نحتاج، نحن مواطنو دولة العراق المنكوبون يومياً بفظاعات تنظيم داعش وسائر القوى الإرهابية، لأن يفسّر لنا السيد محمد علي الحكيم، مندوب دولتنا لدى الامم المتحدة العائش برفاهية في نيويورك، لماذا يرفض أن تساعدنا المنظمة الدولية في التحقيق في جرائم داعش.
ربما لم نزل بعقول أصغر من عقل السيد المندوب، ولم يزل إدراكنا محدوداً بالمقارنة مع إدراكه، فلم نفهم كيف لا ترغب حكومتنا في أن يتّخذ مجلس الأمن الدولي قراراً بإجراء تحقيق لجمع الأدلة والحفاظ عليها من أجل أي محاكمة في المستقبل للتنظيم الإرهابي وقياداته.
كانت المحامية الدولية في مجال حقوق الإنسان أمل كلوني ومواطنتنا نادية مراد، الفتاة الإيزيدية التي تعرضت للاغتصاب والاستعباد على أيدي عناصر داعش، قد دعتا الخميس الماضي إلى السماح بتحقيق تجريه الأمم المتحدة، لكنّ السيد الحكيم قال للصحفيين مُعلّقاً “لا نريد الناس أن تقول لنا ما نحتاج إليه… سنقول لهم ما نريد” ! ثم قال “دعونا نحصل عليها (المساعدة التقنية) من الاتحاد الأوروبي… دعونا نحصل عليها من المملكة المتحدة أو دعونا نحصل عليها من الولايات المتحدة… يمكنكَ الحصول على المساعدة التقنية من أي مكان ولستَ في حاجة إلى قرار من مجلس الأمن للحصول على مساعدة تقنية”!!
شيء غريب حقاً أن يرحّب السيد المندوب بالمساعدة من الاتحاد الاوروبي أو بريطانيا أو الولايات المتحدة ويرفضها من المنظمة الدولية .. هذا ما نريد تفسيراً له من مندوبنا الأممي. في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كنّا نلهث وراء المنظمات الدولية، والأمم المتحدة بينها، كيما تقوم بما كنّا نعتبره واجباً من واجباتها، وهو التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها نظام صدام حسين في الداخل وفي الخارج، وبخاصة جرائم الأنفال واستخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة وجرائم المقابر الجماعية في انتفاضة 1991.
نحن في الواقع في أشد الحاجة الى المساعدة في توثيق جرائم داعش، وقبله القاعدة وسواهما، من المنظمات الارهابية، فمن الواضح أن دولتنا قاصرة، وقد تكون عاجزة عن توثيق كل شيء بالاحترافية اللّازمة (الفساد الإداري والمالي المنفلت لم يترك لنا مجالاً لتكوين الخبرة الكافية)، وبأم العين نرى هنا في بغداد وسائر المدن والمناطق التي تتعرض للجرائم الإرهابية أن الاجهزة الأمنية غالباً ما تتعامل باستهانة مع الادلّة. أول ما تفعله هو إزالة آثار التفجيرات والهجمات الإرهابية، فيما في البلدان الأخرى نجد أن الاجهزة الأمنية تعمل على تطويق منطقة التفجير أو الاعتداء ومنع الحركة فيها ريثما ينتهي الخبراء الجنائيون من جمع كل ما يمكن أن يساعد في الوصول الى مرتكبي الجرم واكتشاف اسلوب الارتكاب والمعدّات المستخدمة فيه، حتى لو كان شعرة من رأس أو ذقن.
تُرى هل يخشى المندوب الحكيم أن تقود عملية جمع الأدلة والتحقيق، إذا ما قامت بها الأمم المتحدة، إلى تحميل أحدهم المسؤولية إلى جانب داعش؟
نقلا عن صحيفة المدي