لاحظ الجميع في الفترة السابقة ولادة مول كبير في مدينة بغداد \ الحارثية وصاحبه تدشين من قبل رئيس الوزراء العراقي وتغطية إعلامية كادت لم تفارقه ليلا ولا نهاراً , معتقدين أن عجلة التنمية بدأت تسيير في الطريق الصحيح وما هي إلا سنوات وتكون بغداد مثل بانكوك أو دبي. هذا الحدث يجعلنا ندق ناقوس الخطر من تنامي موجة بناء مثل هكذا مولات و ينذر بأن إنشاءها في بغداد وباقي المدن العراقية مؤشر على سوء استغلال فرص التنمية الاقتصادية في العراق .
خلال زيارتي للهند عام 2012 وتجوالي في مراكز التسوق الكبيرة فيها , لاحظت شيء مهم ودور كبير جداً لهذه المولات في تسيير حركة التنمية في الهند , لاحظت ان معظم البضائع والسلع الموجودة في المراكز هي صناعة هندية وحتى عندما ظننت أني اشتريت ساعة يدوية من ماركة SEIKO) ) صنع في سويسرا اكتشفت لاحقاً إن الساعة صناعة هندية بامتياز من شركة سيكو السويسرية , وهذا يعني انه لا يوجد مجال للمنتج المستورد في أسواقهم إلا في حدود ضيقة ويعني أيضا أنهم في الهند اهتموا أولا بالتنمية الصناعية والزراعية وبعدها انشأوا المولات التي يعادل كل واحد منها في حجمها واستيعابها أضعاف ما موجود لدينا من مولات نعتقد أنها كبيرة .
حسب المعطيات الأولية إن لم تحدث معجزة تنموية في العراق وتغير كل شيء فان مولاتنا حالياً وربما على مدى السنوات العشرة القادمة ستكون سوقاً ومرتعاً ومتنفساً لبضائع وسلع المصانع الإيرانية والتركية والأردنية والصينية والسعودية والإماراتية .أي تدهور متوقع ان يحدث في معدلات التنمية إن لم تنتبه الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية وتضع الحصان أمام العربة .
ماذا يحدث في هذا البلد؟؟؟ كل شيء يسير بالاتجاه المعاكس !!! القضية قضية إخلاص وعزم على تحقيق الأهداف , اقصر الطرق للتنمية هي وضع أهداف قابلة للتحقيق على المدى القريب والمتوسط وأهداف ستراتيجية نسعى للوصول إليها من خلال استنساخ التجارب الناجحة في العالم ونقوم بما قامت به الدول الناشئة والأمثلة كثيرة منها التجربة التركية والماليزية , ونضيف إلى ذلك إن دول كثيرة تغيرت خلال العشر سنوات الماضية بعد أن كانت دول مغمورة وتعمها الفوضى والجريمة والفساد كالبرازيل تشيلي وكوستاريكا .
مؤكداً, لا يمكن ان تحدث هذه التنمية المرجوة ما لم يكن هناك قرار سياسي مستقل يعبر عن أمال وتطلعات الخيرين والمخلصين من هذا البلد , أي قرار مرتبط بأجندات خارجية سوف يعوق تنفيذ التنمية , لذا على الحكومات القادمة والتي سوف تعمل بأريحية بعد القضاء على داعش الإرهابي واستعادة الأراضي والثقة الكبيرة التي اكتسبتها أن تكون أكثر جرأة في اتخاذ القرارات المصيرية التي تخص التنمية .