تعريفات :
بدءاً : يراد بالمركز الديني : المؤسسة الدينية العابرة للجغرافيا والتي لها مسالكها المنهجية،ولها اتباع وعندها رؤى ومواقف محدده ازاء القضايا – وتمارس دوراً مهماً في السياسة المحلية وتؤثر في السياسات الدولية .
الاصوليات : اسم يطلق على الأفكار والمفاهيم التي تتبناها جماعات كايديولوجيات ماضوية غير قابلة للتعامل مع عصورها الحاضرة / بل لديها موقف مضاد للحداثة ، لانها تقرأ الحاضر من خلال الماضي لا بوصفه تراثاً فكرياً تتواصل معه انما بوصفه معياراً للفكر والمدنية والعقلانية المعاصرةوهي انواع ( مؤسساتية اصولية – دعوية اصولية– جهادية أصولية )
ونقصد باصوليات العنف: تلك الجماعات التي ترى ان واجبها الديني حمل الناس على منهجهم ومسلكهم ، وتجيز لنفسها استعمال العنف كوسيلة من وسائل نشر الدين وترى في استعمال القوة والقتل طريقاً شرعياً ، و تاريخياً تعد المراكز الدينية مرتبطة من حيث النشأة والتأسيسبالعواصم السياسية للدول الاسلامية المتعاقبة فالمدينة المنورة عاصمة دولة الإسلام الأولى ( دولة النبوة والخلافة ) ، و الكوفة ( عاصمة الخلافة الراشدة على عصر الامام علي عليه السلام) ، ودمشق ( عاصمة الدولة الاموية ) ، وبغداد ( عاصمة الدولة العباسية ) ، والقاهرة ( عاصمة الدولة الفاطمية ) .وقد ظلت هذه المدن (العواصم)بعد انتهاء عصور دويلاتهم مراكز دينية للمجتمع الإسلامي على الرغم من ان المراكز الدينية مرتبطة بالتاريخ ما عدا المراكز الدينية في ايران ، اما المراكز فهي الازهر الشريف ، مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، النجف الاشرف ، قم المقدسة ).
2- مدينة قم المقدسة في ايران : وهي مؤسسة دينية مرجعية شيعية نشات قبل اكثر من قرنين على تراث القميين الاوائل قبل عشرة قرون أمثال (العياشي ، وابنا بابويه ). ونمت بعد 1979 فصارت موسسة عالمية ذات بنى ارتكازية عديدة
3-النجف الاشرف في العراق : وهي موسسة دينية مرجعية تأسست عام 448 ه عند قدوم الشيخ الطوسي الى النجف، ولطالما غادرها الدرس العلمي الى أماكن أخرى لكنه عاد اليها وبقت ولاتزال مؤسسة مرجعية للشيعة في العالم اجمع .
4- مكة المكرمة و المدينة المنورة : وهي مراكز ثقافية ( غير مرجعية ) في الأصل و بعد ( التحالف القبلي الديني ) بين ( ال سعود – محمد بن عبد الوهاب ) نشات دولة تعتمد السلفية التقليدية،على مسلك الوهابية كحركة دينية تحولت فيما بعد الى حركة سياسية وانضوت ضمن الاستراتيجيات العالمية ولهاتين المدينتين وجود ديني ولهما اعلام ممتاز وتاثير في النفوس.
ما موقف هذه المركز وتياراتها من اصوليات العنف ؟
النجف الاشرف: التيار المرجعي التقليدي وموقفه من اصوليات العنف :
يلاحظ الدارسون ان مرجعية النجف : لم تبد اهتماماَ ملحوظا لنشوء التيارات الأصولية العنفية في اواخر سبعينيات القرن الماضي ولم يظهر لديها رفض فتوائي لهذه الجماعات كما لم تظهر دراسات فكرية عميقة إزاء نشوء ظاهرة التكفير وتداعياته في السبعينات ، بل لم تلاحق هذه الظاهرة حتى بالرصد والدراسة والتحليل ، وقد تطور هذا التيار ( في الثمانينات ) ابان الحرب على ايران والهجمات على الشيعة في الباكستان والهجوم على الشيعة ( أفغانستان ) ، وتحالفهذه الجماعات مع صدام ، وكل ذلك لم يكن حافزاَ للرصد والتحليل ،لتخطيط مستقبلي للمواجهة وتكوين اللوبيات الضاغطة .وبين 2003 – 2014 ، ورغم مرور اكثر من عشر سنوات على بدء ( التفجيرات في العراق ) فلم يتعد موقفها ( الادانة) والشجب وقد ابتعدت المرجعية ُ عن اتهامهم بالتكفير ولم تدع الى قتالهم وتمسكت بالنصح والدعوة الى الوحدة والمواجهة السلمية .
ب / التيار الحركي الشيعي : سار هذا التيار مع المرجعية التقليدية حتى 2006 وعندما اشتدت عمليات القتل الطائفي اضطر الحركيون بدافع الدفاع عن الناس مواجهة العنف الطائفي ( بعنف عقائدي أيضا ) ( داخل العراق ) دون ان يكون للحركيين الاسلاميين الشيعة مجموعات ذكيةتحلل وتدرس الخيارات الاستراتيجية لمستقبل الشيعة في العراق تعمل على دراسة معلوماتية عن مناطق تواجد المتطرفين داخل وخارج العراق ومناطق نشوء الاصوليات العنفية
وبعد 10/6/ 2014 تحرك التيار المرجعي التقليديللمواجهة فأفتى بالجهاد الكفائي لمواجهة عسكرية شاملة لحماية العتبات المقدسة ،وحمايةالوجود الشيعي فتجاوب معه التيار الحركي بالتحشيد ، لكننا الى الان لم نرصد ابدا محاولة لتحليل وتفكيك الظاهرة من الناحية العلمية .
سمات رد الفعل الشيعي : سمات الدفاع الشرعي عن الوجود الشيعي
أ / التمييز بين السّنة المعتدلين الايجابيين والسلفيات كالوهابيه والقاعدة .
ب / لاتزال الدعوة عند مرجعية الشيعة قائمة لاحتواء السّنة وعدم دفعهم للاصطفاف مع التطرف .
جـ / عدم التفكير بوسائل الضغط على السعودية من خلال المنطقة الشرقية مثلاَ .
د / عجز الحركات السياسية الشيعية من اختراق خفايا الصراع السعودي الإيراني ، ويعتقد غيرهم عدم وجود دور مستقل لهم عن السيناريو الإيرانيفي الصدام البارد مع السعودية .ويقال انهم اصطفوا الاستراتيجية الإيرانية في العراق – لاتفاق الأهداف .
الصورة المستقبلية المتوقعة :
مصر ( الازهر ) : تعتبر أصول الازهر اصول شيعية اسماعيلية لكن حاضر الازهر انه مؤسسة سنية صوفية اشعرية ويعاني الازهر من مجموعة متاعب :
موقف الازهر من اصوليات العنف : يرى الازهرفي الجماعات الاصولية :
المراكز الدينية ( الحرمين الشريفين)
اضحت الحجاز في الاونة الاخيرة اقليما احادي المذهب فهم على مذهب الحنابلة : ثم تحولوا الى مسلك ابن تيمية .
ومع نشأة الدولة السعودية صارمسلك الوهابية نظرية سياسية
تقوم المؤسسة السلفية الرسمية بالسعودية بالامور الاتية :
ينتج عنها :
تواجه المؤسسة التقليدية السلفية في السعودية تحديات على المشروعية من :
فالمواقف السياسية للسعودية تدعم داعش والنصرة في سوريا دعما علنيا ، وفي العراق تدعمه دعما سريا ، ويتمثل الدعم بالاموال والأشخاص والاعلام والاسناد السياسي الدولي والمخابراتي. بينما في نفس الوقت تعتبر أي تحرك لداعش في الخليج او الاقتراب من السعودية مدعاة لاستنفار كبير وتسمي داعش تنظيمات متطرفة ترتكب جرائم الحرابة ، وتصفهم بانهم مفسدون في الأرض وتطالب بايقاع اغلظ العقوبات عليهم لكنها في الوقت الذي تكفر الاخرين لا تكفر داعش فالمعلن : ان داعش والقاعدة خرجا من طاعةالعاهل السعودي وامام الحرمين ولان الجماعاتالتكفيرية والدولة السعودية ( يلتقيان مثلا على اسقاط النظام السوري ) فتتحد ارادتهما والتخادم لا يزال قائما ، اما القاعدة ومشتقاتها فهي تفكرعلنا بان تهاجم السعودية وتخطط للوصول الى ثروة النفط ومكانة الحرمين لكن تمويلها الاساس من الاشخاص السعوديين .
وهنا سؤال مهم : لماذا تدعم تركيا داعش ؟والجواب : جاء في بعض التحليلات ان تركيا تريد ان تكون مركزا إسلاميا ( عثمانيا ) وهي انما تدعم داعش فلضرب السعودية للتخلص من مركزيتها الدينية ( المهيمنة ) لتكون هي المركز باعتبارها عاصمة الخلافة الأخيرة وهذا ما يفسر تحفظ السعودية من الإعلان بالدخول بحلف دولي ضد داعش *، لانها اذا أعلنت الدخول في حلف ضد داعش تخشى حركة المتطرفين من داخل المجتمع السعودي وتخرب الجهد المخابراتي التخادمي مع داعش والقاعدة
لقد ظهر بعد الثمانينات ( حلف عالمي – سعودي – صدامي ) ضد الشيعة في العراق وايران و تعاظمت قوى التطرف الديني الذي اقترن بالإرهاب .فصار هدف السلفية الجهادية في كل مكان ضرب ( ايران والشيعة ) ، لكن ايران حققت ردعا استراتيجيا ومخابراتيا لحماية بلدها من ضربات الأصوليين وحققت اتفاقات سياسية مع قوى سنيه معتدلة( الاخوان ) رغم التنافر العقائدي بينهما واستطاعت ان تحمي نفسها من الهجمات البربرية فتركزت هجماتهم الفاشية على شيعة العراق وتتفادى السعودية سؤالا مهما : اذا كنتم صادقين في تدينكم فلماذا تقفون مع الغرب (الكافر ) وتقاتلون من يقاتل الغرب مثل ايران وسوريا و لبنان ؟
قم المقدسة
قم المقدسة : مدينة مقدسة في وسط ايران كانت محط اقامة عدد من المشردين الشيعة كالاشعريين في القرن الثاني الهجري ثم قبل قرابة ثلاثة قرون صارت مقرا لعشرات العلماء المجتهدين وتحولت الى حوزة دينية ايرانية وتعاظم شانها بعد ثورة ايران 1979 وانشات بها مئات المؤسسات الدينية والتحقيقية ونالت دعم الدولة واحتوت على عدد كبير من طلبة العلوم الدينية من عموم انحاء العالم
خلاصة القول : ان المراكز الدينية الكبرى في العالم الإسلامي لا تزال في مرحلة الشجب والادانة والتنديد للاصوليات التكفيرية في احسن الأحوال ، والواقع ان النجف / قم / الازهر / والمؤسسات الدينية بالعالم بإمكانها لثقلها المعنوي ومرجعيتها ان تؤثر على اختيار التابعين لها من خلال :