18 ديسمبر، 2024 6:54 م

مومياء في البيت الأبيض

مومياء في البيت الأبيض

منذ إعلان حملة بايدن الانتخابية يوم السبت 7 / 11 / 2020 فوزه بأغلبية أصوات الكلية الانتخابية وأنه أصبح الرئيس – المنتخب للولايات المتحدة الأميركية، أطلق سياسيون ومحللون ومراقبون وإعلاميون سيلا من التنبؤات والتوقعات والتكهنات بشأن سياسات بايدن وبرامجه الداخلية والخارجية، لكن هذا السيل الجارف من التنبؤات والتوقعات، وحتى التمنيات، أغفلت الكثير، سواء سذاجة أو خبثا!

من حيث المبدأ، وعبر عدد لا حصر له من المقابلات والتصريحات والأحاديث والتعليقات التي أجراها بايدن أو التي صدرت عنه، فضلا عن مناظرتيه مع خصمه ترامب، يمكن بسهولة الاستنتاج أنه فيما عدا وعود بمكافحة فيروس كورونا وزيادة الضرائب وإيقاف إنتاج النفط الصخري وتخفيف القيود على الهجرة والعودة إلى منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، وسياسة متشددة تجاه المملكة العربية السعودية وتركيا والعودة إلى الاتفاق النووي، ليس لدى بايدن برنامج فعلي، متماسك ومترابط. وفي الحقيقة، انصب جل “البرنامج الانتخابي” لحملة بايدن على انتقاد وتسفيه كل ما فعله ترامب، وكأن كل ما فعله الأخير على مدى 4 سنوات أو نحو ذلك، خاطئ وتافه وساذج. والمستغرب أن ترامب وحملته الانتخابية انجرا في أغلب الأحيان إلى الفخ الذي أعده لهما بايدن وحملته الانتخابية. أي أن بايدن أفلح في جعل ترامب في موضع الدفاع في أغلب الأحيان بدلا من الهجوم!

عودة إلى السؤال المهم: هل أن لبايدن بذاته برنامج انتخابي فعلي، متماسك ومترابط؟ بالتأكيد كلا… ولكن لماذا؟ كانت لدى بايدن كل الوسائل والإمكانيات والخبرات فضلا عن الالتزام الأخلاقي والسياسي، لكنه تعمد أن لا يقدم برنامجا انتخابيا تفصيليا، لماذا؟

بايدن متقدم في العمر، سيبلغ الـ 78 عاما يوم 20/11/ 2020، وإذا جرى تنصيبه، كما مقرر، يوم 20/1/2021، فسيكون أول رئيس أميركي بهذا السن يتسلم هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.

بايدن مصاب بالخَرَف أو العته‏، الذي هو تدهور مستمر في وظائف الدماغ ينتج عنه اضطراب في الوظائف السلوكية والقدرات الإدراكية مثل: الذاكرة والتمييز والتفكير المنطقي والحكمة، وهذه صفات لا بد من توفرها في موظفي الخدمة العامة العاديين، فكيف برئيس الولايات المتحدة؟ ومن أبرز مظاهر الخرف: النسيان، وتدهور الذاكرة الآنية والتلكؤ في الاستجابة والرد، وهذ أعراض ظهرت على بايدن أمام الملايين من الملأ. مثلا، في المناظرة الأولى نسي بايدن اسم الجامعة التي تخرج فيها. بعدها، وفي مهرجان انتخابي، أطلق بايدن على خصمه ترامب اسم “جورج”! ولم “يتذكر” بايدن اسم خصمه إلا بعد أن “وخزته” زوجته التي كانت إلى جانبه وهمست “ترامب… ترامب”! ويمكن لأطباء الأعصاب المتمرسين بالوظائف السلوكية والقدرات الإدراكية أن يميزوا إلى حد كبير المصاب بالخرف من كلامه وتعابير وجهه وحركات جسمه، لاسيما الذراعين. والأرجح أن بايدن يخضع لعلاج مكثف بالعقاقير لـ “تكويكه” وإبقاءه “في وعي تام” إلى يوم 20 /1/2021.

ما الذي يعنيه أن يكون هنالك في البيت الأبيض رئيس لا يتمتع بكامل قواه العقلية… رئيس أكبر كيان اقتصادي ومالي عالمي وأكبر قوة عسكرية وتكنولوجية؟ وكيف سيلتقي بادن ويفاوض أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب ورؤساء الدول وكبار الزوار؟ والأخطر من كل ذلك، هل سيكون بايدن من يتخذ القرارات، أم أنه سيتحول إلى “بصمجي” يوقع على مراسيم وأوامر وقرارات لا يعرف كنهها، تعدها حاشيته، حاله حل الهواري بومدين؟

هنالك 3 سيناريوهات لما يمكن أن يحدث بعد تنصيب بايدن: في أفضل الظروف، أن يجتاز السنوات الـ 4 من الفترة الرئاسية بأقل قدر ممكن من النشاط العام، مبتعدا عن الظهور وتاركا لنائبته القيام بكل ما يمكن أن تنوب عنه فيه، أو أن يصبح كـ “المومياء” في البيت الأبيض ويسلم مقاليد الأمور إلى نائبته وحاشيته إلى أن تنقضي الفترة الرئاسية، أو، وهذا الأرجح، أن يستقيل بعد أشهر من تنصيبه، لتتسلم نائبته الرئاسة، وبذلك يكون قد أدى ما مطلوب منه بإيصال امرأة ديموقراطية متطرفة مثيرة للجدل إلى سدة الرئاسة.

خلاصة الكلام، لن يكون بايدن الرئيس الفعلي للولايات المتحدة، بل كمالا هاريس وأوباما وكلنتون ورهط من المقربين في حاشية بايدن والحزب الديموقراطي. وهذا قد يكون السبب الفعلي لعدم التزام بايدن ببرنامج تفصيلي، كي لا يكون ملزما لمن ستخلفه وكي يكون لهاريس ورهط المقربين من الديموقراطيين قدر أكبر من حرية التصرف! لذا فإن كل ما يهرف به السياسيون والمحللون والمراقبون والإعلاميون ليس إلا محض هراء، فمن سيصنع سياسة الولايات المتحدة حقا بعد 20/1/2020 لن يصبح في الواجهة إلا بعد يوم التنصيب! وحينذاك فقط يصح التحليل والتوقع والتكهن!