23 ديسمبر، 2024 2:34 م

لا تخلو مخيلة أي امرء من باكورة أحلام وطموحات وامنيات يسعى جاهدا الى تحقيق ما يمكن تحقيقه منها بأية طريقة بصرف النظر عن تنوع الوسائل وأختلاف الازمنة مادامت لا تخل بشرع او تخالف قانون, منها على المستوى الاجتماعي واخرى على الصعيد العلمي وكذلك الجانب العملي كون جلها يصب في بودقة واحدة هو ضمان المستقبل ,وقد تبدأ تلك الاحلام والطموحات منذ نعومة اضافر ذلك المرء او بعمر الشباب او حتى عن كبر المهم انها تبقى الشغل الشاغل له خلال مسيرة حياته مع ايمانه بأنها ليس بالضرورة ان تتحقق جميعها فالرضا كل الرضا اذا تحقق الاغلب الاعم منها او حتى بعضها فتلك نعمة من نعم الله قياسا بآخرين قد لا يحققوا ابسطها وايسرها, والاهم في ذلك كله هو ليس من حق اي مخلوق على وجه الارض ان يقف عائقا او حجر عثرة امام اي انسان يريد تحقيق أحلامه وطموحاته _ما لم يؤثرعليه بأي شيء _وهذا ما يطبق فعلا في اغلب الشعوب الكل يحترم الاخر, ولكن للاسف الشديد فقد حصل العكس تماما مع ابناء شعبنا فقد عمل الجميع _على تعاقب الازمنة_ بكل ما أوتوا من قوة على قتل احلام وطموحات وامنيات هذا الشعب , تارة عن طريق الحكام الظلمة والطغاة وتارة عن طريق المؤامرات الخارجية واخرها على ايدي الارهاب والارهابيين الذين هم اكثر خسة وبشاعة ووضاعة من الأخرين كونهم يستهدفون الانسان نفسه ولا يكتفون بقتل طموحه او تبديد امانيه او عرقلة اهدافه فتلك المسميات بعيدة كل البعد عن قواميس عقول وادبيات الارهاب, فقد راحوا يتفننون بأساليب القتل وطرق الموت بدءاً بالسيارات المفخخة مرورا بالعبوات الناسفة وصولا الى المسدسات كاتمة الصوت المهم اخير انها تحقق مبتغياتهم الخبيثة وترسخ وحشيتهم اضافة الى ارضاء وتنفيذ أوامر ومخططات أسيادهم الانذال ممن هم داخل البلد او من خارجه الذين ابتدعوا لهم مبررات لا تقنع حتى المجانين من خلال اصدارهم فتاوى ما انزل الله بها من سلطان منها اللقاء بالرسول (ص) وكذلك الحصول على القصور والحور العين في جنات الخلد بعد موتهم _ كما يدعون_ علاوة على اقناعهم بأنهم يقتلون أناس خارجين عن الدين ورافضين أتباع الانبياء والرسل,وحتى لو أوهموهم بأن هؤلاء الناس هم من خارج كوكب الارض ويجب قتلهم حتى لا يستحوذوا على كوكبهم فأنهم سيصدقون ذلك من دون ادنى شك ليس لسبب سوى ان من يتبع هذه الثلة الفاسقة من الامراء والشيوخ _كما يطلقون على انفسهم – هم جميعا بلا وعي وفكر ومغسولي الادمغة ومجردي المشاعر والاحاسيس ومسلوبي الرجولة والشهامة كيف لا وهم لا يتلذذون الا بقتل الاطفال والشيوخ والنساء على حد سواء ولم تأخذهم شفقة ولا رحمة ولا غيرة على ما يقومون به لاسيما عندما يختارون اماكن التجمعات مثل الاسواق والملاعب والجوامع والحسينيات ليقينهم التام ان جميع من يرتادون هذه الاماكن هم من الابرياء والفقراء والعزل ونسوا او تناسوا ان منزلة هؤلاء عند الله هي أعظم وأجل من منزلتهم الدنيئة, لاسيما ما قاموا ويقومون به هذه الايام من تكرار العمليات الارهابية بين يوم واخر في مختلف المحافظات وبالاخص العاصمة المنكوبة بغداد فقد توزع الموت بالتساوي على مناطقها وصار الحزن ديدن مدنها وباتت اليافطات السوداء تزين مداخلها ومخارجها واضحى السكان يعيشون الخوف والرعب في بيوتهم واماكن عملهم او مواقع مدارسهم . فقد صار شبح القتل يطاردنا في كل مكان وزمان واضحى هاجس الموت يجعلنا نعيش في دوامة قلق مستمر على انفسنا وذوينا وبالتالي جميعنا نتنازل عن احلامنا وطموحاتنا وامنياتنا المستقبلية واصبح حلمنا الاول والاخير هو الوقوف بوجه هذه الهجمة الارهابية الشرسة التي تواجهنا يوميا فكم من رجل استشهد وترك بعده امراة أرملة وخلف ورائه يتامى لا يعرفون اين ستؤول بهم الايام من عوز مادي وحاجة الى مشاعر آبوية لا يمكن ان تعوض ابدا , وكم  من ام استشهدت وتركت بعدها أسرة انهارت بالكامل لان حنان الام لا يمكن ان يعوضه كل ما في الكون من حنان ,وكم من شاب او شابة فقدوا أخا او أختا كانوا لهم بمثابة صديق الروح والجسد, وكم أبا وأما فجعوا بأولادهم وهذا أشد الآلم وقعا وحزنا لأن فقد الابناء بمثابة موت الاباء أنفسهم.وللأسف وكل الأسف صار جميع ابناء هذا الشعب هم على موعد مع الموت وصار لزاما علينا ان نودع بعضنا البعض يوميا وان يوصي احدنا الاخر اذا شاءت الاقدار ان ينجو من ينجو منا أن يتفقد ذوي وأبناء من راح منا شهيدا وأن يذكرهم دائما بأننا قد رسمنا لهم أحلاما وآمنيات وردية ولكن الموت على يد الارهابيين القتلة قد حال من دون تحقيق ذلك.