الكل يعلم ان العراق تعرض الى تدمير و احداث عصفت به كلفته الكثير في الارواح و الاموال و البنى التحتية و جميع مفاصل الحياة و يمكن الاشارة اليها بايجاز في النقاط التالية للمحافظة على بعض التسلسل للاحداث :
ان العراق كان في ظل نظام سياسي مارس القسوة مع معارضيه السياسيين و الذي كلف المجتمع العراقي بعض الضحايا في صفوف مواطنيه سواءا باعدام البعض او سجن و تعذيب البعض او الملاحقة و التشريد للبعض الاخر و هي سياسة فاشلة في نظر جميع العقلاء.
تزامن نجاح ثورة شعبية في ايران مجيء نظام الخميني الذي اعلن اختلافه مع النظام السياسي في العراق بشكل معلن و من اللحظة الاولى لتثبيت كيان حكمه و الذي انسحب الى نشوء حرب ضروس بعد مرور ما يقرب من السنة و نصف السنة على نشوء الحكم الجديد في ايران دامت هذه الحرب ثمانية سنين و التي سفكت فيها الدماء البريئة باعداد غفيرة و أشاعت اليتم و نشرت الثكالى و كلفت الشعب العراقي تأخرا عن الركب العالمي في التقدم العلمي و الاقتصادي و الصناعي و الزراعي و جميع ميادين الحياة و تهاوى الوضع الاقتصادي الى أدنى مستوياته و اهملت الزراعة و الصناعة لانشغال العراق بحرب طاحنة انعكست على مستقبله و مستقبل اجياله .
تورط العراق في اجتياح لدولة الكويت و لعدم اذعانه الى الخروج منها فقد فرض مجلس الامن الدولي قرارات تتعلق بحصارا قاسيا على العراق و بعدها تم مهاجمته باحدث الاسلحة المتطورة و التي انهالت عليه من الجو و البر و البحر و لم تترك جسرا او معملا او معسكرا او ملجأ او مخزنا او مصدرا لتوليد الطاقة الكهربائية إلاّ و دمرته كليا او جزئيا و قد لحق بالشعب العراقي جرّاء هذه الحرب القتل و الرعب و التعويق و التهجير .
استمرت مآسي الحصار الاقتصادي على العراق طيلة 13 سنة رافقها القتل و الرعب و هدم المنازل و المصانع و المرافق العامة بالطلعات الجوية لدول التحالف في سماء العراق خصوصا فيما يعرف بخطوط العرض .
نتيجة الحصار الاقتصادي على العراق خلال هذه الفترة فان العراق لم يستطع الوقوف على اقدامه اطلاقا و انتكس وضعه العسكري و الانساني و الاقتصادي و في جميع مجالات الحياة و انقطع العراق عن العالم و تخلف و تأخر اكثر و لم يستطع العراق من تسيير امور الحياة فيه إلاّ عن طريق امكانياته الذاتية المتواضعة حيث فرضت القيود على التجارة و الصناعة و التعليم و الاستيراد و حتى موضوع النفط مقابل الغذاء و الدواء كانت قيودا كبيرة على حريته في الاستيراد و التعامل الدولي حيث كان يوضع عائد النفط في صندوق الامم المتحدة لا يحق للعراق التصرف فيه إلاّ بعد المراقبة و التدقيق .
فرضت على العراق لجان تفتيشية من قبل الامم المتحدة خلال فترة الحصار لم تترك مكانا إلاّ قامت بتفتيشه و لم تلحظ اي اسلحة غير مشروعة في حوزة العراق .
و بعد هذا الفترة من سنين الحصار و الحروب السابقة التي أنهكته لم يكن العراق يملك القدرة على مواجهة اية دولة او يشكل خطرا على السلم الدولي على الاطلاق .
ان الشعب العراقي لم يكن له اية ارادة في جميع ما حصل من احداث في العراق لكنه تحمل الوزر الاعظم فقد ذاق الخوف و حل به الدمار و القتل و الترويع علاوة على الاذلال و فقدان الاحترام حتى في حالات السفر الى البلدان العربية و ما زال الحال مستمرا الى يومنا هذا .
استمر التهديد ضد العراق لاجهاض نظام الحكم فيه حتى عام 2003 و التلويح بالحرب ضده بالرغم من قناعة الجميع ان الجيش العراقي اصبح ضعيفا هزيلا لايتحمل حربا جديدة ضده و ان تسليحه اصبح لا يقوى على التصدي للجيوش الحديثة و ان الانهيار قد عم ّ في معنويات قطعاته و ان البنى التحتية في العراق اصبحت محطمة و ان العراق لم يقوى خلال فترة الحصار على انشاء محطة لتوليد الطاقة او مصنعا حديثا او مشروعا مفيدا و انشغل بترميم و تاهيل ما يمكن تأهيله بما يتماشى مع حاجات المجتمع العراقي .
و في خلال السنوات التي تلت عام 2000 فقد تراخى النظام في قسوته ضد العراقيين و سمح بقدر من الحريات و سهل فرص السفر للخارج و انشغل في خطط جديدة لاعمار العراق بالامكانات المتيسرة حتى توجه لعمل الخطة العشرية لاعمار العراق بالرغم من التلويح باستخدام القوة ضده كان قائما بذرائع شتى منها امتلاكه للاسلحة المحرمة دوليا و تهديده للامن و السلم العالمي و ملاحقته للمعارضين السياسيين في الخارج .
هنا يأتي دور رجل الدين و المرجع علي السيستاني … و الذي كان و ما يزال يحضى بسمعة طيبة سيما مع المنظمات الدولية …. و كان عليه دورا انسانيا ووطنيا كان عليه اتخاذه … و كان بمقدوره الاتصال علنا بممثل الامم المتحده و ان يعلن موقفه و يوضح للعالم اجمع … بان العراق و في ظروف التفتيش الحاصل في كل جزء و شبر من اراضيه اثبت بانه لا يمتلك ما يهدد به جيرانه من الدول او العالم … و ان الشعب العراقي ذاق الامرين من القتل و الترويع و الاستنزاف و التهجير و فقدان الامن و هدم البيوت و المصانع بل ان القتل لم يستثني حتى الحيوانات واحراق اشجار النخيل … و ان العراق لا يحتمل اية حرب اخرى ضده تأتي على البقية الباقية من جسوره و مصانعه و مراكز علمه و ابحاثه و محطات الطاقة الكهربائية و غيرها من المشاريع الوطنية …. و ان العراق يكفيه ما أضاعه من وثائق و ارشيف تم حرقها بعد احداث خروج الجيش العراقي من الكويت و انهياره و حصول عبث العابثين و ان التجربة اثبتت ان اي حرب جديدة لم تبقي للعراق فيه جزءا سليما و صالحا … علاوة على ما قد يصاحب ذلك من هرج و فوضى و تقتيل و تشريد و فقدان الامان و تمزيق جميع المؤسسات الحكومية …. كان على السيستاني ان يعلن موقفه و يوضح رؤيته للعالم اجمع بان العراق سيقبل على كارثة انسانية بكل المستويات في حالة تعرضه الى حرب جديدة و لا يمكن تعافيه منها …. ان موقفا للسيستاني من هذا النوع كان بامكانه تشكيل ضغطا اعلاميا و سياسيا خصوصا و ان له اتباعا و مريدين في كافة انحاء العالم الاسلامي و منها العراق …. لو كان موقفا واحدا حصل من السيستاني ضد الحرب و هو موقفا انسانيا ووطنيا لا يفخر به هو فحسب بل يفخر به كل العالم لو كان قد حصل ذلك منه … لو حصل منه ذلك لم تكن الحرب كانت قد حصلت في 2003 … و كان قد جنب العراق ما حصل به من ويلات …. لكن للاسف لم يحصل ذلك و بهذا يكون هو يتحمل وزر ما حصل و يتحمل كل قطرة دم اريقت و كل شيء تم تدميره في العراق و كل خراب و دمار ووحشية و انتهاك للاعراض و ضياع للمال و العرض …