23 ديسمبر، 2024 5:20 ص

موقف المرجعية الدينية من الهبة الجماهيرية

موقف المرجعية الدينية من الهبة الجماهيرية

هبة الجماهير العراقية العفوية و العنيفة و التي جوبهت بالقمع المفرط من جانب القوات الحكومية ما ادى الى سقوط المئات من القتلى و الجرحى من الطرفين الجماهير المنتفضة و القوات الأمنية حين اندفعت الجموع الغاضبة في كل المحافظات العراقية في مظاهرات عارمة و حين حاولت اقتحام ( المنطقة الخضراء ) في بغداد حيث مقرات الحكومة و الرئاسة و البرلمان و قد كانت تلك الجماهير الغفيرة تطالب بالحقوق الأساسية للبشر في العيش الكريم و توفير فرص العمل و السكن اللأئق و الخدمات الضرورية في الصحة و التعليم و البنى التحتية في بلد يعوم على بحر من الثروات و الخيرات الطبيعية و الخبرات العلمية البشرية التي يعج بها العراق .

كان تدخل الأحزاب الدينية و بالأخص الشيعية منها في الشأن السياسي العراقي و الأستيلاء على مقاليد الحكم و التحكم بمصير الدولة هي المشكلة الكبرى التي اوصلت العراق الى هذا المستوى المتدني في كل شيئ فصار هذا البلد يتذيل القوائم الدولية في كل شيئ ايضآ في التعليم و الصحة و النظافة و افضلية العيش و نقاء الأجواء و ما الى ذلك الا في واحدة فكان يتسيد بها القائمة و هو الفساد المالي و الأداري و التي لم تعجزحكومات الأحزاب الدينية المتعاقبة من مكافحته و القضاء عليه فحسب انما هي الأحزاب الحاكمة عينها من انغمس بذلك الفساد و نهب المال العام فليس من المقبول او من المنطقي ان نطالب الفاسد ان يتخلى عن تجارته و ادواته .

الجهة التي قد تكون الوحيدة و التي لها صوت مسموع و رأي مطاع من الكثير من ابناء الشعب العراقي الا و هي المرجعية الدينية في النجف و عليها مسؤولية كبرى في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الشعب العراقي في حفظ دماء المواطنيين المحتجين و حماية الممتلكات العامة و الخاصة و لطالما كان للدور الأبوي للمرجعية الدينية في الأرشاد و التوجيه من خلال خطب صلاة الجمعة و التي عادة ما تكون عبارة عن وصايا و مواعظ لأتباع المرجعية و من الذين ينفذون التعليمات و النصائح و الأرشادات الصادرة من تلك الخطب و التي كثيرآ ما يشوبها التطرق الى الشأن السياسي العام .

من هذا المنطلق و من هذا الدور الذي كانت المرجعية قد اتخذته لنفسها كان عليها و حين كانت دماء الجماهير الغفيرة تراق برصاص حكومة الأحزاب الدينية و ميليشياتها كان عليها ان تأخذ جانب الجماهير الغاضبة و المحرومة من ابسط الحقوق و بقوة لأن الوقوف في الأزمات العصيبة و الحرجة من هبات الشعوب على الحياد بين الظالم و المظلوم هو خيانة للتعاليم السماوية و التي تؤمن بها المرجعية كما نعتقد و كذلك فأن عدم نصرة المظلوم و الوقوف في صفه هو انتصار للظالم و تقوية لشوكته و دعمآ لديمومته و سطوته و بهذا تكون المرجعية هي امتداد للحكومة الظالمة و أجرأءتها التعسفية .
كان على المرجعية ومن الخلفية الفكرية التي تؤمن بها في ابعاد الدين عن الدولة و امور السياسة ( الا في الأوقات العصيبة كما هي حاليآ ) ان تدعو الى الأستقالة الفورية للحكومة العراقية الحالية الضعيفة و العاجزة عن تقديم أي شيئ للمواطنيين و على المرجعية كذلك ان تدعو في فتوى او بيان او توجيه او ماشابه ذلك من الوسائل الى تحريم العمل السياسي اكان ذلك في الحكومة او في البرلمان على ألأحزاب و الحركات الدينية الشيعية و اعتبار كل من يخالف ذلك هو خارج على ارادة المرجعية و مخالف لتعليماتها و بالأسماء و العناوين مثل حزب الدعوة و التيار الصدري و تيار الحكمة و العصائب و غيرها من التسميات ان عليهم الأبتعاد عن المعترك السياسي و التفرغ فقط بالعمل الدعوي و الأرشادي الأسلامي فأن قبلت تلك الحركات و الأحزاب بذلك فأنها سوف تكون تحت خيمة و رعاية المرجعية و ان رفضت و امتنعت فأن على المرجعية ان تسحب من تلك الحركات و الأحزاب دعمها و شرعيتها التي لطالما تبرقعت بها و ان تعلن ذلك بصراحة واضحة في ولاء تلك المجاميع و أتباعها لتعاليم الولي الفقيه و حوزة ( قم ) الدينية .

هذا الموقف الباهت الضعيف و الغير مبال من الأحداث الذي تبنته المرجعية الشيعية جعل من الحكومة و اجهزتها القمعية و الميليشيات الدينية المتحالفة معها ان تتغول اكثر في مواجهة المتظاهرين و هم المدنيين العزل و تلك القوات المدججة بالسلاح و الحقد الدفين المتأصل على العراقيين و هكذا فقد خرجت المرجعية طواعية من ميدان المواجهة و جعلت ظهر الجماهيرالمنتفضة مكشوفآ و بدون حماية امام الهجوم الوحشي الحكومي المتحالف مع المجاميع الخارجة على القانون و التي تأخذ اوامرها و تعليماتها من حكومة الولي الفقيه الأيرانية في ضرورة التصدي لهذه الجماهير و التي تعتبر خطرآ محدقآ على الحكم في العراق الموالي و المطيع و الخانع لقرارات ( خامنئي ) و اوامر ( سليماني ) و ما هكذا تورد الأبل و لا هكذا تتدبر الأمور يا مراجع الدين العظام .