في ظهيرة أحد أيام أيلول خرجت لشراء علبة سكائر رأيته في باب المحل يحيط به ثلاثة أطفال يمسك بأحدهم من أذنه ويهزه بعنف … ابن النعال اذا تعيدها مرة ثانية اطيح حظك وحظ ابوك … الطفل الذي خلفهم كان يبكي بصمت بينما الطفل الذي تجاوز سن العاشرة لم يبدُ عليه الخوف ولم يبكِ كان يكتفي بشد أعصابه ويصك أسنانه حين يجرّ ميثم جنية أذنه بابهامه وسبابته الغليظين المقرفين خيل إلي أنه من نوع الأطفال الذين اعتادوا على الضرب والتقريع جرة الأذن وفركها عندهم مجرد ثمن يدفعونه عند نهاية كل لعبة سواء كانت بريئة أم غيرها ففي كل الأحوال عليه أن يأتي بعد نهاية اللعبة ليحصل على جرة أذن قد ترافقها تفله أو جلاق ويلحق بها أحيانا نعال ينطلق من كف السيدة الوالدة عادة ما يصيب مؤخراتهم حين يولون هاربين . أعرف أماً كانت تخطئ في كل شيء إلا في تصويب النعال نحو رأس ابنها نعم الرأس كل رمية تخطأ الرأس لم تكن تشفي غليلها. كنا نلاحظ نوبات غضبها الدورية كلما غاب زوجها كانت تستشيط غضبا يكون مدى غضبها بحسب مدة الغياب وكذلك تزداد قوة الصفعة او اللطمة وحتى التفلة والبذاءة كانت تزداد بزيادة الغياب صوت صراخ بكاء عياط يبدو أنها لم تمارس الجنس منذ مدة طويلة نعم الجنس ذلك الشيء الذي كلما مر ذكره نفضت الأمهات زيجها و أطلقت تفلة مزيفة إلى صدرها له فعل السحر عليهن ممارسة واحدة كافية لتفريغ كل شحنات الغضب! كان يستخدم كمهدئ للنساء الكبار في إحدى العصور التي مرت على لندن كما شاهدت في أحد الأفلام. لعل هذا الطفل أحد ضحايا هذا النوع من الأمهات. أسرعت خطاي نحو ميثم جنية وقلت بصوت متزن يعلو تدريجياً
– لا ميثم اترك الطفل أرجوك.
لم يتركه ولكن رفع بصره نحوي ثم أمسك به من طرف قميصه الصغير
قائلاً ليس طفل إنه وحش بجسد صغير رمقه بنظرة و أكمل.. هه ثم يقولون لماذا يتخلف المجتمع ويتسائلون عن أسباب الخراء الذي هم فيه ، لقد رأيته يهزئ بصديقه و يضربه ويسخر منه لم ألتفت صدقني أنا لستُ همجيا أحب الأطفال و أنت تعرف ذلك لكن لفتت انتباهي كلمة كان قد رددها كثيرا يجعلها فارزة بين شتيمة وأخرى من سيل الشتائم الذي يتدفق من فمه كان يناديه ساخراً “امشي أحول سكط ” ويضحك ضحكة استهزاء ويشير نحو صديقه هذا أينه ؟ يبدو أنه قد هرب من شدة الخجل. سألت عما يقصد فعرفت أن ذلك الطفل يعاني حولاً بسيطاً في عينيه بسبب ارتخاء في الأعصاب أو شيء من هذا القبيل. أتعرف ما يعني ذلك؟ إنه كفر بالطفولة تمزيق للبراءة أتعرف ماذا يعني أن يعيروك في هذا العمر ؟ لا اظنك أحمقا مثل بقية التيوس في مجتمعنا تبرر هذا الفعل على أنه طفل لا يستوعب شيئا إنه يستوعبها أكثر مني ومنك هي تتسرب لروحه الناعمة تمزق أحشاءه الصغيرة ثم تمسخه وحشا يرى كل الناس تعيره وتستهزئ به وتحط من قدره سيكرههم بالتساوي وما إن تحين الفرصة حتى يقتل الجميع أباه أمه جاره ، أو المسكين الذي سيصادفه في الطريق صدفة ، يقتلهم وحين تنفد ذخيرته سيبصق على البشرية!.
ميثم جنية صاحب الماجستير في الفيزياء يقضي أغلب وقته ثملاً منذ دخول الأمريكان أصبح يجول الشوارع ويتحدث مع نفسه كثيرا وهكذا أطلق عليه سكان الحي ميثم جنية.
يسترسل… أكيد أنت لم تمر بهكذا موقف ولكن بصفتك فايخ بطران تتعرى يوميا أمام أوراقك ثم تمارس الرذيلة والفضيلة على صفحاتها البيضاء ألم تقرأ عن الأطفال الذين قتلوا زملاءهم في المدرسة تلك الأخبار التي تنتشر على صفحات الصحف العربية تلميذ يطعن زميله في الدنمارك كم تمنيت أن أرى صاحب الصحيفة الذي وضع هذا الخبر بالخط العريض وكأنه خبر مهم جدا اذا رأيته سأقول له أيها الثور… بالتأكيد سيكون رأسه كبير كمؤخرة العاهرة أم هذا و أفلت الطفل بعد دفعة صغيرة وجهها له..
لماذا وضعت الخبر وجعلته بحجم رأسك كيس القمامة هذا. لم لا تكتب عن أمثال هذا الذئب الذي يختفي في طيات هذا الجسد الصغير إنه سيقتل أمه وأباه وأمك انت وأم أمك أيضا! تكتب عن هلع وذعر يحدث في اوربا بسبب حادثة المدرسة ولا تلتفت لهذه الذئاب التي تفترس مستقبل مجتمعك السكران بكأس الجهل ومزة الأمية.
اشتريتُ علبتي سكائر أخذت واحدة وأعطيته الثانية فقال:
– انت كاتب جيد لا تحرق خلايا مخك هنا سافر احسن
– لا أريد أن أكون كصاحب الجريدة الذي هاجمته الآن ، سأرابط هنا وأمسك قلمي كشمس تشق غيوم جهلهم.
– هههههه تشق غيوم جهلهم!. لك بابا قبلك مسكوا صواريخ وما سووا شي قلمك هذا حطه ب….
نفخ دخان سيجارته وذهب يضحك بصوت عالٍ.