23 ديسمبر، 2024 7:15 م

مياسة ” التلعفرية .. أم آل ” أحد عشر شهيداً

مياسة ” التلعفرية .. أم آل ” أحد عشر شهيداً

تحتفل دول العالم قاطبة في هذه الايام بيوم ” الأم ” وهي مناسبة عزيزة على قلب كل انسان سواء كان صالحاً أو طالحاً فهي موسوعة علمية وتربوية ومعين لا ينضب من العطاء والخير وقد كرمها جلّ وعلا في محكم كتابه العزيز بقوله ” وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا  ” .
عانت الأم العراقية كثيراً ولازالت بحكم الظروف التي تمر بالبلد من حروب ونكبات وعواصف لا تعد ولا تحصى فخلال الحرب العراقية الايرانية السيئة الصيت أصبحت المرأة العراقية راعية البيت والمسؤولة عن تربية أولادها وتوفير لقمة العيش لفلذات أكبادها لا سيما اللاتي فقدن أزواجهن بسن مبكرة من الزواج إذ حصدت السنوات الثمان من عمر الحرب أرواح الآلاف من سكان العراق لا لشيء فحسب ، بل لإشباع غرور صدام المقبور والمحافظة على عرش آل السعود وآل الصباح وآل نهيان وآل ثاني وغيرهم من أمراء الخليج المارقين .
ولإكمال سيناريو زيادة الارامل والايتام للمجتمع العراقي عمل النظام المباد على ايجاد خلايا نائمة ومنظمات ارهابية تقوم بالمهام التي لم تسنح الفرصة له لإتمامها بعد نفاذ مدة عمالته ، ونفذت هذه المنظمات الواجبات المكلفة بها بوجوه اصطناعية اتخذت الاسلام ذريعة لتحقيق اهدافها تارة بالجهاد وأخرى بمقاومة الاحتلال الامريكي ، وقد تحقق ما رسم له بكيفية عالية ودقة متناهية بجهود بعض السياسيين الدواعش فلا تجد بيتاً عراقيا الا وفيه شهيد أو مفقود أو معوق بتفجيرات إرهابية بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة أو اغتيال أو قتل على الهوية أو تهجير وغيرها من أبشع الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية على مدى السنوات العشر المنصرمة .
ولكن هيهات فالعراقيون يتباهون بتاريخهم القديم والحديث الزاخر بالعديد من الأمهات الصابرات اللاتي قدمن اروع ملاحم البطولة والفداء وتشجيع ابنائهن على الصمود والقتال وسجلن تضحيات بلا حدود في الدفاع عن الوطن والمقدسات منهن على سبيل المثال لا الحصر الشهيدة أمية جبارة التي أبت الا أن تقاتل مع اخيها في ناحية العلم ضد عصابات داعش الارهابية وام مؤيد الأنبارية وغيرهن الكثير .
أما ناحية آمرلي التي بذرت أولى نواة النصر بصمودها التاريخي قرابة تسعين يوماً ضد تنظيم داعش الارهابي انجبت السيدة سهيلة كمال مصطفى المنحدرة من قرية براوجلي التابعة للناحية نموذجاً لامرأة مميزة من نساء بلاد الرافدين ، من طراز خاص قدمت كل أعزائها بسلة واحدة قرابين شهادة في سبيل العراق ، أباها وبعلها ونجلها وثلاثة من أشقائها الى جانب اكثر من عشرين من أبناء عمومتها دفاعا عن الأرض والعرض والعقيدة والوطن والمقدسات .
وفي تلعفر الجريحة التي قاومت البطش الارهابي بكل اشكاله التعسفية لعشر سنوات ونيف سجلت المناضلة  ” مياسة ذا النون ” أروع ملاحم البسالة والفداء وهي امرأة تركمانية على أبواب الثمانين من عمرها، كان الزمن قاسياً معها وتحملت ما تهدّ الجبال إذ فقدَت أحد عشر فرداً من أسرتها بأعمال إرهابية مختلفة  بالمدينة  ولكن ذلك لم يمنعها بعد رحلة نزوح طويلة من تلعفر إلى كربلاء، من حثّ ولدها الوحيد الذي بقيَ من المشاركة في الدفاع عن العراق العظيم .
مرة اخرى تثبت المرأة العراقية اصالتها وتكشف عن معدنها الحقيقي وهي تقف الى جانب الرجل في معركة عنيفة ضد من اراد النيل من كرامة بلدها  فتستعيد امجادها مجددا وتسير على خطى الأنبياء والاولياء والصالحين والعظماء الذين سطروا أجمل معاني الانسانية السمحاء وغرسوا الارض الطاهرة بدمائهم الزكية .