” اذا أعدنا المهاجرين الهاربين من الموت في بلدانهم هذا يعني أننا لا نمتلك قيما أوروبية”, هكذا خاطبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الشعب الألماني, والمجتمع الأوروبي, قالت هذا وهي تنثر دموعها, وتفتح أبواب المانيا على مصراعيها لأستقبال اللاجئين, نتيجة لموقفها المشرف أصبحت ميركل الشغل الشاغل للعالم بأكمله هذه الأيام, وأحتلت الصدارة في مواقع التواصل الأجتماعي, ومحركات البحث على شبكة الانترنت للأطلاع على سيرتها الذاتية, وحظيت بألقاب عديدة منها أم الغرباء, وملكة أوروبا وأن لم تتوج.
بينما تطفوا جثة الصغير الباحث عن الحرية أيلان قبالة السواحل التركية, يغط ضمير ملوك الطوائف العربية في سبات عميق, حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء أطلاق تصريح, أو تقديم عزاء, أو التكفل بمراسيم الدفن, التي أثقلت كاهل الوالد المفجوع فلسان حاله يعبر عنه المثل المعروف ( موت وخراب ديار).
من جانب آخر لبى بعض ساسة العراق نداء الحج للمرة 13 على التوالي( العين عليهم باردة), فنفس الوجوه تتكرر لزيارة البيت الحرام, في الوقت الذي أصبحت فيه بطون الأسماك مقابر جماعية أخرى للعراقيين.
تساؤلات تطرح نفسها حول الحكام النائمين, وساستنا الملبين لنداء الحج, ترى هل يعرفون الرب؟ هل يعبأون به؟ هل يخشون حسابه؟ رغم أن الجواب بالنفي واضح للعيان, في العراق بشكل خاص, ولدى العرب بشكل عام كوضوح الشمس, الا أن الإجابة هذه المرة جاءت على لسان ميركل قولا وفعلاً.
أنجيلا ميركل أماطت اللثام عن وجوه قبيحة متأسلمة تنتمي لأسلامٍ اخر, لا يمت لتعاليم الخالق بصلة, ولم ينطق محمد العظيم ( عليه وعلى أله افضل الصلاة والسلام) بسور من وحيه, دين ليس للإنسانية فيه موطأ قدم, ولا للرحمة مكان يذكر, فيه الرب هو الكرسي, والقبلة هي الخزنة, وسبيل النجاة جواز دبلوماسي, والصلاة ترانيم خرفة على مائدة خمر , في لحظة سكر, وهذا ما كان يفعله أبن سلول وورثته من بعده من المنافقين والمارقين.
الإسلام الذي ولد غريبا, وسيعود غريباً, كما أنبأ عن ذلك النبي المؤتمن ( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), وأم الغرباء الالمانية عقدت مقارنة أعادت الى أذهان العالم صورة المسلمين المهاجرين مع بداية الدعوة الإسلامية, هربا من بطش قريش, وحال المهاجرين هربا من بطش حكام العرب, وتجار الدم أزاحت الستار عن الهة وأصنام جديدة تُعبد, وألف فرعون وفرعون في بلاد العرب.
نعم كأن محمد العظيم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) يطوف غريبا في قريش, وعلي أبن طالب عليه السلام يُقتل في محراب صلاته, بينما يطاف برأس
الحسين ورؤوس أخوته وأهل بيته وصحبه (عليهم السلام) في شوارع الكوفة, والشام ويهرب المسلمون خارج بلاد العرب طلبا للرحمة والأمان.
المستشارة الألمانية التي أرسلت سفنا لنقل المهاجرين من تركيا الى المانيا, وطلبت أن ينادى في محطات المترو ( أنتم الآن في المانيا.. لقد أصبحتم في أمان), كأنها القت بكأس الخمر الذي ظهرت تحمله في بعض الصور, فوق رؤوس دعاة الإسلام فغسلت ألوان التقوى المزيفة, وظهرت الوجوه الحقيقية لعتاة قريش, وهم يصفقون حول البيت الحرام في عصر الجاهلية, وكشفت حقيقة أصنام بشرية وجدت طريقها الى القصور, تحت عناوين مختلفة ..رئيس, حاكم, رئيس وزراء!
ميركل التي عرفت رب البيت, وأنقذت آلاف النفوس وحرصت على بث الطمأنينة في قلوب خائفة, وأطعمت بطونا جائعة, أفضل بكثير ممن يطوفون حول بيت الرب, لأن معرفة الخالق لا تمكن في أداء الطقوس, بل في تطبيق جوهر الايمان الذي عبر عن الرسول الاكرم( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) ” الدين المعاملة”.
حج مبرور لميركل وأن لم تطف حول البيت ,لأنها حفظت قيمة النفس البشرية وحقنت الدم الذي أوصى الخالق بحفظه, فهدم الكعبة الف مرة أهوب على الرب من دم المسلم, هكذا علم الأمة خاتم الرسل ( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) ورغم ذلك يطوف حكام العرب فوق آلاف الجثث, وكأنهم يغسلون جدران الكعبة بالدم, الذي لم ينتفض له سوى ميركل, بعد هذا كله لا داعي للسؤال من هو المسلم ومن هو الملحد, فلسان الحال يفصح عن الإجابة.