وهذا يضرب للرجل حين يكون غير ملزم بشيء من الاشياء، والاصل فيه ان رجلا شاهد غلاما جميل الصورة، فسأله ماهو اسمك؟ فقال: محمد، فهرع الرجل يقبله من وجهه ويصيح: ( اللهم صل على محمد وآل محمد)، وفي وقت آخر مر عبد اسود ذو مشفرين، فقيل للرجل، قم فقبله فان اسمه ( محمد)، فرد عليهم قائلا: (مو بس آني مسلم)، هناك احتفالات عديدة لشعوب كبيرة ومحترمة، عادة ماتكون هذه الاحتفالات مليئة بالنظام والتنظيم، وتنتهي بصورة طبيعية دون استفزاز لأي احد، يهرولون الهنود خلف الابقار ويتبركون جماعات بفضلاتها، ولا احد يهز لهم شعرة، لأن مايجري عادة ماينبع عن شعب واعٍ يعرف كيف يحتفل، اما حين تكون الفوضى هي سيدة الموقف ويكون الاحتكاك مدعاة للقلق والتوجس فهذه قنابل موقوتة وليست احتفالات.
بقيت جالسا في البيت اراقب المشهد عن كثب، رايات ومظاهر حبذا لو حاولنا استبدالها، كأن مثلا نحمل وردة بدل الراية، ، لأن الراية عنوان للشروع بالحرب، نلغي قضية الاطعمة غير الضرورية، الحوزة العلمية انتقدت قضية التبذير بالاطعمة، ولكنها لم تصدر فتوى واحدة تنظم الممارسة ، زائرون لايعرفون مافعل الامام موسى بن جعفر ليسجن، ولم يقرؤوا من هو هارون الرشيد، انهم يهرولون خلف امر واحد، هو قضاء الحوائج، مع العلم ان البعض منهم يعمل في سرقة الناس ولايتورع عن السرقة في اي وقت، لكنه يقدس الزيارة ويذهب مشيا على الاقدام، لا ادري ماستفعله هذه الازدواجية في هذا الوطن.
حبذا لو تلجأ الدولة الى تنظيم الاحتفالات بهذه المناسبات، وتجعل الطرق مفتوحة ليكون الامر طبيعيا، وتمنع هذه المظاهر المتخلفة التي تجعل منا شعبا ناشئا، لايعرف ان يعيد استذكار رموزه الكبار، ربما تكون زيارة كربلاء اكثر تنظيما، لانها لاتحتوي على اية احتكاكات، لكن بغداد تختلف بحكم ديمغرافيتها السكانية، ولذا علينا ان نراعي مشاعر الآخرين، كنت فرحا بهذا الشاب الذي وضع على صدره لافتة مكتوب عليها: انا سني واحب اخي الشيعي، لكنني ايضا خشيت عليه كثيرا فالبعض لايحب هذا التوجه ومن الطرفين.
انا متأكد ان الامام الكاظم لايحب اراقة قطرة دم واحدة، واذا اردنا ان ننتقم من هارون، فماذنب اخواننا السنة، هل كانوا معاصرين ليزيد ولهارون الرشيد، انا على
يقين ان العالم يضحك منا ويسخر ونحن نخرب وطننا بسرعة كبيرة، ونعطي الحجة الدامغة على مشروعية مشروع التقسيم الذي تعد له اميركا، اعمال القتل والحرق والتهريج، اعمال عدوانية لاتصدر عن امة واعية تريد التعايش مع الآخر، وهي بالنتيجة تعطي مبررات فشلها وذهاب ريحها، ونحن قادرون بكفاءة عالية على تخريب العراق بأية ممارسة عبادية نمارسها.
لعلها تكون خاتمة لاعمال الاستفزاز والحساسية، اما اذا كانت بداية مرحلة جديدة من الطائفية البغيضة، ليصبح القتل والحرق عنوان شعائرنا الدينية فهذه كارثة جديدة ستحل بالعراق، على اساس مناسباتنا الدينية المتكررة، وتذمر الآخر من الفوضى التي نخلفها بعد كل شعيرة نقوم بها، وملخص القول: لسنا بمفردنا مسلمين، وهناك امم كبيرة تدين بالاسلام لاتمارس ممارساتنا، فهل يعني انهم على خطأ، علينا ان نراجع انفسنا فقد باتت مظاهر التخلف تطغى وتمحو ثقافة هذا الشعب الذي صار مجردا من كل شيء الا الاعمال العدوانية.