23 ديسمبر، 2024 12:53 ص

موقعة ابو عليان في امستردام

موقعة ابو عليان في امستردام

ابو عليان وليكن هذا اسمه, لم تعد الاسماء في الغالب تعني شيئا اكثر من كونها مجرد اسماء. مايميزه كرشه المتدلي ونظارته الطبيه السميكه. صحبني بجولة تعريفية للساحة الحمراء وهي ساحة للبغاء في قلب امستردام وليست موسكو فساحة امستردام الحمراء غير تلك الحمراء في موسكو. مايثير الاهتمام اكثر من اي شئ في هذ الساحة هو ليس بائعات الهوى الشبه عاريات وهن يقفن في دكاكين العرض الزجاجية , بل هو كيف ان المسؤولين في هذه المدينة لايشعرون بالحرج وهم يدمجون حياة الليل ومجتمع الرذيلة بمفردات الحياة اليومية ففي ركن بائعة هوى شبه عاريه وبجانبها مطعم لبيع الفلافل والوجبات السريعه فحتى لو وشى بك واشي يمكنك ان تتحجج بأنك كنت تأكل الفلافل او كنت تشرب القهوة في احدى المقاهي التي تنتشر هناك وتنبعث منها رائحة الحشيش. يوجد محل لبيع الاشياء التذكاريه كل مايبيعه له علاقة بالجنس. لاحرج هذه هي الحرية التي تجعل ابو عليان يفتخر بامستردام وهو لايخجل من ان يقول بانه هولندي ويتجول بقميص هولندا البرتقالي حين يلاعب المنتخب الهولندي الكبار في كأس العالم. بعد منتصف الليل عدنا لشقته في اطراف امستردام بعد جولة طويلة في المدينة التي لاتنام ولم يجعل ابو عليان المناسبة تمر دون ان يجعلني اتذوق الطرشي الذي يحضره بنفسه و الذي يفوق في جودته طرشي النجف واذا حضرالطرشي حضرت معه الكبه التي احضرها ابو عليان من الفريز وهي من صنع يديه لا زوجه التي تغط في النوم الان , يتجول بحريه في المطبخ يعد سفرته وهو في غاية الانبساط والانشراح والليل ليس عائقا, يأكل متى يجوع ويحتفل متي اراد.
هولندا صغيرة وهذا شعار العنصريين الهولنديين الذين ضاقوا ذرعا بالاجانب ويقال ان هولندا تستورد الحجر من السويد وتردم في البحر من اجل توفير مساحات من اليابسة ولكن هذا لم يثني الهولنديين عن استقبال المزيد من الاجئين و المهاجرين وهي وطن مثالي لمواطني العالم المضطهدين والباحثين عن وطن بديل وخصوصا ان لها ماضي استعماري مثلها مثل بريطانيا ولها خبره في التعامل مع الدول المتخلفه.
خرج ابو عليان من الدنيا باثنين من الاولاد الشباب وذات يوم رجع ابنه الصغير للبيت دامي الوجه واخبر البيت بان تشاجر مع بعض الهولنديين وثارابوعليان وخرج طالبا الثأر مصطحبا معه ولديه وهو يخرج من البناية اطلت عليه زوجه من الشرفه ترفع من همته تطالبه بالانتقام ورد الاعتبار وهي تصرخ “بسطوهم ,بسطوهم”. وصل ابو عليان الحانه حيث دارت الموقعه التي تلقى فيها ابنه الضرب والرفس. صعدت الدماء لرأسه وهو يقتحم الحانه وخلفه ولديه, تشجع بالدخان والظلمة التي تغرقان المكان. صرخ وهو يحاول ان يسمع الجميع صوته حتى لايكرر ماسيقوله مرتين, أرني الذي ضربك. ساد صمت ثقيل ووجوم في الحانه, ليس بحاجه ابو عليان ليصرخ ليثيرحفيظة رواد الحانه, لسوء حظه كان هناك فريق بلعبة الهوكي مع معداتهم , عاد للتو من خسارة ثقيلة قدم للحانه للترويح عن النفس ونسيان الخسارة, و لكن ابو عليان يقدم لهم الان بياض على شيك. هجموا عليهم هجمة رجل واحد وهات ياركل ورفس ولم يستثني الهجوم الهولندي احدا ونجح الولدان بالهروب من الحانة ولكن ابوعليان لاطاقة له على الهرب بسبب السن والكرش فنال حصة الاسد من الضرب . لم ينجح الولدان في فك الحصار عنه بل محاولات انقاذه من الطواحين الهولندية باءت بالفشل ونالا قسطا اضافيا من الضرب. اتصلت الام والزوجة بقريب لها بعد ان يأست من عودة الابناء ومعهم الأب المنتقم.خرج الرجل القريب يتسقط الاخبار, عرف بما جرى في الحانة فقصدهم في الطوارئ حيث توقع ان يكونوا هناك و راح يتجول في الممرات والردهات بحثا عنهم. تفرس في الوجوه فلم يعثر على احد منهم ولكن فجأة اوقفه صوت يقول له هاي اني وين رايح , تطلع في مصدر الصوت فعرف انه الابن الأكبر, لم يتعرف على معالم وجهه , ليت الأمر كان كدمات وحسب. حين وقف المبعوث من قبل الزوجة امام ابو عليان الغائب عن الوعي قال له “هم بعد تكول اني هولندي وتشجع فريقهم”