مرة أخرى
المقال أدناه نشر في 22 شباط الماضي ، و فيه تحدثنا عن أن الاصلاحات التي تطرحها الاطراف السياسية ستدخل في معادلات المصالح السياسية و ستأخذ مسارات سلبية لتتحول الى أسباب للخلاف و الصراع ، و هذا ما بدأ للاسف يحصل ؛ خاصة في هذين اليومين الاخرين ، كل ما نأمله هو أن يقوم العقلاء بأخذ دورهم في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ العراق ، و في هذا المجال طرحنا الكيفية التي أستطاعت السلطة القضائية في العراق بعد العام الفين وثلاثة أن تعتمد منهج البناء السليم في بناء جهازها الحديث ، و الان أدعوكم مرة أخرى لاعادة قراءة الحلقة الاولى من سلسلة ( ميدان الاصلاح )
يتبارى الجميع هذه الأيام لتقديم أنفسهم كإصلاحيين ، و يتحرك مصطلح ( الإصلاح ) في الفضاء الخطابي الإعلامي بحجم لا ينافسه أي مفهوم أو مصطلح آخر ، و الإصلاح مثل أي مفهوم ينتمي إلى المنظومة القيمية يفقد هويته الاخلاقية بمجرد أن يوظف سياسيا ، بإختصار هذا ما حل بإلاصلاح في العراق ، أنَّهُ دخل المزاد السياسي لذلك صار بين أيدينا ( إصلاحات ) ؛ و هذا الجمع كالعادة سيشكل أساس للاختلاف و من ثم الخلاف و بعدها الصراع ، هكذا تجري الامور تبدأ بمفاهيم خلابة و تنتهي الى الخراب ، فاليوم الكل يلعن المحاصصة و الطائفية ، فيما كان هذان المفهومان في العام الفين و ثلاثة و الفين و أربعة ، يعنيان اصلاح النظام السياسي الذي همش الرآي الشعبي في بناء السلطة التشريعية و التنفيذية ، و غيب حقوق مكونات الشعب العراقي في قرار الدولة ، ما أقوله ليس كلاما قائما على مخيلة كاتب ولا ينتمي للون من الوان الادب و الاجتماع السياسي ، هذا ما حل ؛ كل ما في الامر أن هذه الممارسات التي صار الحديث عنها اليوم بأسمائها ، كانت ترتدي عناوين خلابة و أسماء منمقة ، و في هذا المجال أذكر أن رئيس مجلس القضاء الاعلى قال في وقت سابق ، أنه عندما كانت تعقد جلسات مجلس الحكم عقب التغيير في العام الفين وثلاثة ، عملنا من آجل إعادة بناء مجلس القضاء الاعلى ، و أعتمدنا على منهج أن الاساس في أختيار أعضاء المجلس و المناصب العليا في السلطة القضائية هو الاختصاص و الكفاءة و الخبرة ، و بعد ذلك التمثيل الوطني ؛ و بهذا سنحقق التمثيل بالمعنى الايجابي للتمثيل ، وليس بالمعنى المحاصصاتي الذي بقي يتنامى إلى أن هب الجمهور و المرجعية الدينية و تبعتهم الكتل السياسية بذلك ، الأمر أصبح كالمزحة فالكثير من المسئولين الذي يعلنون ثورة إصلاحية ، في حقيقة الأمر إنما هم يثورون على ما صنعته إيديهم ، هذه المعادلة توضح شيء على من يريد أن يدخل ميدان الاصلاح أن يأخذه بعين الاعتبار ، ان إجراء إصلاح سياسي أو أقتصادي أو في أي مرفق من مرافق الدولة العراقية ، إلَّم يكن يتحرك لتحقيق أهدافه القيمية فليس إصلاح هذا بالمرة ، و هكذا أي مسعى ؛ و هنا نتقدم للسادة المسؤولين بالرجاء أن ليس مؤسسات و دوائر و أموال الدولة العراقية تعرضت للفساد و السوء ، بل أن حتى مفاهيم الاخلاق تعرضت بسبب المصالح و الخلافات السياسية إلى السوء ، فلم يعد أحد من العراقيين يستسيغ مفاهيم على الرغم من كونها مفاهيم اخلاقية من قبيل ( المصالحة ، الوحدة الوطنية ، النزاهة و الخ)