23 ديسمبر، 2024 4:58 ص

ميزانية بساط المروة

ميزانية بساط المروة

التسريبات الإعلامية التي تم نشرها عن ميزانية حكومة مصطفى الكاظمي في بغداد لعام 2021م تكشف عن كارثة اقتصادية واجتماعية بكل المقاييس العلمية . حيث تضمنت خفض قيمة الدينار العراقي , الامر الذي يعني ارتفاع أسعار جميع المواد في الأسواق بمعدل 20 – 100 % , وانخفاض القيمة الفعلية لبرميل النفط العراقي . وهذا هو المآل الطبيعي لاي بلد يستورد اغلب احتياجاته السلعية ويقوم بخفض قيمة العملة المحلية . لاسيما مع مد يد حكومة الكاظمي على الاحتياطي المركزي لسداد النفقات .

كذلك تضمنت خفض المخصصات المالية المضافة لرواتب الموظفين بنسبة 20 – 60 % , الامر الذي يعني عملياً انخفاض خنق المورد الاقتصادي الوحيد للموظف العراقي باعتبار ان الرواتب الاسمية هزيلة من الأساس , لا سيما مع تورط اغلب المواطنين العراقيين بالسلف والقروض المصرفية المجحفة للمصارف الحكومية والأهلية والتي تتجاوز أرباحها في كثير من الأحيان نسبة ال 50 % كما هي قروض مصرف الرافدين الحكومي . كذلك القروض والسلف والجمعيات البينية للمواطنين العراقيين ضمن الكيان الاسري او الاجتماعي , الامر الذي يعني حدوث نزاعات أهلية او ملاحقات حكومية عند العجز عن السداد .

فيما تم فرض ضرائب مجحفة على العديد من الموارد التي يعتاش منها المواطن العراقي بعيداً عن خطط الحكومة كالمولات التجارية والسيارات والمشروبات والسجائر والصالونات ومحلات الحلاقة بنسبة تصل الى 10 % . مع رفع أسعار الوقود بنسب 15 – 20 % , ليصبح سعر لتر البنزين بحدود 540 ديناراً عراقيا .

ومع اعتماد حكومة الكاظمي سياسة الاقتراض الخارجي والداخلي كداعم لمواردها المالية يمكننا القول ان العراق ينتقل بكل ما للكلمة من معنى الى ما دون خط الفقر , وأن المواطن العراقي الان وفي المستقبل سيدفع ثمن فشل الحكومات المتعاقبة مزيداً من المعاناة , كما دفع ثمن حماقة صدام من قبل ديوناً ثقيلة للكويت .

وفي ظل توافق الحزبين الشيعيين ( الصدر , الحكيم ) والحزبين الكرديين ( البارزاني , الطالباني ) تحت ظل السفارة الامريكية وممثلها ( مصطفى الكاظمي ) لن يجد المواطن العراقي من يضع حداً لسفاهة او تآمر الكاظمي , الذي بدلاً عن بحثه عن موارد مبتكرة او حقيقية لسد العجز في الميزانية يقوم بخدعة كبيرة لتوفير السيولة من خلال رهن رقبة العراقيين للأجانب عبر الاقتراض ومن خلال سرقة ما بقي في بيوتهم من خزين يسد رمقهم عبر الضرائب ورفع الأسعار . مع الاخذ بالنظر ان رفع الضرائب والاسعار أعلاه بكل صوره يدفعه المواطن البسيط في النهاية بالحسابات التجارية .

ومن الغريب فعلياً ان يظل شخص مثل ( مظهر محمد صالح ) مستشاراً مالياً واقتصادياً لعدة حكومات عراقية فاشلة وفاسدة ومتناقضة ايدولوجياً مثل حكومة العبادي وعبد المهدي والكاظمي , بعد ان كان المدير العام للدائرة الاقتصادية لأمانة مجلس الوزراء والمحافظ الرديف للبنك المركزي في حكومة البعث الصدامي الأكثر فشلا . وهو الذي يصرح في العام 2014 م بضرورة التعامل بالدولار الأمريكي بدلاً من الدينار في عموم العراق لاسيما في إقليم ( كردستان ) بعد عودته من أحضان الإقليم ,كما نقلته وكالة DW الألمانية , وهذا ما اظنه يفسر السبب الحقيقي لبقائه في معية الحكومات الثلاث كما ظلت ( طيف سامي ) مدير عام الموازنة بوزارة المالية منذ زمن الحاكم الأمريكي ( بريمر ) حتى آخر حكومة عراقية فاشلة خرجت ضدها التظاهرات التشرينية . والذي يريد ايضاً – بحسب وكالة ninanews – استغلال خزين المواطن العراقي من العملة الصعبة خارج المصارف لسد العجز المتفاقم الناتج عن فشل الحكومات المتعاقبة التي كان مستشاراً لها . وهو الذي يناقش الازمة الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط في العام 2020 م بمقاربة ( ماركسية ) شيوعية اكل الدهر عليها وشرب وماتت حيث ولدت كما في ورقته على وكالة ina . ولعل اجماع ( التيار المدني ) على الدفاع عنه يفسر سر وظيفة الرجل .

ان تفاقم مديونية العراق طيلة سنين وتوالي حكومات وبلوغها ما يتجاوز ال 134 مليار دولار اليوم تكفي لاشك لإزاحة هذه العناصر الاستشارية وهذه الحكومات الفاشلة عن آلية القرار , لاسيما مع وجود عناصر غبية الى جوارها في الأمانة العامة لمجلس الوزراء يسهل خداعها واشغالها بما هي عليه من نهب ومصالح شخصية وفئوية , لتتم قيادة العراق الى الهاوية اقتصادياً واجتماعيا .

ان بقاء مصطفى الكاظمي الشخصية السفيهة والضعيفة على رأس حكومة العراق مع التيارات والأحزاب الانتهازية والانفصالية ووجود مستشارين ثبت فشلهم على مدى عقود مع وجود رغبة أمريكية واضحة لحشر العراق في عنق المديونية الضخمة وحافة الإفلاس لتحقيق مكاسب سياسية وامنية , لا شك ان كل ذلك يقود العراق الى ما يشبه الانتحار