توقف الكثير من المشاريع التي يفترض البدء بها خلال العام السابق ولذا تم إعادتها الى الخزينة. وفق هذه الوفرة المالية وبالعملة الصعبة ومع حاجة العراق لعملية اعمار شاملة في كل الميادين وبوجود هذا الكم الهائل من الطاقات الإبداعية المنتجة المتلهفة للعمل لا بد من تظافر الجهود للنهوض بخطة إنفجارية مثمرة تتناسب مع حجم الموازنة العمومية لهذا العام وتلبي طموح وتطلعات الجماهير الصابرة المكدودة. ان في تصريحات المسؤولين العراقيين بخصوص الموازنة الاستثمارية ما يبعث على التفاؤل بشأن معالجة شافية لمشكلة البطالة، فقد أعلن  ان الموازنة الاستثمارية لهذا العام ستوفر “الاف من فرص العمل على صعيد القطاعين الخاص والعام وستؤدي بالنتيجة الى تضاؤل نسب البطالة في العراق. وتم التأكيد خلال المؤتمر الذي عقدته وزارة المالية مؤخرا بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الانمائي بشأن التسريع في تنفيذ الموازنة الاستثمارية ومشاريعها للعام الحالي، على ان  الشهور المقبلة ستشهد خلق فرص عمل كثيرة في جميع المجالات وستشمل كافة القطاعات الصناعية والزراعية والتعليم والصحة والخدمات، كما ستشهد تحسنا واضحا في توفير الطاقة الكهربائية والوقود ومشتقاته والأمور الخدمية الاخرى نظرا للتقدم الذي تحققه خطة أمن بغداد ونجاحاتها المتلاحقة ان تعليمات تنفيذ الموازنة الفيدرالية للعام الحالي خولت وزيري المالية والتخطيط والتعاون الانمائي مناقلة التخصيصات المعتمدة للمشاريع في موازنة العام الماضي التي لم تنفذ مانسبته 25% من تخصيصاتها خلال النصف الأول من السنة المالية مع الأخذ في الاعتبار استثناء المناطق التي لم يبدأ التنفيذ فيها لأسباب أمنية خارجة عن إرادتها .ان هذا القرار سيجعل الوزارات والمحافظات تبذل الجهود المتواصلة لتحقيق نسب انجاز متقدمة في مشاريعها خلال الفترة المحددة. ولذا فهي تحتاج لأيد عاملة بطاقات ومهن مختلفة لتحقيق مثل هذا الإنجاز، ومع ان هذه التخصيصات ستشمل جميع محافظات العراق حيث تتولى مجالس المحافظات وبالتشاور مع مجالسها المحلية وضع أولويات المشاريع الضرورية حسب احتياجات وخصوصيات كل محافظة فالوزارات هي الاخرى ستحدد احتياجاتها لأعداد أنواع الملاكات المطلوبة ما يتناسب واتساع دائرة أعمالها على مستوى العاصمة والمحافظات. وعليه فان الموازنة الاستثمارية لهذا العام ستستوعب أعدادا كبيرة ومستويات مختلفة من العاطلين عن العمل وهذا بدوره يسهم بشكل فاعل في تحريك عجلة الاقتصاد وانعاش حالة السوق ورفع المستوى المعاشي لشريحة كبيرة عانت شظف العيش ومرارة الفاقة والعوز، ناهيك عن تحصين هذه الشريحة من الانحراف أو الانزلاق في مهاوي الأعمال الإرهابية تحت ضغوط العوز والحاجة وبتأثير المغريات الوافدة المبذولة بسخاء.

فهل سيكون عام 2015 بداية النهاية لشبح البطالة المخيف بعد ان شارف عام 2014 على نهايته ولم تقر الميزانية العمومية ؟!.

وهل ستتحول وعود المسؤولين الى أفعال تبدد اليأس والقنوط في نفوس العاطلين وتنعش الآمال فيها؟!.