23 ديسمبر، 2024 12:36 م

ميدان الإصلاح/الحلقة الخامسة

ميدان الإصلاح/الحلقة الخامسة

تتعرض الاعمال العامة لإرتباطها بالجمهور العام الى جدل التصورات ، و تساهم حرية الاعلام في تدعيم هذا الجدل ، و لذا تتكرر في البلدان التي تتمتع بحرية الاعلام مظاهر الاحتجاجات الشعبية على القوانين و القرارات الرسمية ، و مؤتى هذا الخلاف نابع من موقع تفكير كل طرف ، فمن في موقع المسؤولية عليه أن يفكر و يقرر إنطلاقا من واجبه ( المسؤولية العامة ) ، و هذا قد لا ينسجم مع التوجهات الايدولوجية و المصلحية المختلفة للجمهور العام ، في ثمانينات القرن الماضي شهدت بريطانيا بعد أن عملت رئيسة الوزراء على كسر شوكة النقابات ، شهدت اضطرابات قامت بها العديد من النقابات تهدف إلى انهاك تاتشر.ومن أهم هذه الاضرابات التى نظمت هو اضراب الاتحاد الوطنى لعمال المناجم في 1984-  1985  ، و يومها لم تكن تاتشر تتحرك في مكان الا وكان المحتجين يحيطون بموكبها و يعبرون بكافة الاشكال عن رفضهم لقراراتها ، و هكذا وسائل الاعلام و هذا ما دفع الكثير من زملاء تاتشر من المحافظين على التخلي عنها ، و كنت تجيب كل من يعترض على اصرارها على قراراتها بإن هذا ما تراه رئيسة الوزراء التي ترى ما لا يرى غيرها ، و مثل هذا كان يقوله الرئيس المصري الاسبق انور السادات ، قد لا تنسجم هذه التصورات مع الروح الديمقراطية ، إلا أن منطق العلمي الذي يتيح للمتخصص مال يتيح لغيره يبرر هذا ، و رغم أن العمل على إشراك الجمهور في القرارات المصيرية يعتبر من سمات الدولة الحديثة ، إلا أن ذلك يحكم في سياقات محددة و يتجاوز الكليات و من آجل ذلك قام مبدأ التمثيل في التشريع و التنفيذ ، مثل هذا الامر يتكرر في الحكم الذي يحتم أن يأخذ الحق من طرف و يهبه إلى طرف آخر ، كما هو في القضاء ؛ فالمؤسسة القضائية تتميز على مؤسسات الدولة الاخرى بإنها لا توزع الحقوق بالتساوي على الجميع على المستوى الاولي ، بل هي تقوم بتحقيق مفهوم الفصل بين مالك وما عليك ، فمن يقف أمام القضاء هما الظالم و المظلوم أو المدعي و المدعى عليه أو المذنب و البريء ، و مهمة القضاء أن ينصف أحدهم كما قلنا في المستوى الاولي لاجل تحقيق العدالة على المستوى العام ، و لذا نجد أن القضاء من أكثر السلطات التي تتعرض إلى هذا الجدل الذي نتحدث عنه في علاقتها مع الجمهور العام .