تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع مقطعاً فيديوياً لرئيس وزراء إحدى الدول الاوروبية ، وهو يقف بين عامة الناس بانتظار قطار المترو ، وفي هذه الاثناء كان بعض مواطنيه يقتربون منه لالتقاط صور السلفي معه من دون ان يمنعهم احد من ذلك .. وتطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام بين حين وحين آخر بمقاطع مشابهة من قبيل ان الوزير الفلاني يذهب إلى مقر عمله صباحاً راكباً دراجته الهوائية، ورئيس آخر يتجول في الاسواق متبضعاً شأنه شأن سائر الناس .. وتحظى تلك المشاهد بسيل كبير من الاعجابات والتعليقات وبعض هذه التعليقات ربما يأتي من وزراء ومسؤولين كبار عندنا، ونفرح كثيرًا عندما نقرأ عبارات الاعجاب هذه، فمعنى هذا ان من تعجبه مثل هذه السلوكيات المتحضرة، لديه الاستعداد لان يسلك مثل هذا السلوك الذي يعكس مقدار الثقة المتبادلة بين المواطن والمسؤول. ولكن دائماً تقف الظروف الامنية حائلا امام مسؤولينا ليثبتوا انهم لا يختلفون عن مسؤولي اوروبا حين ينزلون إلى الشارع .. فالواقع الامني مازال يفرض على المسؤول اتخاذ المزيد من تدابير الحماية والأمان لاسيما في حال اراد التنقل بين مكان ومكان آخر .. ولكن كيف لنا التأكد من وجود مثل هذه النيات الطيبة لدى هذا الوزير او ذاك المسؤول؟ . بمعنى ، هل ثمة وسيلة اختبار معينة نستطيع من خلالها قياس مستوى الاستعداد لأن يشارك المسؤول عامة الناس حياتهم بجميع تفاصيلها بقطع النظر فيما اذا كانت هذه الحياة ايجابية او سلبية ؟ .. وهنا نصل إلى بيت القصيد ومربط الفرس كما يقال، فإذا تجاوزنا الظرف الامني ووجدنا انفسنا في منطقة آمنة بنسبة 100% فهنا لا يوجد أي عذر امام المسؤول يمنعه من مشاركة المواطنين لحظات من الزمن ربما لا تتجاوز الثلاثين دقيقة او اكثر بقليل .. مع التأكيد انني عندما اتحدث عن المسؤولين، فالحديث هنا لا يعني ولا يشمل الجميع انما البعض منهم، وأؤكد ايضاً ان المسؤول كلما اقترب من المواطن وقاسمه لحظات حياته بحلوها ومرها علا شأنه وارتفعت قيمته بين مواطنيه فهم ناخبوه في نهاية المطاف. ومن هذه الجزئية ادخل إلى محور الموضوع راجياً من القراء الكرام مشاركتي في اجراء عملية تحليل سيكولوجي للحالة التي سأتحدث عنها من دون الاستغراق في التفاصيل ، ..فحوى القصة ان مسؤولا كبيرًا في الحكومة العراقية كان مدعوا للمشاركة في مؤتمر وطني في احدى محافظات الوطن وهذا المؤتمر يتعلق بمستقبل العراق ، وكانت الجهة الداعية وهي جهة وطنية ايضاً قد حجزت لجميع المشاركين في المؤتمر على متن الخطوط الجوية العراقية في رحلة داخلية مدتها 40 دقيقة من لحظة اقلاع الطائرة حتى هبوطها ، المفاجأة كانت ان هذا المسؤول عندما صعد الى الطائرة ولم يجد له مقعداً في الدرجة الاولى استشاط غضباً ثم غادر الطائرة ناقماً ولم تنفع معه توسلات واعتذارات المعنيين !!! ..
اقول اذا كان مقعد من الدرجة الثانية في رحلة داخلية تسبب في اثارة هذه الموجة من الغضب لدى هذا المسؤول .. فهل نتوقع منه ان يتحمل ظروفاً صعبة من اجل العراق ؟!! .. كان الاختبار بسيطاً ولكن النتائج مخيبة للآمال..(مو خوش)
ملاحظة : كان في تلك الطائرة مسؤولون آخرون يجلسون في المقاعد الخلفية من من دون زعل ، وراحوا يتبادلون اطراف الحديث مع المواطنين الأخرين الذين يجالسونهم .. (خوش).
نقلا عن الصباح الجديد